السبت , نوفمبر 16 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الاقتصاد / بهدف الوصول إلى تغطية 80 بالمائة من احتياجات السكان من خلال مياه البحر المحلاة:
خطط استباقية لمواجهة شح الأمطار.. وتحلية مياه البحر الطريق الإستراتيجي

بهدف الوصول إلى تغطية 80 بالمائة من احتياجات السكان من خلال مياه البحر المحلاة:
خطط استباقية لمواجهة شح الأمطار.. وتحلية مياه البحر الطريق الإستراتيجي

تسارع الجزائر لوضع خطط استباقية لتوفير المياه للمواطنين وللاستعمالات الأخرى في مختلف المجالات لاسيما منها الإقتصادية مثل الزراعة، وذلك بعد انقضاء أزيد من شهر من فصل الشتاء دون تساقط للأمطار، وتراهن في مسعاها على تحلية مياه البحر كخيار استراتجي على اعتبار أن مياه البحر تمثل مصدرا غير قابل للنضوب.
دفع شح الأمطار الناجم عن التغيرات المناخية الحكومة إلى الإسراع في وضع استراتيجية لتوفير المياه، وهي مستمدة من تلك التي أطلقتها السلطات منذ عامين والتي تعتمد بالأساس على التوجه نحو تحلية مياه البحر كبديل وخيار حتمي على اعتبار أن مياه البحر تمثل مصدرا غير قابل للنضوب.
وقد باشرت الجزائر في تطبيق هذه الإستراتيجية وبشكل متسارع منذ عامين، حيث تم إنشاء العديد من محطات تحلية المياه بعدد من الولايات الساحلية، إذ تعتبر هذه المحطات خيارا استراتيجيا لكسب الأمن المائي وتنمية الاقتصاد، إضافة إلى ذلك فتحلية مياه البحر تساهم حاليا بنسبة كبيرة من مصادر المياه الصالحة للشرب، ولاحقا ستكون مصدرا للريّ في الزراعة.
ومع استمرار شح الأمطار وفي عز فصل الشتاء، تم إنشاء مخطط استعجالي، يهدف إلى سنّ سياسة جديدة لاقتصاد المياه وطنيا، والحفاظ على الثروة المائية الجوفية، حيث أسدى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء في 8 جانفي الجاري، تعليمات للحكومة لإنشاء هذا المخطط الاستعجالي، وإعادة تحريك وبعث كلّ المشاريع المتوقفة، لمحطات تصفية المياه المستعملة، عبر الولايات، وإدخالها قيد الاستغلال، لاستخدامها في الري الفلاحي، عوض المياه الجوفية، إضافة إلى إنشاء مخطط لتعميم محطات تحلية مياه البحر، عبر كامل الشريط الساحلي، تجنبا لتداعيات الأوضاع المناخية الصعبة، التي يمر بها العالم.
كما أمر بالمراقبة الصارمة، لتراخيص استغلال المياه الجوفية، لسقي المساحات المزروعة، مع تسليط أقصى العقوبات، ضد أعمال حفر الآبار غير المرخصة، مع تفعيل دور شرطة المياه، التي تختص في مراقبة مجالات استعمال المياه في كل المجالات ومحاربة التبذير، لمراقبة استغلال المياه، عبر الوطن، ناهيك عن استحداث مؤسسات ناشئة، في إطار منظور اقتصاد المياه والأمن المائي، متخصصة في تقنيات استغلال المياه المستعملة، وإنجاز دراسات علمية عاجلا، لتحديد دقيق لوضعية معدل مياهنا الجوفية.

