لا تزال حركة مجتمع السلم على الرغم من الردود السلبية التي توالت عليها فيما يتعلق بمبادرة “التوافق الوطني” التي أطلقتها مؤخرا، مستمرة في انتهاج سياسة “المكابرة ” والإستمرار في جولة المشاورات والدفاع المستميت عن مبادرتها التي حملت معها بذور فشلها بالدعوة للإنتقال الديمقراطي بضمانة من الجيش الوطني الشعبي، وهو الأمر الذي لقي رفضا من أحزاب الموالاة والمعارضة الأولى التي رسمت مسعاها مبكرا بالإنخراط تحت لواء “الإستمرارية ” والثانية التي تريد التغيير ولكن بعيدا عن تدخل المؤسسة العسكرية التي لها مهامها الدستورية ولا حياد وأو خروج عنها. الرفض المتوالي لمبادرة “حمس” والتحفظات على بعض محتواها سيما في الشق السياسي جعل القيادة الحالية لـ “حمس” أكثر تمسكا بمبادرتها، سيما بعد تصريحات مقري الأخيرة بالإقرار بوجود “مساحة اتفاق مشتركة” بينها “مما يعد في حد ذاته أمرا إيجابيا” -على حد تعبيره- واعتبر أن الرؤية السياسية تبقى محل نقاش في الوقت الذي يوجد اتفاق فيما يتعلق بالأبعاد الأخرى .
إدارة الظهر …. و تأكيد على الإستمرارية
هذه الردود السلبية دفعت قيادة حمس للبحث عن منقذ لمبادرتها ولو بنسبة ضئيلة جدا وسط المجتمع المدني والشعب، بحيث كشف مقري أن الحزب سيباشر بعد عيد الأضحى الاتصال بمكونات المجتمع المدني على أن تتم صياغتها وإرسالها للمعنيين بعد انعقاد مجلس الشورى الوطني شهر أكتوبر. انقضى ما يقارب أسبوعين على جولة مشاورات “البحث في فائدة التوافق” الوطني والتي دشنتها حركة مجتمع السلم بلقاء مع رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس و الأمين العام للحركة الشعبية الجزائرية واللذين ثمنا المبادرة من باب أن الجزائر بحاجة للتغيير والخروج من حالة الجمود التي تتخبط فيها، ليتبعها لقاء مع السكريتير الأول لحزب جبهة القوى الإشتراكية، هذا الأخير الذي كشف عن موقفه بصفة ضمنية في بيان أعقب لقاء الجانبين حوى سطرا واحدا يتحدث عن اللقاء، وباقي البيان كله تذكير بمبادرة الإجماع الوطني والتمسك بها بإعتبارها الحل لأزمة البلاد والمسعى الأول من بين كافة المبادرات التي طفت إلى السطح والتي حملت “الإجماع والتوافق الوطني” منذ 2014 في إشارة واضحة على رفض دعوى “حمس” اللاءات خرجت أيضا من لسان الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس لخصها في 7 تحفظات على الشق السياسي للمبادرة، تبعها رفض مباشر من غريمه الأرندي في اليوم الموالي قبل إدارة الظهر بشكل نهائي بلقاء الثنائي أحمد أويحيى وجمال ولد عباس بمقر الوزارة الأولى والذي أعلن خلاله الطرفان العمل يدا في بيد كحليفين إستراتيجيين لدعم الرئيس لإستكمال مسعى “الإستمرارية ” والذي انخرط فيه التحالف الوطني الجمهوري بإعلانه دعم الرئيس إلى جانب حزب تجمع أمل الجزائر الذي انخرط هو الآخر في مسعى الإستمرارية.
لقاء الإخوة الفرقاء
وسمحت مبادرة التوافق الوطني بجمع شتات مدرسة الشيخ نحناح على طاولة واحدة في محاولة للوصول لتوافق وطني لحل أزمة البلاد بعدما عجزت كافة المحاولات للم شتات البيت الواحد وإن أفضى لقاء رئيس حركة مجتمع السلم برئيس حركة البناء الوطني وتمخضت الأمور إلى تشكيل لجنة لدراسة الأمور المشتركة بين مبادرة “التوافق الوطني” التي طرحتها هي ومن سبقتها لتبني نفس المسمى والشروع في جولة مشاورات ماراطونية دشنتها بأحزاب الموالاة في محاولة لاستمالتها وقطع الطريق عليها ليطغى مشروع الوحدة بين حركة مجتمع السلم والبناء الوطني، حركة مجتمع السلم من خلال لجنة مشتركة بين الحزبين تباشر إجراءات إنجاز التنسيق والوحدة.
غير المنشق من الحركة عمار غول ورئيس حزب تجمع أمل الجزائر وإن قبل بإستقبال قيادة حمس للتشاور حول مبادرة التوافق الوطني إلا أن الأمور كانت محسومة سلفا بإعلان هذا الأخير بعد يوم واحد فقط من إطلاق الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى لنداء الإستمرارية، حيث أعلن غول الإنخراط في المسعى ذاته، ليلقى مقري الرد مسبقا بالرفض، سيما بقول غول إن حزبه كان قد حسم موقفه من الرئاسيات المقبلة التي سيساند فيها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في حال ما إذا ترشح وذكر عقب لقائه برئيس حركة مجتمع السلم “قلنا سابقا نحن مع ترشح الرئيس ولسنا نبحث عن رئيس توافقي نحن أول من وضع مبادرة التوافق الوطني من أجل الجزائر سنة 2014 وتم التوافق بيننا على الجانب الإقتصادي الإجتماعي والإقليمي في حين تم التحفظ على الجانب السياسي”.
الكلمة للشعب
رفض مبادرة “حمس” إصدمت مع موقف” الكلمة للشعب” الذي تبناه حزب جبهة المستقبل فيما يتعلق بالانتقال الديمقراطي بضمانة الجيش الذي تنادي به حركة مجتمع السلم، بحيث قابل رئيس حزب جبهة المستقبل الأمر بالقول “إذا أراد الشعب الخامسة فلن نعارض ذلك ما دام الشعب هو مصدر السلطة ويختار بكل حرية من يحكمه، فمن غير المعقول أن نفرض شيئا على الشعب يريد غير الذي نطرحه عليه”، وأبدى بالموازاة مع ذلك تحفظه على نقطة تدخل الجيش في الحياة السياسية لكون هذا الأخير مهامه محددة دستوريا، وشدد أيضا على ضرورة توخي الحذر في البحث عن التغيير تفاديا للفوضى التي ذاقت منها البلاد سابقا وطوت صفحتها ولا فصل ثان لها لكون أمن البلاد واستقرارها خط أحمر للجميع .
زينب بن عزوز