لا تزال الصعوبات والمشاكل التي تشهدها المنظومة التربوية والتطورات التي مست المدرسة الجزائرية محل اهتمام المختصين، الذين أجمعوا خلال الندوة التربوية نظمتها حركة البناء الوطني المنعقدة أمس بعنوان المدرسة الجزائرية حصن القيم الوطنية بفندق السلطان بالجزائر العاصمة، على خطورة الوضع الذي تعيشه المدرسة الجزائرية في ظل غياب استراتيجية واضحة المعالم و الأسس، مشددين على ضرورة إعادة النظر و تحديد المفاهيم والأهداف الواجب الانطلاق منها.
بلمهدي:
ضرورة إنشاء مجلس وطني للمنظومة التربوية
دعا رئيس حركة البناء الوطني في الندوة التربوية الوطنية مصطفى بلمهدي خلال كلمته الافتتاحية بالندوة التربوية، إلى ضرورة إخراج المدرسة الوطنية من التجاذبات الحزبية، مطالبا بتأمين المنظومة التربوية بجعلها قضية دولة وليس ملفات وزارية
كما أشار بلمهدي إلى العوامل الرئيسية التي دفعت حركة البناء الوطني إلى تنظيم ندوتها التربوية ، مبرزا إياها في ثلاث نقاط رئيسية و التي يأتي الخوف على التاريخ والثوابت الوطنية في مقدمتها، بالإضافة إلى الخوف على الانسجام الاجتماعي، وكذا الخوف على مستقبل التنمية في البلاد، سيما و أن المدرسة الجزائرية لم تعد ذلك الحصن الآمن لا لتاريخ الشهداء والموروث الفكري والثقافي والتحرري للجزائر ولا للإسلام في مبادئه ونصوصه وأخلاقه ومظاهره ـ حسبه ـ حيث عبّر قائلا : ” المدرسة اليوم انزعجت من البسلمة، والبسملة هي البداية، وإذا انحرفت البداية انحرفت المسيرة”.
هذا و شدد رئيس الحركة على ضرورة إنشاء مجلس وطني للمنظومة التربوية تضطلع بالفعل التربوي والتعليمي للأمة في ظل رؤية إصلاحية واحدة وثابتة تصدر عن حوار وطني لإيقاف الإصلاحات المزاجية التي صارت مرتبطة بتوجهات الوزراء المزاجيين و الذين لا تربطهم صلة بالقطاع التربوي، حيث اعتبرهم على حد قوله: ” وافدون في ظل الحسابات الحسبية والتغيرات الحكومية والانتخابية التي أصبح لا يشارك فيها إلا القلة القليلة من المواطنين، و التي تجعلها تفتقد الى السند الشرعي الكامل”، كما دعا الى سد الطريق أمام المتلاعبين بالمنظومة التربوية والذين يختبئون وراء برنامج رئيس الجمهورية، هذا الأخير الذي أكد انه لم يدعٌ إلى معاداة فلسطين، ولا لمعاداة اللغة العربية و لا الإسلام، و لم يأت بمثل هذه السلبيات الواقعة في المنظومة التربوية في برنامجه إطلاقا.
كما لفت الانتباه الى أن الانتخابات القادمة تعد فرصة من اجل إخراج البلاد من مسار الانحدار كما بإمكانها تعبئة الشعب باتجاه الثقة والعمل والتضامن، مخاطبا في الوقت ذاته المسؤولين بالتحرك لإيقاف تعسف الإدارة التي أصبحت تتهم كل من ينافسها في الانتخابات بأنه خطير على أمن الدولة.
مخانق:
ضرورة تدارس الآليات للحد من خطورة الوضع الراهن
وتأسف الأمين العام لحركة البناء الوطني محمد مخانق في مداخلته على الواقع الذي وصلت إليه المنظومة التربوية، محملا القائمين عليها مسؤولية ما آلت إليه، مشيرا إلى أنها تعد من أخطر المنظومات في كل البلدان، سيما وأن كل الأجيال مربوطة بها.
وأوضح مخانق في السياق ذاته، بأن فشل المنظومة التربوية الجزائرية يعود للغموض الذي يكتنفها، مشيرا إلى بأنه يتوجب على القائمين على القطاع وضع الآليات والاتفاق على نوع الإنسان الذي يراد تكوينه من خلال هذه المنظومة قبل وضع الخطوط العريضة لها باعتبار أنها من تصنع المجتمع ككل، و تسائل سبب عجز المنظومة التربوية في تحقيق المنهج الديمقراطي الذي جُعل عنوانا للدولة و لماذا تشهد الإقصاء والتهميش؟ إذا كانت المنظومة التربوية الجزائرية تسير وفق الهوية الوطنية وتاريخها ومبادئها، مؤكدا على ضرورة تدارس الآليات للحد من خطورة الوضع الراهن، وبناء جيل يُعتمد عليه في العديد من المجالات في مقدمتها اخراج الجزائر من التبعية الاقتصادية.
