رغم أن جائحة “كورونا” شلت النشاط الثقافي والفني في الجزائر خلال عام 2020، بعد أن ألغت وزارة الثقافة والفنون بسبب إجراءات الحجر الصحي المفروضة نتيجة انتشار الفيروس، وذلك منذ 11 مارس الفارط، وبعد مرور أشهر عن هذا الجمود، استطاعت الوافدة الجديدة على هضبة العناصر، وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة، على تنظيم بعض الأنشطة على أرض الواقع، شريطة الالتزام والتقيد بالاجراءات الوقائية للحد من تفشي الفيروس، وكانت هذه التظاهرات خيارا أمثل لكسر الجمود الثقافي.
“الأيام الوطنية للباس الجزائري” تأتي في وقتها:
أبدت وزيرة الثقافة مليكة بن دودة اهتمامها بالتراث اللامادي، من خلال قدرتها على تجسيد فعاليات “الأيام الوطنية للباس الجزائري” الموسومة بــ “لباسي ذاكرتي و ثقافتي” والتي نظمت شهر أوت في إطار شهر التراث اللامادي وتواصلت إلى غاية الاسبوع الأول من شهر سبتمبر المقبل، حيث جاء هذا التحرك بعد حملات كثيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، طالبتها بالتحرك من أجل حماية التراث المادي وغير المادي بتصنيفه عالميا، وخاصة فيما تعلق بالأخير الذي لم يسلم من السطو الممنهج الذي تقوم به جهات خارجية، بهدف افراغ الجزائر من محتواها الثقافي.
التظاهرة والتي جاءت في ظرف صحي حساس ميزه وباء “الكورونا”، وانخرطت فيها كل مديريات ودور الثقافة والمتاحف الموزعة عبر ولايات الوطن، ضمت محاضرات افتراضية أسبوعية حول المحافظة على التراث الثقافي أولى مواضيعها “اللباس الجزائري”، مهرجان ثقافي للباس الجزائري موسوم بــ “في ذاكرة اللباس الجزائري”، وذلك بالتنسيق مع المهرجان الثقافي الوطني للباس الجزائري، كما نظمت على هامشه مسابقتان تتمحوران حول ما يلي: أقدم لباس تقليدي عائلي، تحديث اللباس التقليدي، فضلا عن إطلاق بطاقات لتوصيف اللباس الجزائري وجرده، وندوات تلفزيونية حول اللباس في الجزائر، وذلك لإماطة الغطاء عن الإجراءات المتّخذة في ملف تسجيل عنصر تراثي جزائريّ باعتباره تراثا إنسانيا لدى “اليونسكو”.
ولقد كان الحدث ضرورة ملحة، للحفاظ على الألبسة التقليدية التي تعرف بها كل ولاية من ولايات الوطن، ذلك أنها تحكي حقبات تاريخية هامة لبلد قارة، حيث كانت هذه الأزياء شاهد عيان على هذه الحقبات التاريخية، فعاصرت هذه الازياء التطور الحاصل، لكنها مازالت محافظة على روحها، فألبسة تقليدية مثل “الكاراكو والبدرون العاصمي”، مرورا بـ “الشدة التلمسانية”، “الجبة القبائلية” و”البلوزة الوهرنية”، “قندورة قسنطينة”، “اللباس النايلي”، “البنوار السطايفي”، “الملحفة الشاوية”، الزي الترقي والمزابي وأهل الجنوب عموما، ، وحتى “القفطان”، البرنوس النسائي والرجالي، وكذا الازياء الرجالية على غرار القشابية… كلها أزياء وجدت من رحم تاريخ منوع رصع مسار الجزائر، فتفننت المرأة والرجل في تطويرها، ولهذا الغرض كانت الخطوة، تثمينا من الوزارة، للجهود التي بذلت منذ سنة 2003، ترفع رهان استصلاح هذا الحقل، وإثراء ما تمّ انجازه بإسهام من المصممين وكل المختصين والحرفيين والجمعيات الفاعلة.
“الدخول الثقافي” –دورة محمد ديب- لكسر الجمود في القطاع:
كانت التظاهرة الثقافية “الدخول الثقافي”، والتي أقيمت بجل مدن الوطن منذ 26 سبتمبر الفارط، وإلى غاية 7 أكتوبر الفارط أيضا، بمثابة فرصة سانحة لإحداث القطيعة مع جمود النشاطات الثقافية في اطار مكافحة فيروس “كورونا”، حيث سطر آنذاك برنامج يتنوع بين اللقاءات، المحاضرات والمعارض، دون إقامة فنون العرض و النشاطات الموجهة للجمهور العريض.
وحملت التظاهرة التي واجهتها بعض الصعوبات، شعار “ثقافتنا في تنوّعنا ووحدتنا” أرادتها وزارة الثقافة والفنون، تقليدا حميدا يحتفى به كل سنة بشخصية ثقافية وعلم من أعلام الجزائر ومفكريها، عرفانا وتقديرا لهم فحملت هذه الدورة اسم الكاتب الأديب محمد ديب.
