أصدرت دار ضمة للنشر المجموعة القصصية “حرائق البحر” الصادرة للقاص والسوسولوجي عمّار بلّحسن.
وكتب تقديم الإصدار الروائي واسيني الأعرج، حيث قال بأن عمار… مشروع مفتوح على المدى عمار بلحسن، أو اعمر كما تنطق في امسيردا، طاقة قصصية وقصصية خلاقة. شكّل ظاهرة مميزة، وخط طريقا للقصة لم يسبقه إليه أحد. كان منصتا لصوت الحداثة الذي اخترق منجزه الأدبي والفكري. فقد ارتقى بهذا الفن عاليا لغة وموضوعات، من الحياة اليومية الوهرانية الصعبة، إلى الحب المستحيل في مدينة الممنوعات، إلى قصص البحارة والناس الذين يجهدون من أجل عيشهم. دون أن يغفل الجانب الفني الذي يشتغل بقوة في قصصه. من هنا، كان رهانه فنيا أكثر منه إيديولوجيا. جعل من اللغة والشكل هدفا أسمى لكتاباته. وفوزه بجوائز القصة القصيرة في الجزائر، على ندرتها، في السبعينيات، يبين إلى أي حد كان عمار مبدعا كبيرا. شكّل صدور مجموعته حرائق البحر في بغداد، حدثا مهما إذ فتح الطريق أمام هذا الفن لينتقل من المحلية الوطنية باتجاه افق عربي أكثر اتساعا (مقالتي في الجمهورية). في السنوات الأخيرة، قل نتاج عمار في كتابة القصة القصيرة. أمران كسرا هذا الخط العظيم في اعتقادي. أولا البحث الأكاديمي الذي التهم قبله الكثير من المبدعين. كان منهمكا في إنجاز مشروع فكري حول المثقف ودوره التاريخي، على إيقاع ما سبق أن قام به الباحث عبد القادر جغلول الذي سجنه العمل السياسي (مستشار في الرئاسة) حتى وفاته. ثانيا الموت الذي سرق عمار، للأسف في وقت مبكر، ولم يمنحه فرصة أن يجعل من الكتابة القصصية خيارا ذاتيا حيث تفرده الكبير. تحادثنا كثيرا في هذا الموضوع، في مقهانا الثقافي، سينترا Cintra، وفي مقر جريدة الجمهورية، وفي بيته لاحقا، وبيوت أصدقاء علم الاجتماع، عن هذه الخيارات التي سلكها، العقل والتحليل العلمي، والإبداع القصصي الذي يقتضي قدرا من الجنون. لكن قناعة عمار مالت في السنوات الأخيرة، نحو العمل الجامعي. فخسرنا القاص، وخسرنا الباحث لأن تجربته لم تكتمل، فقد سرقها الموت. إلى اليوم لم يعوضه قصصيا أحد. فبقي علامة متفردة ومشروعا مفتوحا على المدى. لروحه الرحمة والسلام.
يذكر أن عمار بلحسن هو كاتب ومؤرخ وروائي وعالم اجتماع جزائري من مواليد مسيردة بولاية تلمسان غرب الجزائر ويكتب باللغة العربية في جميع المجالات الأدبية والاجتماعية ويؤرخ للجزائر وهو من المدافعين عن اللغة العربية والهوية الجزائرية، توفي عام 1993.
ص ك