مليكة قريفو:
لغة الكتب المدرسية هي مشروع الفرنسيين لضرب الجزائر
انتقدت الأخصائية النفسية بوداليا بوشناق المعروفة بـ”مليكة قريفو” خلال مداخلتها في شقها المتعلق بالمقارنة بين الإصلاحات التربوية في أوربا والجزائر، المنظومة التربوية الجزائرية مؤكدة أنها جاءت متبنية لأهداف مدرسية أوروبية.
و أشارت الى أن المدرسة الجزائرية بعيدة عن الواقع المعيش، إذ لم تكن واضحة للمبتدئين من المعلمين، ولم تدقق في صياغتها الأهداف العامة، حيث وضعت البرامج والمواقيت، مع إرشادات إلى السلوك المنتظر حصوله في نهاية التدريس دون تحديد الكم المعرفي، أي جاءت معكوسة فركزت على السلوك بدل المعرفة التي هي مصنع السلوك الإنساني، أهداف عامة حملت السلوكيات بدل الصور المعرفية والقيم، وهو ما زاد من متاعب المعلمين الجزائريين، ودعت الى ضرورة القيام بمقارنة بين طريقة التعليم الحالية و التي كانت متبعة قبل الاستقلال و التي يجب العودة اليها لأنها كانت تعتمد على منح القيمة الثقافية للطفل، وأضافت أن شروط النجاح تكمن في أن يكون الطفل قد عاش مرحلة الطفولة كاملة.
وأفادت بوداليا بأن اللغة المقدمة للطفل من خلال الكتب المدرسية ليست لغة عربية حقيقية، وصاحبها ما هو سوى موظف ومصنّع للكتب الموجهة يصنعها بمقاييس مشروع اليونيسكو لسنة 1847 و هو اتفاق بين الفرنسيين و الانجليزيين لضرب الشعوب الضعيفة من خلال اللغة، بتلقينهم اللغة البسيطة الفقيرة و حرمانهم من لغة الأدب، بعد أن عجزوا عن تجريدهم منها خلال فترة الاستعمار.
عمراوي
تشكيل لجان ولائية لمنع تدريس الأخطاء المدرجة في الكتب الجديدة
من جهته أيضا عدد النائب عن الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء مسعود عمراوي و الخبير في الشأن التربوي في مداخلته التي تعلقت بمسار المنظومات التربوية ودورها في الانسجام الاجتماعي، جملة الفضائح التي تشهدها المنظومة التربوية بدءا فضيحة الخبراء القائمين على مناهج الجيل الثاني الذين تبين انهم مفتشين للتربية في الطور الابتدائي بمدينة مرسيليا في الوقت الذي تم تقديمهم من قبل وزيرة التربية نورية بن غبريط على أنهم خبراء مختصين، بالإضافة الى محاولة فرنسة ثانوية بوعمامة والتي تراجعت عنها بن غبريط أيضا بعد انتفاضة الأساتذة ضد الأمر، و كذا تسريب مواضيع البكالوريا لعامين متتاليين ، لتصل سلسلة الفضائح الى غاية حذف البسملة من الكتب المدرسية ومحاولة نزع الخمار للمتمدرسات أثناء فترة الامتحانات والفروض، وأشار عمراوي فيما يخص الأخطاء المدرجة في الكتب الجديدة الى انه قام بتشكيل لجنة لدراسة كتب المناهج الجديدة ، هذه الأخيرة التي وقفت على العديد منها ، حيث دعا الحاضرين من أساتذة و مفتشين الى القيام بذات المبادرة من أجل ضمان عدم تلقينها للتلاميذ، ضرورة إعادة النظر في المنظومة التربوية المعتمدة لضمان بناء جيل واعد، حيث أكد وقوفه في وجه و محاربة كل من يريدون ضرب الإسلام وتاريخ الجزائر.
عبد القادر فوضيل:
قطاع التربية لم يعرف عهدا أسوأ من هذا
وبجملة واحدة بعد أن تحدث عن التدهور الذي تعيشه المدرسة الجزائرية من خلال محاولات ضربها في قيمها ، أوضح الإطار السابق في وزارة التربية عبد القادر فوضيل خلال مداخلته حول التشريعات الجديدة وأثرها على القيم، أن التربية سياسة أمة بأكملها وهي مسؤولية دولة و ليست مسؤولية وزيرة، مؤكدا أن قطاع التربية لم يعرف عهدا أسوء من هذا العهد
وفاء مرشدي