يبدو أن حركة مجتمع السلم لم تنفض يديها من رئاسيات 12 ديسمبر القادمة، حيث لا تزال تبحث عن الخيارات المتاحة أمامها في كيفية المشاركة بعد إعلان السلطة العليا المستقلة للانتخابات عن قائمة المرشحين الخمسة، ورغم انتقاد بعض قياديي الحركة لهذه الانتخابات معتبرينها بمثابة “فرصة أخرى ضائعة”، إلا أن قياديين آخرين يعتقدون أنه من “الغباء السياسي” أن لا يبحث الحزب عن صيغة معينة للمشاركة في الرئاسيات، كما يرون أن المرشحين لا بد عليهم من زيارة “حمس” للتباحث معها عن صيغة للتحالف نظرا لوعائها الانتخابي الكبير.
لم تحسم بعد حركة مجتمع السلم قرارها بشأن رئاسيات 12 ديسمبر، و لا تزال قيادة الحزب منقسمة بين من يدعو إلى إيجاد صيغة للمشاركة بعد أن قرر مجلس الشورى في آخر اجتماع له عدم تقديم مرشح عن الحزب، فيما ترك الباب مفتوحا لاحتمالات أخرى، وبين من يفضل المقاطعة، على اعتبار أن شروط تنظيم اقتراع حر ونزيه غير متوفرة لحد الساعة في الجزائر، وبين هذا وذاك تجد الحركة نفسها في رحلة بحث وتحري عن الخيارات المتاحة أمامها، خصوصا بعد أن أزيح الستار بصفة رسمية عن الأسماء المرشحة للتنافس على منصب رئيس الجمهورية.
عبد الرحمان سعيدي:
“غباء سياسي أن لا يبحث الحزب عن صيغة الدخول في الرئاسيات”
وفي هذا السياق، يقول القيادي في”حمس” عبد الرحمان سعيدي، في تصريح لـ”الجزائر”، “رغم أنه من السابق لأوانه الحديث عن تحالفات أو الكيفية التي سوف تشارك بها حركة مجتمع السلم في الانتخابات الرئاسية القادمة، لأن القرار في هذه المسألة يعود لمجلس الشورى والذي كان في قراره الأخير أكد أن الحركة لن تقدم مرشحا عنها للرئاسيات لكنها ستشارك فيها، وأوعز للمكتب التنفيذي للحركة للبحث والتحري في الساحة السياسية والوطنية عن مرشح توافقي”، فالآن –يقول سعيدي- “إذا وجد المكتب التنفيذي هذا المرشح فسيكون معه، أما إذا لم يجده فسيجتمع و يقرر طريقة الفصل في مسألة الرئاسيات، وهنا احتمالات كثيرة، إما المقاطعة، أو التصويت بورقة بيضاء أو بدعم شخصية معينة”.
ويرى سعيدي أن حركة مجتمع السلم “سوف تكون مستهدفة من قبل المرشحين نظرا لما تمتلكه الحركة من قوة ومن وعاء انتخابي كبير”، وقال إنه “من الطبيعي أن يبحث المرشحون على الدعم من عدة جهات وأحزاب سياسية، وعليه من الطبيعي أن تكون الحركة مقصدهم لما ذكرناه آنفا”، ويعتبر سعيدي أنه “من الغباء السياسي أن لا يقصد المرشحون “حمس”، كما أنه من الغباء السياسي أيضا أن لا يبحث الحزب عن صيغة ليقول كلمته في الرئاسيات”.
وبخصوص المرشحين الخمسة للرئاسيات، قال سعيدي أنهم “جميعا خريجو المدرسة الوطنية، ويختلفون في الملامح السياسية، فعبد المجيد تبون وطني محافظ، وعلي بن فليس وطني ديمقراطي، وعبد العزيز بلعيد تقدمي وعز الدين ميهوبي بين التقدمي والديمقراطي، وعبد القادر بن قرينة وطني إسلامي، وأضاف أن “المغيب وسط هؤلاء المرشحين هو المرشح العلماني اليساري”، واعتبر أن جميع المرشحين لديهم مشرب واحد ويختلفون في توجهاتهم.
وانتقد سعيدي من “يخونون الجميع، ويتهمون الجميع بالفساد أو العمالة أو غيرها من التهم”، وقال إن هؤلاء المرشحين “كلهم معروفون في الساحة السياسية، ولا يجب أن ننظر إليهم بعين “الحسابات السياسية أو العاطفة”، وقال إنه “يعتبرهم جميعا ترشحوا ليخدموا الجزائر، غير أنه قال أن المرشح القوي سوف يظهر من خلال برنامجه وكيف ينظر للأزمة التي تعيشها البلاد و كيف سيتعامل معها”.
ناصر حمدادوش:
“هذه الرئاسيات فرصة أخرى ضائعة…لكننا نحترم خيارات الآخرين”
غير أنه وعلى النقيض من تصريحات سعيدي، قال عضو المكتب التنفيذي للحركة ناصر حمدادوش، في تصريح لـ”الجزائر”، في رده على سؤال حول تعليقه على قائمة المرشحين الخمسة للرئاسيات التي أعلنت عنها السلطة العليا المستقلة للانتخابات، السبت الماضي، أن “هذه الانتخابات شكلية وصورية، وهي لا تشكل رهانا حقيقيا للبلاد، بل هي فرصة أخرى ضائعة، والعبرة ليست في مجرد تغيير الأشخاص، بل الأزمة الحقيقية في المنظومة المتحكمة في مصير البلاد والشعب “، وأضاف معلقا:” ومع هذا نحن نحترم الخيارات والاجتهادات السياسية للآخرين، وكل طرف يتحمل المسؤولية السياسية عن ذلك”.
وقال في رده على سؤال آخر حول إن كان أحد المرشحين الخمسة، يمكن أن يكون ” مشروع المرشح التوافقي”، قال حمدادوش:” لا أحد تتوفر فيه شروط التوافق الوطني، ولا أحد لديه رؤية سياسية واقتصادية توافقية، ولا أحد يطرح نفسه مرشح توافقي”، وأضاف :” التوافق الحقيقي هو الذي يكون بين السلطة والمعارضة..من أجل البلاد، أو خارج الطموحات الشخصية والحزبية والإيديولوجية”، غير أنه أكد أن مشروع التوافق الوطني هو الحل الأمثل للجزائر، وإذا تعذر تحقيقه الآن فتبقى الحاجة إليه قائمة، وسواء بعد الرئاسيات، أو بمناسبة التشريعيات والمحليات.
وان كانت “حمس” بذلك قد أغلقت الباب نهائيا من المشاركة في الرئاسيات، قال حمدادوش:”موقفنا من كيفية التصويت يوم الانتخاب بيد المكتب التنفيذي الوطني للحركة، وسيتخذه في الوقت المناسب…وتبقى كل الخيارات حول هذه الانتخابات هي مواقف سياسية محترمة، فهو فعل سياسي سيادي لكل طرف”.
رزيقة.خ