مع بداية كل موسم دراسي، يلجأ العديد من أولياء التلاميذ لتسجيل أبنائهم في الأقسام الخاصة بدروس الدعم، بعد أن كانت استثناءا يلجأ إليه من يعرفون ضعفا في بعض المواد أو أقسام الامتحانات المصيرية، مما حولها إلى نوع من أنواع البزنسة، عند بعض الأساتذة والمعلمين، ممن باعوا ضميرهم من أجل كسب المال، في ظل حديث وزيرة التربية نورية بن غبريط عن تحسين حوكمة المدرسة وتعزيز مكانة وأهمية التكوين، مؤكدة أن مدرسة الجودة تحتاج إلى بلوغ الاحترافية في ممارسات التعليم والتسيير وجعلها في خدمة التلميذ. فأين هي المدرسة الجزائر من هذه الأهداف التي أعلنت عنها الوزيرة في ظل تزايد الإقبال على دروس التدعيم التي جعلت معلمي وأساتذة المؤسسات التربوية النظامية جنودا بالليل والنهار وأيام العطل الأسبوعية والموسومية يفتحون بيوتهم ويستأجرون شققا ومستودعات وينشئون مدارس خاصة بالتدعيم؟
وفي هذا الشأن، يرى بعض البيداغوجيين ممن تحدثت إليهم “الجزائر”، أن كلام الوزيرة يناقض الواقع تماما، فسبب انتشار الظاهرة حسبهم يكمن في ضعف الأساتذة، خاصة الذين لم يتلقوا تكوينا في المجال ووظفوا مباشرة عن طريق الامتحانات، فيما أكد آخرون أن الدروس الخصوصية باتت شرطا إلزاميا للنجاح في المدرسة بتفوق.
المستشار التربوي وعضو نقابة الساتاف نبيل فرقنيس:
بعض الأساتذة باعوا ضميرهم من أجل المال
قال المستشار التربوي وعضو نقابة الساتاف نبيل فرقنيس أن هناك بعض الأساتذة باعوا ضميرهم من أجل المال، حيث أن الدروس الخصوصية حطمت القيم والرسالة التي يحملها المعلم وأفسدت الطباع وزادت من طمع الكثيرين، كاشفا ان هناك بعض الاساتذة يمارسون الدعم داخل مستودعات يصل عدد الطلبة فيها الى 120.
ودق فرقنيس ناقوس الخطر من انتشار هذه الظاهرة التي أصبحت تهدد مستقبل التلاميذ، داعيا للتصدي لها، لاسيما بعدما أصبح المستوى التعليمي في الحضيض، متهما البعض منهم ببيع أسئلة الامتحانات خلال تقديم الدروس التدعيمية، من أجل توافد التلاميذ على الدروس الخصوصية.
وأكد أن الأولياء لا لوم عليهم لان همهم الوحيد هو نجاح أبنائهم وحصولهم على علامات ممتازة، وهذا لا يتم إلا بالدروس الخصوصية، وهذا ما جعل المستوى التعليمي في تدني مستمر، خاصة وان الظاهرة استفحلت في جميع المستويات التعليمية.
المفتش الأسبق عبد القادر فوضيل:
لا يمكننا الحديث عن جودة التعليم في ظل توظيف أساتذة دون تكوين
اورد المفتش الاسبق عبد القادر فوضيل انه لا يمكننا الحديث عن جودة التعليم في ظل توظيف اساتذة دون تكوين، مؤكدا أن هذه الظاهرة ليس من السهل محاربتها، بعد أن استفحلت في الآونة الأخيرة، داعيا إلى التصدي لها ومحاربتها، وذلك بتجنيد جميع الجهات.
وأكد أن الدروس الخصوصية تتم في اغلب الاحيان في اماكن غير مؤهلة لذلك، حيث يقدم الأساتذة الدروس الخصوصية في مستودعات، كما أن الأماكن التي يستعملها بعض الأستاذة لتقديم الدروس الخصوصية غير مؤمّنة، وهذا ما يستدعي إطلاق صفارة الإنذار من أجل القضاء عليها في أقرب وقت، مشيرا الى ان مثل هذه الدروس ترهق التلميذ وتفقده توازنه المعرفي والنفسي، خاصة وانها تكون على حساب عطل التلاميذ في نهاية الأسبوع أو خلال العطل السنوية، وهو اعتداء على حق التلميذ في الراحة.
للاشارة، خلال اشراف وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط، الأربعاء الماضي، على الانطلاق الرسمي للموسم الدراسي 2018/2019، قالت ان هناك ثلاثة أهداف سيتخللها الموسم الجاري، ويتعلق الأمر بالبيداغوجيا وتحسين حوكمة المدرسة وتعزيز مكانة وأهمية التكوين، مؤكدة أن مدرسة الجودة تحتاج الى بلوغ الاحترافية في ممارسات التعليم والتسيير وجعلها في خدمة التلميذ.
وقالت الوزيرة، أن جودة المدرسة تستدعي حب المهنة والتفاني بالتكفل التام بالتلاميذ الذين يعانون صعوبة في التعلم، كما طالبت الوزيرة بتجنيد كل الإمكانات البشرية والمادية لانجاح الموسم الدراسي.
نسرين محفوف