يسابق المترشحون الخمسة لرئاسات 12 ديسمبر القادم، الزمن لوضع “اللمسات” الأخيرة حول برامجهم تحضيرا للحملة الانتخابية، وقد يكون البحث عن نوعية الخطاب الذي يجب تسويقه في هذه الحملة لإقناع الجماهير وحصد أصواتهم “أكبر إشكالية” قد تواجههم، خصوصا في ظل الوضع الذي تعيشه البلاد، مع ارتفاع حجم الوعي لدى المواطنين وارتفاع سقف مطالبه أيضا، ما يجعل المترشحين ومن معهم من مدراء حملاتهم، في مواجهة مباشرة مع الرأي العام، كما أنهم مطالبون بـ “الواقعية” والابتعاد عن “بيع الوهم” و”لغة الخشب” ليكون الجانب الاتصالي أكثر إقناعا لدى الناخب.
قد يتمكن المترشحون لانتخابات 12 ديسمبر القادم، من تنظيم توقيت وكيفية تسيير كل التفاصيل الدقيقة الخاصة بالحملة الانتخابية التي سوف تنطلق رسميا هذا الأحد، غير أنهم سيجدون الصعوبة البالغة في صياغة الخطاب الذي سيوجهونه ويواجهون به الناس من الذين ينتقلون إليهم في التجمعات الشعبية التي سوف ينظمونها أو التي تتابع عبر وسائل الإعلام المختلفة، ونظرا إلى الوضع الدقيق الذي تمر به البلاد، من أزمة خانقة في جميع المجالات، واستمرار الحراك الشعبي، وفي ظل ارتفاع سقف الوعي لدى الشعب بمختلف فئاته سيما الشباب منه والذين يمثلون أكبر فئة منه، وارتفاع سقف مطالبهم، أصبح اليوم لا مكان للخطاب التقليدي للمترشحين حسب آراء العديد من المتابعين والخبراء، وهو ما يصعب المهمة أمام المترشحين الخمسة الخاصة بالبحث عن صياغة خطاب يرقى لمستوى هذا الوعي لدى الجمهور ولمطالبه، والقادر على الإقناع الحقيقي لما قد يلمسه من حلول “واقعية” للأزمة بعيدا عن “بيع الوهم” أو “الوعود الفضفاضة” أو” لغة الخشب” التي اعتاد عليها المرشحون في معظم الانتخابات التي عرفتها الجزائر منذ عقود، كما ستكون مهمة المترشحين صعبة أيضا في إقناع الفئة التي ترفض تنظيم الانتخابات بشدة في هذه الفترة الحالية، على اعتبار أن الظروف لا تزال غير مناسبة لذلك حسب اعتقادهم.
وقد تكون قدرة المرشح في الإقناع عبر خطابه هي “السلاح” الوحيد الذي يمكنه كسب مؤيدين له وبالتالي كسب أصوات لصالحه، غير أن المرشح مقيد في هذا الخطاب بعدة ضوابط” قانونية” و”أخلاقية” حددها القانون وميثاق أخلاقيات الممارسة الانتخابية التي سوف يوقع عليها المترشحون مع السلطة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات غدا الخميس.
ميثاق أخلاقيات الممارسات الانتخابية يلزم المترشحين بالإدلاء بـ”تصريحات واقعية”
وضع ميثاق أخلاقيات الممارسات الانتخابية التي سوف يوقع عليها غدا المترشحون الخمسة لرئاسيات 12 ديسمبر القادم، مع السلطة العليا المستقلة للانتخابات، وأسرة الإعلام، عدة نقاط أمام المترشحين للالتزام بها، حيث أوضحت الوثيقة- الميثاق- التي تحصلت “الجزائر” على نسخة منها، أنه يتعين على المترشحين والأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات الحرص دوما على الإدلاء بتصريحات واقعية للجمهور والامتناع عن التلفظ بعبارات القذف والشتم والسب اتجاه أي مترشح آخر أو أحد الفاعلين في العملية الانتخابية أو بأي تصريح آخر يعلمون بأنه خاطئ.
كما شد الميثاق على أنه يتعين على المترشحين والأحزاب المشاركة في الانتخابات عدم الإدلاء عمدا بأي تصريح خاطئ بخصوص النتائج الرسمية للاقتراع، ويجب عليهم الإدلاء بتصريحات دقيقة قصد تفادي أي أقوال خاطئة أو مضللة بما في ذلك في إطار الإشهار للمترشحين أثناء القيام بالحملات الانتخابية، ويتعين عليهم عدم نشر أي إعلان أو وسيلة إشهارية كالمطويات أو الكتيبات أو البيانات أو النشرات الإعلامية أو الرسائل الالكترونية أو اللافتات أو الملصقات التي تتضمن تصريحات لقذف مترشح أو حزب سياسي آخر.
