وجوه شاحبة وأياد مكبلة بالأغلال، يغزو رؤوسهم بعض من الشيب، لا تفارقهم بسمة مصطنعة تخفي أسرار ملفات ظلت مخفية في خزائنهم، وقف الوزيران الأولان السابقان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، ووزيرا الصناعة السابقين يوسف يوسفي ومحجوب بدة وعدد من المسؤولين الذين لهم علاقة بملف تركيب السيارات بين يدي قاضي محكمة سيدي امحمد.
رن جرس وكيل الجمهورية، ووقف الموقوفون منزوعي الأغلال جنبا إلى جنب، ما هي إلا ثواني من الصمت حتى سمع صوت منادي ينادي أن القضية “تصفية حسابات”، فالتفت الحاضرون ليكتشفوا أن صاحب الصوت هو واحد ينتمي إلى عائلات المتهمين. في غمرة هذه الصيحة انتصب المتهمون محاولين تطمين أهاليهم بجاهزيتهم للمساءلة، فهذا أويحيى يوحى للحاضرين بشدة تركيزه وتهيئته النفسية للإجابة عن كل شاردة وواردة تخص ملفه، وهذا الوزير الأول السابق عبد المالك سلال بدت على محياه الابتسامة، وذلك يوسف يوسفي وعبد الغني زعلان ومحجوب بدة يضعون نظارات ووجههم يشع بياضا، أما رجل الأعمال بايري محمد فلسان حاله يقول أنه جاهز للمحاكمة.
وبمجرد أن امتلأت القاعة بالحضور يتقدمهم الصحفيون والممثلون لهيئة الدفاع في القضية، حتى بدأ الخوف يتسلل لقلوب الموقوفين، فتعابير الوجه بدأت تتغير، والابتسامة أفلت،.. علي حداد ظل شارد الذهن وأويحيى حاول أن يعطي الانطباع بأنه جاهز للرد على الأسئلة رغم انسحاب هيئة الدفاع شريطة أن يتم تطبيق المادة 177 من الدستور وتمسك بدفاعه، شأنه في ذلك شأن سلال.
ما كان إلا للقاضي ووكيل الجمهورية أن يردا عليه، فالقاضي قال إنه “سيضطر للأخذ بأقوالهم التي وردت أمام قاضي التحقيق في ظل تمسكهم بالدفاع”، أما وكيل الجمهورية رد على طلب أويحيى قائلا: إن مادة 177 “هي قاعدة إجرائية قانونية وسبب عدم تنصيب المحكمة القول أنهم متابعين بمواد موضوعية”، وتابع “عدم وجود محكمة يحيلنا للقانون العام والمحكمة الحالية مختصة للنظر في ملف الوزيرين الأولين ورفض طلب سلال وأويحيى”.
تمت المناداة على المتهمين الموقوفين وغير الموقوفين من قبل آمين الضبط وتقدم النقيب مجدوبة عبد العزيز باسم هيئة الدفاع لترسيم المقاطعة بسبب الظروف غير المواتية والاكتظاظ داخل القاعة الذي لا يسمح -حسبه- حتى لهيئة الدفاع بممارسة مهامهم، وهنا عاد القاضي للجلسة، وأمر المكلفين بحفظ أمن الجلسة فتح الرواق لانسحاب ومغادرة المحامين القاعة، بعدها قام بالمناداة على الشهود ، حيث طلب منهم مغادرة الجلسة للذهاب لقاعة خاصة إلى حين المناداة عليهم، لينادي بعدها على ممثلي الأطراف المدنية الوكيل القضائي للخزينة، والذي تمسك بالجلسة ربراب عمر، عشايبو عبد الحميد.
“يوسفي يمسح الموس في أويحيى”…
نفى وزير الصناعة السابق يوسف يوسفي لدى مساءلته من القاضي أن علاقة بلمف السيارت، مؤكدا انه لم يطلع عليه، مشيرا إلى انه طبق تعليمات الوزير الأول السابق احمد اويحي، وقال يوسفي انه وبصفته وزيرا انذاك لم يتمكن من تغيير النظام المعمول به، وبخصوص مدى قانونية تمديد أجال مطابقة مصانع التركيب قال ان هدفه كان الاستثمار وتنويع الاقتصاد الوطني،” لما وصلتني مراسلة أويحيى طبقتها، أنا لست رجل قانوني، درسنا القائمة وفق معايير الشركات الكبرى العالمية، بعد الدراسة تم رفض رخصة الاستيراد”، وبخصوص أساس القانوني الذي على ضوئه تم اختيار قائمة خمسة زائد خمسة أجاب انه لا يعرف لان أراد خلق المنافسة و الوصول إلى الجودة، أما عن زيارته لمصنع معزوز معزوز بسطيف، كشف يوسفي إلى ان معزوز أخبره انه لا يريد شريك أجنبي، الأمر الذي جعله يعلم معزوز أن هناك دفتر شروط يجب أن يتبعه، وعن مدى تقاعسه في اتخاذ إجراء صد مخالفة معزوز لدفتر الشروط قال يوسفي” كوزير كنت أحرص على استمرار العمل، كان لمعزوز مهلة سنة ليتوافق مع دفتر الشروط”، وعن منحه 14 مقرر تقني لمعزوز أجاب يوسفي ” من حقي أنا كوزير الصناعة أن أحل مشاكل المستثمرين.
.. وزرهوني تتبرأ من بايري
بالمقابل، مثلت أمس، نورية زرهوني، والي بومرداس السابقة، أمام قاضي محكمة سيدي أمحمد، عن متهمة منح امتيازات لبايري ببومرداس، ممثلا في مصنع سيراميك. وردت زرهوني ” لست أنا من أعطى القطعة الأرضية، بل الوالي السابق، بعد توسيع المنطقة الصناعية لبومرداس”. وأضافت “الوالي السابق هو من حولها لأرض فلاحية، لأرض صالحة للتعمير، وقبل تحويل هذه القطعة يجب موافقة مصالح وزارة الفلاحة”. كاشفة الى ان قطعة الأرض وجدت الوالي قد حولها بقانون المسؤولين الذين سبقوني، أنا لم أكن في تلك الولاية لدي كل الوثائق الخاصة بالإجراءات القانونية التي منحت من خلالها هذه الأرض. لافتة إلى أنها لما جاءت لولاية بومرداس وجدت قرار سليم من الوالي السابق لانه تم وفق قوانين و بموافقة مصالح وزارة الفلاحة مضيفة” لم يكن هناك إمكانية لتغيير طبيعة العقار لما جئت على رأس الولاية وجدت 3 آلاف ملف ينتظر المعالجة، المدير المكلف بالتنشيط و المراقبة كان مهمته التنسيق، ومديرة الصناعة السابقة شاركت في تحضير الملف، والمديرة هي من أعطت الموافقة لبايري للاستفادة من الأرض”.
وعن تحويل قطعة ارض ذات جودة فلاحية عالية لأرض صناعية اجابت زرهوني انها قامت” بالمراقبة القانونية للأرض، وكانت هناك إجراءات إدارية قام بها الوالي السابق، كل المصالح أعطت رأيها بالموافقة، وكان هناك منشور وزاري مشترك من الوزير الأول، أمرنا بالاستمرار في هذه الإجراءات، وفي تحقيق وزارة الفلاحة وافقت على تحويل هذه الأرض.
عمر حمادي