توفي، صباح أمس، رئيس الحكومة السابق والناطق الرسمي باسم مفاوضي جبهة التحرير الوطني في جولة إيفيان للمفاوضات مع الحكومة الفرنسية، رضا مالك، عن عمر 86 عاما أسبوعا بعد تدهور وضعه الصحي، ونقله على جناح السرعة إلى مستشفى عين النعجة العسكري.
ويعتبر الفقيد رئيس الحكومة الأسبق رضا مالك، المولود بتاريخ 21 ديسمبر 1931 بباتنة من الأوائل الذين التحقوا بصفوف ثورة أول نوفمبر، حيث كان عضوا في لجنة إدارة الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين سنة 1955 إلى جانب توليه منصب مدير صحيفة “المجاهد” لسان حال جبهة التحرير الوطني، وخلال الفترة الممتدة من ماي 1961 إلى مارس 1962 تقلد الفقيد منصب الناطق الرسمي للوفد الجزائري في مفاوضات “إيفيان”، ناهيك عن كونه أحد محرري ميثاق مؤتمر طرابلس سنة 1962. بعد الاستقلال تقلد المرحوم العديد من المناصب الدبلوماسية والسياسية حيث تم تعيينه سفيرا للجزائر في العديد من العواصم العالمية كباريس وواشنطن وموسكو ولندن ليشغل سنة 1977 منصب وزير الإعلام والثقافة ثم رئيس المجلس الاستشاري الوطني في أبريل من سنة 1992 قبل ان يعين عضوا خامسا في المجلس الأعلى للدولة في يوليو من نفس السنة, فوزيرا للشؤون الخارجية بداية من فبراير 1993, ليعين رئيسا للحكومة في أوت 1993, ويتولى نفس المنصب مجددا من يناير 1994 إلى غاية أفريل من ذات السنة. وعلاوة على هذه المناصب السياسية والدبلوماسية أسس الفقيد سنة 1995 حزب التحالف الوطني الجمهوري وترأسه إلى غاية إعلان اعتزاله السياسة.
على الصعيد الفكري كان للمرحوم المتحصل على شهادة ليسانس في الآداب والفلسفة من جامعتي الجزائر وباريس، العديد من الإصدارات من بينها ” التقليد والثورة رهان العصرنة في الجزائر وفي الإسلام” وكتاب “الجزائر في إيفيان” وآخر حول “تاريخ المفاوضات السرية 1956/ 1962. ”
عامر لونيس رفيق الراحل رضا مالك لـ ” الجزائر ” :
” رضا مالك قال لي لدينا أزمة نضال في الجزائر “
قدم عامر لونيس أحد رفقاء رئيس الحكومة الراحل رضا مالك شهادة حول الرجل الذي فارقنا صبيحة أمس، بالعاصمة عن عمر ناهز 86 سنة، حيث أكد لـ ” الجزائر ” أمس، أن الجزائر فقدت برحيل رضا مالك ” شخصا دافع بقوة عن أن تكون بلدا حرا ومستقلا وقويا “، وقال في اتصال معه بالرغم من أنه كان متأثرا بشدة لرحيله ” أنه عرف الراحل عن قرب قبل تأسيس حزب التحالف الوطني الجمهوري حيث كان إنسانا يتميز بالانفتاح الثقافي ومستمع وفي للآخر، ولا يتكلم بدون أن يتحقق مما يقوله “، وأضاف عامر لونيس قائلا ” رضا مالك سجل نفسه كمسؤول جزائري ورجل دولة، وقبل ذلك كان مديرا لصحيفة ” المجاهد ” أثناء الثورة حيث عمل آنذاك إلى جانب زعماء كبار كعبان رمضان والعربي بن مهيدي ومصطفى الاشرف ” وأكد المتحدث أن الراحل كان يقدر الصحافة والصحفيين وكثيرا ما كان يدافع على الصحافة الوطنية بالرغم من الإنزلاقات التي تقع فيها، ورغم ذلك كان يؤكد وقوفه إلى جانبها “، وذكر حادثة قالها ” أنه كان مستاء للاغتيالات التي كان ينفذها الإرهاب في بدايات التسعينات لـ 60 صحفيا “، مستطردا في ذات السياق ” كان الرجل يحمل أفكار عميقة من أجل جزائر مزدهرة وقوية ومخلصة “.
وعن أسباب استقالة الراحل رضا مالك عن العمل السياسي الحزبي وتخليه عن حزبه ” التحالف الوطني الجمهوري ” أفاد عامر لونيس قائلا ” أولا استقالته عن العمل السياسي الحزبي ترجع إلى وضعه الصحي الذي لم يعد يسمح له بذلك، وكذلك هناك بعض الأمور التي رفض الخوض فيها “، مضيفا ” كان متحسرا على عدم وجود حركة سياسية وطنية قوية للدفاع عن مكتسبات الشعب الجزائري ولطالما باح لي بالقول نعيش أزمة نضال في بلادنا وهو الذي كان من الشباب الذين ناضلوا من أجل استقلال الجزائر “.
إسلام كعبش