الرفع من قيمة العملة الوطنية يظل رهانا منتظرا بالنسبة للكثير من المراقبين، حيث تبين الإمكانيات التي تحوزها الجزائر على أنها قادرة على المدى المتوسط على استرجاع قيمة الدينار. ويرى خبراء ومحللون اقتصاديون أن تجسيد هذه الخطوة ميدانياً مرتبط بتوفر العديد من الشروط: من بينها زيادة الإنتاج الوطني، ورفع حجم الصادرات خارج المحروقات، إضافة إلى خلق نسيج صناعي وتسهيل حركة رؤوس الأموال وعدم العودة إلى إجراء طباعة النقود.
الخبير الإقتصادي، عبد القادر سليماني:
“رفع قيمة الدينار مرتبط برفع الإنتاج الوطني والصادرات خارج المحروقات”
وفي هذا السباق يقول الخبير الإقتصادي، عبد القادر سليماني، إن أول خطوة لرفع قيمة الدينار دون أن يكون لهذا الإجراء تأثير على الأسعار وبالتالي تأثير على القدرة الشرائية من جهة وتجنب التضخم من جهة أخرى، تكمن في عدم العودة إلى الإجراء السابق والمتعلق بالتمويل غير التقليدي والمرتبط بطبع الأموال كما حصل في السنوات الماضية، والذي كان بصفة غير عقلانية”.
وأضاف سليماني في تصريح لـ”الجزائر ” أن “رفع قيمة الدينار مرتبط أيضا بالإنتاج الوطني، حيث أوضح هنا أنه لا بد من رفع حجم الإنتاج الوطني وحجم الإدماج، وخلق نسيج صناعي ومناولاتي، والذي بدوره يخلق قيمة مضافة، حيث أنه ومن خلال المادة الخام واليد العاملة المحلية يمكن الرفع من الانتاجية وبالتالي الرفع من الناتج الداخلي الخام الذي هو في حدود 170 مليار دولار”، وهذا بدوره يقول سليماني سيرفع من قيمة العملة الوطنية بصورة آلية.
ويرى الخبير الإقتصادي ذاته أن رفع حجم الصادرات خارج المحروقات عامل آخر مساعد على تحسين قيمة الدينار، وأشار في هذا الصدد إلى الهدف الذي حددته السلطات العليا والمتعلق برفع حجم الصادرات خارج المحروقات في السنة الجارية إلى 7 مليار دولار، وقال إنه يمكن التخطيط لرفعها لأزيد من هذا الرقم وبلوغ قيمة 10 مليار دولار، وبهذا يمكن ضمان إرادات معتبرة تضاف إلى إرادات النفط.
وشدد سليماني في حديثه على ضرورة تسهيل حركة رؤوس الأموال إلى الجزائر، وجلب واستقطاب رؤوس الأموال.
ويعتبر الخبير الإقتصادي أنه لابد أيضا وحتى نعطي قيمة أفضل للعملة الوطنية، استغلال تحويلات أبناء الجالية الوطنية بالخارج الاستغلال الأمثل، والاستفادة من هذه الأموال التي تعد بالملايير، وذلك من خلال تسهيل التعاملات البنكية، كما يرى أنه يجب بالموازاة مع هذه الاجراءات، عدم إهدار العملة الصعبة والمحافظة على احتياطات الصرف، والعمل على رفعها باستغلال مداخيل الدولة سيما إرادات النفط التي قد تصل إلى 50 مليار دولار، مع ضبط الاستيراد ووضع نظام حمائي للمنتوج الوطني.
هذا ويشدد سيلماني على ضرورة تفعيل دور البورصة التي تعرف ركودا –حسبه-، وخلق سوق للأوراق المالية نشطة تستقطب من خلالها الكتلة النقدية الموجودة في السوق السوداء، وذلك من خلال فتح رؤوس أموال بعض الشركات الخاصة أو العمومية أو جزء من رأس أموالها، مع إضفاء الشفافية عليها لاستقطاب تقريبا 90 مليار دولار موجودة في السوق الموازية، إضافة إلى ضرورة استرجاع الأموال المنهوبة.
الخبير الإقتصادي والبرلماني السابق، الهواري تيغرسي:
“استرجاع قيمة الدينار تحتم عدم العودة إلى طباعة النقود”
قال الخبير الاقتصادي، الهواري تيغرسي، إن العملة الوطنية خضعت في الأوقات السابقة إلى قرارات إدارية لتخفيضها وهذا بهدف زيادة الصادرات وزيادة الإنتاج، واستقطاب الاستثمار وغيرها، ومنها زيادة الميزانية السنوية والقيمة النقدية المتداولة أو غيرها، وكمية النقود .
كما أشار البرلماني السابق، تيغرسي إلى إجراء سابق أدى إلى انخفاض قيمة الدينار ويتعلق الأمر بعملية طباعة النقود، حيث قال في حديث لـ”الجزائر”، إن عملية طبع النقود معناه أن الأموال المتداولة في السوق أكبر من السلع والخدمات الموجودة فيه.
ويرى الخبير الاقتصادي أن الحل لرفع قيمة الدينار يكمن في عدم العودة إلى عملية طباعة الدينار وتوقيف التخفيض الإداري للدينار، إضافة إلى ضرورة زيادة الإنتاج الوطني، وزيادة المداخيل الوطنية الثابتة لاستقرار العملة الوطنية واستقرار الثقة للطلب على العملة الوطنية.
كما يرى أنه من الضروري فتح الأسواق المالية والنقدية ليكون العرض والطلب على النقود حقيقي وخاصة مكاتب الصرف.
وشدد على الرفع من الإنتاج “المستمر والثابت” وطرح المنتوج الوطني بالأسواق العالمية، وهو عامل أساسي -حسبه- يساعد على الحفاظ على قيمة الدينار.
للتذكير، كان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قد أكد خلال لقائه الدوري مع الصحافة الوطنية نهاية جويلية الماضية، التزامه برفع أجور العمال ومنحة البطالة، وذلك بالنظر إلى “المداخيل الإضافية” التي حققها الاقتصاد الوطني، كما تطرق إلى استرجاع قيمة الدينار، حيث قال: “ألتزم برفع الأجور وحتى علاوة البطالة، خاصة مع تحسن المداخيل المالية للبلاد”.
وتابع قائلا بأن “المعركة التي تخوضها الدولة في الوقت الحالي تتمثل في استرجاع وصون كرامة المواطن”، وأضاف بأن هذه القرارات سيتم إدراجها في قانون المالية لسنة 2023 من خلال رفع النقطة الاستدلالية أو رفع الأجور مباشرة إلى حد معقول.
وأوضح بهذا الخصوص أن هناك “إمكانية لرفع الأجور عبر قرار واحد أو بطريقة تدريجية على مدار السنة”، وأكد على ضرورة اتخاذ “اجراءات دقيقة حتى لا يكون هناك توزيع للريع يساهم في خلق التضخم”.
وأضاف رئيس الجمهورية أن الإمكانيات التي تحوزها الجزائر تجعلها قادرة، على المدى المتوسط، على استرجاع قيمة الدينار.
رزيقة. خ