أصدرت القمة الرابعة لمجموعة الخمس في الساحل الأفريقي بيانها الختامي عقب انتهاء فعالياتها، وأشار البيان إلى أن تداعيات الأزمة الليبية ” وضعت دول المنطقة أمام تحديات كبيرة “. وهذه نقطة مهمة على أن عدم حل الأزمة الليبية لن ينفع مجموعة جي5 في حربها على المجموعات الإرهابية.
نادى البيان عقب الاجتماع في العاصمة النيجيرية نيامي، أول أمس، بضرورة الاستمرار في ” تكثيف الجهود لتعزيز الجانب الأمني بدول الساحل الأفريقي “، كما أكد أن رؤساء دول الساحل يثنون على مُساندة وتنسيق الشركاء الدوليين لخطط السير التي تضعها مجموعة الخمس في الساحل الأفريقي “، وطالب البيان مجلس الأمن الدولي بإجراء تعديلات على البند الـ7 المدرج ضمن ميثاق الأمم المتحدة، يقضي بتمكين عمل القوة المشتركة للمجموعة. وبحسب البيان أصدر رؤساء مجموعة الخمس في الساحل قرارا يقضي بإنشاء مشروع سكة حديد الساحل الأفريقي.
وكما هو ظاهر من اجتماع أمس، المتعلق برؤساء دول مجموعة الـ5 لدول الساحل هو أنهم لم يعد بيدهم أي حل للوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء بالرغم من أن فرنسا تجلس وراءهم سوى مواجهة ” القنبلة ” الليبية التي لم تستطع أي جهة دولية تفكيكها وتركت ليبيا البلد الشاسع يرزح تحت فوضى أمنية رهيبة تهدد دول الجوار وعلى رأسها الجزائر. وحسب بعض المراقبين للشؤون الأمنية فإنه “حقيقة موضوعية ما اعترفت به هذه الدول بخصوص ضرورة مواجهة الوضع في ليبيا، لأن هناك تداخل جغرافي استراتيجي بين ليبيا ومنطقة الساحل “. وكان الرئيس الفرنسي ماكرون اعترف في مرات عديدة بحجم الخطأ الذي وقعت فيه فرنسا ومعها الحلف الأطلسي ” الناتو ” عند تدخلهم العسكري في ليبيا لإسقاط نظام القذافي سنة 2011 هذا من دون مرافقة الليبيين في مرحلة ما بعد الحرب. وهو اعتراف غير مباشر بموقف الجزائر الذي كان ضد التدخل الغربي في ليبيا وسبب للجزائر انتقادات من طرف جهات عديدة في الداخل والخارج تبين في الأخير صواب الموقف الجزائري.
ومن الظاهر أن دول الساحل اقتنعت بموقف الجزائر الداعي إلى ضرورة تكريس الجهود من أجل إيجاد حل سياسي سلمي للأزمة في ليبيا، قبل الحديث عن أي خطوات عسكرية أجنبية، بإمكانها تحويل المنطقة إلى بؤرة توتر كبرى وموطئ قدم لجماعات من أتباع ” داعش ” المنهزم في العراق والشام، في حين أنه من الضروري تنسيق الجهود لمحاربة الإرهاب في الساحل عبر جهود ثنائية وجماعية من دون وكالة أجنبية.
واعترف معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى في موضوع سابق حول الأزمة الليبية أن الجزائر الوحيدة التي ” تجد نفسها مضطرة لمواجهة هذه المخاطر بمفردها. وتخوض القوات المسلحة معارك على جبهات متعددة، في حين أخفقت البلدان المجاورة في وقف تقدم الإرهابيين بسبب عدم امتلاكها قوات عسكرية وقوات أمن قوية للقيام بهذه المهمة “. وأضاف المعهد الأمريكي ” على سبيل المثال، تملك مالي جيشا لا يتعدى قوامه 20 ألف جندي، بينما لا تتمكن المؤسسات الأمنية في موريتانيا حتى من حماية مؤسسات الدولة الرسمية ضد هجمات تنظيم ” القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي “، في حين ليس لدى تونس خبرة في مجال مكافحة الإرهاب “.
وانتهى بالتأكيد على أن عدم القدرة على الاعتماد على البلدان المجاورة ” قد يفسر حجم الإنفاق العسكري الواسع الذي تخصصه الجزائر. ونظرا لحدودها الطويلة مع دول الجوار والتي تمتد ألف كيلومتر مع ليبيا، على سبيل المثال تتطلب الجزائر قدرات مالية وبشرية كبيرة لتأمين حدودها “.
ومن جانب آخر، أنهى الجيش الوطني الشعبي بحضور قائد أركان الجيش الفريق قايد صالح تنفيذ تمارين ومناورات عسكرية على الحدود الجنوبية القريبة من النيجر وليبيا، وكانت تلك المناورات العسكرية بمنطقة “عين قزام” بتنمراست بأقصى الجنوب الجزائري قرب الحدود مع النيجر، قادت هذه المناورات كتيبة من المشاة في الجيش مدعومة بمروحيات إسناد ناري، حاكت ” محاولة اختراق للحدود الجزائرية من قبل مجموعة إرهابية “.
إسلام كعبش