أصدرت دار ومضة للنشر والتوزيع والترجمة، كتابا جديدا بعنوان: “المنطق الرّياضي عند الخليل بن أحمد الفراهيدي بين التأصيل وأوجه التأثير -دراسة وصفية تأصيلية مقارنة في ضوء اللسانيات الرياضية واللسانيات الحاسوبية-” للدكتورة عواطف قاسمي الحسني.
ووفق ماجاء في الكتاب، فإنّ الهندسة الفكرية العلّمية ذات الإطار الرياضي المحكم الذي بنيت عليه العلوم اللسانية عند العلماء الأولين وعلى رأسهم الخليل بن أحمد الفراهيدي تقود الفكر المتأمل المتفحص إلى الوقوف بدقة وحذر شديدين أمام المقتضيات الخاصة بالعقل العربي، الذي حدثت له طفرة قافزا بالحضارة الإنسانية قفزة تشكل طفرة استثنائية في حد ذاتها، إذ تثير بعض الدراسات الحديثة قضية تأثر الخليل في منطقه الرّياضي بالفكر اليوناني وبمنطق أرسطو، غافلة تلك الدراسات عن أصالة فكر الخليل المرتبط بوهج الفكر النوراني للنص القرآني والعلوم الشرعية، والنابع من عبقرية علمية رياضية خصه الله بها سابقا بها عصره وزمانه.
وغفلت تلّك الدراسات عن حقيقة جوهرية هامة في مسار تاريخ العلوم العربية وهي أن الخليل بن أحمد الفراهيدي لم يعاصر ولم يحتك بحركة ترجمة العلوم اليونانية إلى اللغة العربية، سواء أكانت علوما عقلية منطقية أم علوما رياضية، وفي الاتجاه المقابل يغفل الدرس الحديث عن تأثير الخليل بمنطقه الرياضي في العلوم اللسانية المعاصرة: اللسانيات الرياضية واللسانيات الحاسوبية، بل وفي منطق العلوم الرياضية التراثية والحديثة، وذلك في مفارقة عجيبة في تلاقي العلوم وتأثيرها في بعضها وفق النسق الابستمولوجي، فالمنطق الرياضي للخليل بن أحمد الفراهيدي منطق أصيل صادر عن بيئته العربية ذات النص القرآني الإعجازي، والرسالة النبوية التي شكلت قفزة وطفرة في تاريخ الوجود الإنساني، ونقلت العقل العربي إلى عالم الوهج العلمي، وبناء حضارة إسلامية قادت الفكر الإنساني لقرون ممتدة.
صبرينة ك