وقد شهدت هذه التظاهرة في الجزائر العاصمة، تنظيم عديد اللقاءات حول مواضيع عديدة على غرار الإنتاج المسرحي منذ سنة 1962، ولقاءات أدبية مختلفة تتعلق بالفلسفة أو كتابة التاريخ بالمكتبة الوطنية، علاوة على عروض فنون تشكيلية، حيث كان المعرض الجماعي “نسيم الفن” و الذي ضم أعمال من انجاز نحو ثلاثين رسام و نحات، مفتوحا أمام الجمهور بأروقة باية بقصر الثقافة مفدي زكرياء، في حين كان كل من الفنان التشكيلي محمد مباركي و المصور رفيق زايدي يعرضان أعمالهما بفيلا “دار عبد اللطيف”، فضلا عن تكريم العديد من الشخصيات على غرار فنان المالوف الراحل حمدي بناني، والروائي الكبير مرزاق بقطاش.
وكان المؤلفون والشعراء الشباب في قلب هذا البرنامج، على غرار القصاصين المحترفين و منشطو المقاهي الأدبية نوادي القراءة الذين عقدوا لقاءا مع وزيرة الثقافة و الفنون مليكة بن دودة، كما أدرج هذا الحدث وقفة لاستذكار الكاتب محمد ديب بمناسبة مئوية ميلاده، من خلال لقاء خصص لمشواره وعرض لأعماله، ذلك أن محمد ديب يعد أحد رواد الادب الجزائري باللغة الفرنسية الروائي العالمي محمد ديب الذي حرص في أعماله على إبراز الشخصية الجزائرية والمطالبة بتحرير وطنه وشعبه والسعي إلى أن تكون الجزائر حاضرة في أدب الجزائريين، هو الأديب أيضا الذي نشر ثلاثيته المشهورة “الدار الكبيرة” (1952)، “الحريق” (1954) و”حرفة النسج” (1957)، والتي كانت كافية لوحدها على تقديم صورة وافية عن حياة التهميش التي كان يعيشها الجزائري الحاصر بالفقر والحرمان جراء بطش و تسلط المستعمر الفرنسي.
الفائزون بجائزة “على معاشي“ يستلمون جوائزهم أخيرا:
بعد سلسلة التأجيلات التي عرقلت تنظيم حفل توزيع جائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب “علي معاشي”على الفائزين، بسبب فيروس “كورونا”، نظمت وزارة الثقافة والفنون بالمسرح الوطني الجزائري “محي الدين بشطارزي”، مؤخرا فقط، حفلا لتتويج الأسماء الفائزين، ويومها أكدت وزيرة الثقافة والفنون، مليكة بن دودة أن هذه الجائزة تسمح ببروز مواهب جزائرية شابة لمع بريقها على الساحة الدولية.
وفي مجال الأدب، منحت لجنة التحكيم، التي يترأسها عبد الحليم بوشراكي، الجائزة الأولى للرواية للكاتبة صباح مدرق نارو عن روايتها “وطن مع وقف التنفيذ”، فيما تحصلت الكاتبتان حميدة شنوفي (النهاية) و بشرى اسيا زبدة (الصبار لا يحضن احد) على المرتبة الثانية و الثالثة على التوالي.
وفيما يخص الشعر، تحصل الشاعر رابح فلاح على الجائزة الأولى، فيما انتزع الشاعر عاشور بوضياف المرتبة الثانية و فارس بيرة المرتبة الثالثة، أما لجنة الفن الرابع، فقد منحت الجائزة الأولى للفنانة ثيزيري بن يوسف عن مسرحيتها “موندرام العازفة”.أما الجائزة الثانية والثالثة فكانت من نصيب الفنان فيصل بوناصر (تذكرة إلى قرطبة) و سمية بوناب (تامنفلة) على التوالي.
وفي مجال الموسيقى، منحت اللجنة الجائزة الأولى للفنان والمؤلف زهير مزاري عن عمله “ايفازيون موزيكال”، فيما كانت الجائزة الثانية و الثالثة من نصيب الفنانين بلقاسم الطيب بن تومي و احمد بوشيخي على التوالي.أما في مجال الرقص، فقد منحت اللجنة، الجائزة الأولى للراقص نصرالله ايوب بلمهل عن عرضه “كاتارسيس”، فيما كانت الجائزة الثانية و الثالثة من نصيب عبدالصمد صدوقي (عرض حياتنا) و يحيى زكريا (عرض ماذا لو) على التوالي.و في مجال الفنون التشكيلية، تحصلت الفنانة نور الهدى شوتلة على الجائزة الاولى عن عملها “المرأة في افريقيا”، فيما حلت في المرتبة الثانية و الثالثة تواليا الفنانتان شادية دربال (كوابيس الحرب) و عبلة بن شايبة (ماسح الأحذية).
وفيما يخص السينما والسمعي البصري، منحت الجائزة الأولى لبشير مسعودي عن عمله “رحيم”، أما الجائزة الثانية و الثالثة فكانت من نصيب عبدالرحمان حراث (جميلة في زمن الحراك) و عبدالله قادة (كاين ولا ماكاش)، ومنحت اللجنة إشادة خاصة لبلال مزاري و تقي الدين بن عمار ويوسف جواني و محمد الطاهر بوكاف.
صبرينة ك