ويلتزم المترشحون والأحزاب المشاركة في الانتخابات باحترام برامج الاجتماعات والتجمعات المندرجة في إطار الحملة الانتخابية المصدق عليها من قبل سلطة الانتخابات، كما يلتزمون باحترام أحكام القانون التي تنص على حضر استعمال أي وسيلة إشهارية تجارية لأغراض الدعاية الانتخابية خلال فترة الحملة الانتخابية وكذا الاستعمال المغرض لرموز الدولة.
ويلتزم هؤلاء باحترام أحكام القانون التي تنص على حظر استعمال أي شكل من أشكال الإشهار للمترشحين خارج الأماكن المخصصة لهذا الغرض، كما يلتزمون باحترام مبدأ عدم استعمال لغات أجنبية خلال الحملة الانتخابية.
ونص الميثاق على ضرورة التزام المترشحين والأحزاب المشاركة في الانتخابات باحترام الأحكام القانونية التي تمنع على المرشحين للقيام الحملة بأي وسيلة أو بأي شكل من الأشكال خارج الفترة القانونية المحددة.
كما أنهم مطالبون باحترام مبدأ حظر استعمال أماكن العبادة والمؤسسات والإدارات العمومية ومؤسسات التربية والتعليم والتكوين والامتناع عن أي تصرف قد يعيق أو يخل بحسن سير الحملة الانتخابية لمترشح آخر.
المكلف بالإعلام بالسلطة المستقلة للانتخابات، علي ذراع:
“السلطة لن تراقب خطابات المترشحين لكنهم ملزمون باحترام القانون”
قال المكلف بالإعلام بالسلطة العليا المستقلة للانتخابات، علي ذراع ، إنه ليس من حق السلطة مراقبة مضامين خطابات المترشحين، إنما ستقتصر مهمتها على توجيههم وحثهم على احترام القانون.
وأوضح علي ذراع، في تصريح للإذاعة الوطنية، مساء أول أمس، إن “السلطة المستقلة للانتخابات لا يحق لها التدخل في خطابات المرشحين للرئاسيات، لكننا نأمل أن تكون خطاباتهم جامعة”، وأكد أنه لا يجب أن يمس خطاب المرشحين بالثوابت الوطنية مثل الوحدة الوطنية والرموز الوطنية والمؤسسات الوطنية التي تتمتع بالرمزية الوطنية، ويجب أن يكون بعيدا عن أي خطاب عنصري أو جهوي على اعتبار أن كل مترشح هو مشروع رئيس جمهورية “، وقال إن مهام السلطة في هذه المرحلة ستقتصر على توجيه المترشحين وحثهم على احترام القانون ودعوة وسائل الإعلام على التزام الحياد والمساواة في عملهم، وأوضح المكلف بالإعلام بالسلطة قائلا: “نحاول أن نكون عادلين بين كل المترشحين، إذ نعمل على تقسيم الوقت بين كل الوسائل الإعلامية العمومية، كما سنحاول ضبط ذلك في المؤسسات السمعية البصرية الخاصة وكذا في الجرائد الوطنية”.
وأضاف علي ذراع: “سنوجه خطاب توجيهيا لكل المؤسسات الإعلامية نذكرهم فيه بان تكون فيه تغطية الحملات الانتخابية إعلاميا متوازنة بين كل المترشحين بون أي تمييز”.
فيما يصف على ذراع مسألة التنسيق بين السلطة الوطنية لتنظيم الانتخابات والسلطة الضبط السمعي البصري أن مستوى: ” التنسيق بين الهيئتين في أعلى مستوياته لإنجاح سيرورة المرحلة المقبلة وكل طرف طبق ما هو منصوص عليه قانونا من جهته انطلاقا من القرعة لتقسيم الأدوار بالنسبة للتعبير المباشر في المؤسسات السمعية البصرية الوطنية وكذا المؤسسات الإعلامية والصحفية غير الحكومية”.
وفي السياق ذاته ، فصل القانون العضوي لانتخابات ضوابط الحملات الانتخابية لضمان حملة انتخابية نظيفة دون المساس برموز الدولة، كما يلزم بالامتثال إلى قواعد الحملة الانتخابية تعزيزا لمبدأ الشفافية والنزاهة وفي ذلك، يفصل الأستاذ المتخصص في القانون الدستوري، طاهر الدين عماري، في تصريح له قائلا: “لقد حدد هذا القانون القواعد المتعلقة بإجراء الحملة الانتخابية وشروطها من حيث شكل هذه الحملة أو مضمونها، وتتلخص القواعد الشكلية في مجملها في الملصقات الإشهارية للمترشحين وتحديد أماكنها، وكذلك في العلاقة مع مختلف وسائل الإعلام ، أما من حيث المضمون فينص على كيفية ممارسة وإجراء الحملة الانتخابية “.
رزيقة. خ