تحويل المياه المحلاة إلى السدود ثم توزيعها.. خيار قابل للتنفيذ
اعتبر خبراء أن التوجه بقوة نحو تحلية مياه البحر الأفضل له أهمية كبيرة في توفير المياه العذبة، وذلك لعدة اعتبارات منها: أن مياه البحر مصدر مياه لا ينضب، ثانيا أن الجزائر لديها شريط ساحلي واسع يمكن أن تستثمر به العديد من محطات التحلية التي يمكنها أن تمول الولايات الساحلية وحتى الداخلية من خلال نقل المياه من محطات التحلية إلى السدود ومن ثمة توزيعها، وهذا سواء لتوفير مياه الشرب أو للزراعة، للتقليل من استهلاك المياه الجوفية.
وفي هذا السياق، قال الخبير الطاقوي، أحمد طرطار، إن “إستراتيجية الدولة لتوفير المياه بالاعتماد بالخصوص على تحلية مياه البحر هي ضرورة فرضتها الظروف المناخية التي يعيشها العالم بأسره، في ظل شح الأمطار، وهذا ما يحتم وضع سياسات مائية جديدة تتوافق مع هذا الظرف”.
وأضاف طرطار في تصريح لـ”الجزائر” أن “هذه الإستراتيجية لتوصيل المدن، خاصة الكبرى منها بالمياه المحلاة من البحر، هي إستراتجية طويلة المدى، وقد تم البدء في تطبيقها منذ 20213، غير أنه ومع التغيرات المناخية التي أصبحت أكثر قساوة، كان لا بد من تطويرها، لتصبح اليوم تشمل مختلف المدن الساحلية والداخلية والقرى”.
وأكد الخبير الطاقوي أن هذه الخطة تدخل في إطار تكملة إستراتيجية “توفير الرفاهية”، إذ يمكن وعن طريق تحلية مياه البحر، نقل هذه الأخيرة عبر الأنابيب نحو السدود ومختلف الولايات، وقدم مثالا عن ذلك بـ”النموذج الليبي” حيث تم تحويل العديد من المناطق الصحراوية إلى مساحات خضراء بفضل تحويل مياه البحر المحلاة من المناطق الساحلية نحو السدود الداخلية، وهو ما ساعد حتى على تلطيف المناخ بفضل هذه المياه بعد تشجير المناطق التي تعبر منها الأنابيب الناقلة للمياه المحلاة”.
وبخصوص تكلفة محطات تحلية المياه وإن كانت أكثر أو أقل تكلفة من الحلول الأخرى التي يمكن أن تلجأ إليها الدولة لضمان الأمن المائي للبلاد، قال طرطار، إنه “في ظل شح الأمطار وتراجع احتياطات السدود لا خيار آخر إلا التوجه نحو تحلية مياه البحر”.
واعتبر أنه “لا يمكن موازنة التكاليف عندما لا تكون هنالك حلول بديلة”، موضحا أيضاً أنه “لا يمكن أيضا قياس التكلفة إذا ما نظرنا إلى أهمية ما تقدمه من خدمة تتعلق بتلبية احتياجات الساكنة، وتنمية المناطق والفلاحة والصناعة ومختلف المجالات الأخرى”.

الهدف الوصول لتغطية 80 بالمائة من احتياجات السكان من خلال مياه البحر المحلاة
كان وزير الأشغال العمومية والري والمنشآت القاعدية، لخضر رخروخ، قد أكد أول أمس، “حرص السلطات العمومية على مواصلة ضمان توفير المياه الصالحة للشرب للمواطن وفق مبدأ المساواة والعدل مع تحقيق التوازن بين مختلف مناطق البلاد، كما أكد أنها تولي اهتماما بالغا لمواجهة تبعات الأزمة المائية لاسيما باعتماد خيار تحلية مياه البحر”.
وقال رخروخ بأن “الهدف هو الوصول لتحلية مياه البحر تسمح بتغطية 80 بالمائة من احتياجات السكان، إضافة إلى مياه السدود التي تستغل لتزويد المدن الداخلية، وهو ما من شأنه أن يحدث توازنا في توفير هذه الخدمة العمومية لكل المواطنين في مختلف مناطق الوطن”.
كما ذكر الوزير بالاجتماع الحكومي الأخير الذي تقرر من خلاله تسجيل برنامج استعجالي إضافي قصد التحضير الجيد لشهر رمضان ولموسم الاصطياف لسنة 2023 لمواجهة ظاهرة شح الأمطار، كما أشار إلى حرص السلطات على تثمين المياه الجوفية عبر الوطن بصفتها مصدرا أساسيا آخر لتوفير المورد المائي.
وفي هذا الشأن، أعلن عن إطلاق دراسة وطنية شاملة لمعرفة الحجم الحقيقي للمياه الجوفية المستغلة سنويا وإعداد خارطة طريق فعالة تضمن الاستغلال العقلاني لهذا المورد والحفاظ عليه للأجيال القادمة.
هذا وأشار إلى أن متوسط نسبة امتلاء السدود تبلغ 32 بالمائة، وأنها تشهد انخفاضا بـ5 بالمائة مقارنة بالسنة التي قبلها.
وشدد الوزير على ضرورة الاستعمال العقلاني لهذا المورد الحيوي والاستراتيجي خاصة مع التغيرات المناخية وشح تساقط الإمطار في بعض الولايات وانعكاساته السلبية على نسبة امتلاء السدود.
وفيما يخص الحد من ظاهرة تبذير هذا المورد الاستراتيجي، تطرق الوزير إلى ضرورة “تفعيل شرطة المياه ومحاربة الحفر العشوائي وغير المسؤول وبدون دراسة للآبار”، لافتا إلى خطورة هذه السلوكيات التي قد تؤدي إلى تدني مستوى ونوعية المياه الجوفية في البلاد.
رزيقة. خ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super