• من غير الطبيعي أن تتحول سياسة الدعم الحكومي من قرار متفق عليه بالنسبة لبرنامج الحكومات المتعاقبة إلى نقطة خلاف بين أعضاء الحكومة الواحدة، فبعد تصريحات وزير المالية عبد الرحمن راوية من دبي، عن توجه الحكومة نحو مراجعة سياسة الدعم الاجتماعي تدريجيا ابتداء من 2019 خرج وزير الداخلية نور الدين بدوي لينفي الأمر جملة وتفصيلا.. فماذا يحدث داخل حكومة الوزير الأول أحمد أويحيى ؟. خرج وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي لتفنيد زميله في الحكومة وزير المالية عبد الرحمن راوية بصفة قطعية، بعد التصريح الذي أطلقه من دبي، أمام ممثلي صندوق النقد الدولي ووزراء المالية العرب عن اعتزام الحكومة مراجعة سياسة دعم الأسعار، بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها الجزائر، بذريعة أن الدعم يكلف حوالي 30 في المئة من الميزانية. هذا التصريح الذي أدلى به وزير المالية خارج الجزائر حرك الحكومة التي تعاني في الآونة الأخيرة حصار لم يسبق أن عاشته منذ سنوات من الاحتجاجات الاجتماعية في قطاعات حساسة كالصحة والتربية لتنفي على لسان وزير الداخلية نور الدين بدوي هذا التوجه جملة وتفصيلا.. ما جعل البعض يطرح تساؤلات عن الأسباب التي دفعت وزير المالية راوية للتصريح بهذا الأمر الحساس في ظل جبهة اجتماعية ساخنة ومستقبل سياسي مصيري ( رئاسيات 2019 ) ووضع مالي متأزم. وجاء في نفي وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي خلال افتتاحه للصالون الدولي للسلامة المرورية عن اعتزام الدولة التخلي عن سياسة الدعم الاجتماعي للمواد الاستهلاكية على أنها من ” المكاسب الواجب صونها في ظل الظروف المالية والاقتصادية غير الطبيعية والصعبة التي يعيشها البلد “، قائلا إن “هذه الأوضاع لا ينبغي أن تجعلنا نتخلى عن المكاسب الاجتماعية، خاصة في وقت أعطى فيه رئيس الجمهورية تعليمات صارمة للحكومة لمواصلة سياسة الدعم الاجتماعي التي يبقى المواطن بحاجة إليها “. وشدد وزير الداخلية بدوي على أن الدولة، وبالرغم من الأزمة الاقتصادية، ” سترافق المواطن وتواصل مشاريع بناء المدارس والدعم بمختلف أشكاله “. وطرحت تصريحات وزير المالية عبد الرحمن راوية مسألتين حساستين يعرف الجميع أن السلطة رفضت التفريط فيهما بحجة المحافظة على سيادة البلاد المالية والاجتماعية، النقطة الأولى حديثه عن توجه الدولة نحو الاستدانة الخارجية، وهو كلام يناقض بصورة كاملة التطمينات التي أطلقها وزيره الأول أحمد أويحيى عند تقديمه مخطط عمل الحكومة للبرلمان في سبتمبر الفارط، وأن ما أتى به من تمويل غير تقليدي للخزينة ” طبع النقود ” سيجنب الجزائر الذهاب نحو الاستدانة الخارجية في ظرف خمس سنوات. فمن نصدق من المسؤولين ؟. والنقطة الثانية إشارته لوجود نية حقيقية للحكومة لمواجهة الأزمة المالية بتحرير أسعار الكثير من المواد الأساسية على غرار البنزين لإصلاح الموازنة وخفض العجز، بالرغم من تأكيدات رئيس الجمهورية والوزير الأول على أن الدولة لن تفرط في الدعم الاجتماعي المنبثق أساسا من أدبيات الدولة الجزائرية منذ الاستقلال.. فهل يشكل تضارب التصريحات بين وزير المالية ووزير الداخلية تأكيدات البعض من عدم وجود تنسيق بين وزراء أويحيى كما يقول اسماعيل لالماس الخبير الاقتصادي ؟؟ وأين دور الوزير الأول أحمد أويحيى في كل ما يحدث داخل حكومته ؟، أم أن هناك ضوء أخضر تم منحه للوزير بدوي للرد على ما قاله زميله وزير المالية تفاديا لإشعال مزيد من نيران الغضب الاجتماعي التي هي أصلا تحيط بالحكومة من كل جانب ؟؟. هذه الأسئلة ستجيبنا عليها الأيام المقبلة. إسلام كعبش