• ماذا يمكن أن تستفيد إفريقيا من روسيا بعقد أول قمة بين الجانبين في مدينة سوتشي بحر هذا الأسبوع ؟
من الجانب السياسي يمكن لإفريقيا أن تستفيد كثيرا من شراكة حقيقية مع روسيا وذلك عن طريق تنويع الشركاء الاقتصاديين ومصادر الاستثمار الأمر الذي يساعد الدول الإفريقية على موازنة نفوذ وتأثير القوى التقليدية المهيمنة على القارة.
فبناء شراكة قوية مع روسيا لديه خيارات أكبر وهامش حركة سيساهم حتما في تحقيق المصالح الوطنية للدول الإفريقية والحفاظ عليها، بالإضافة إلى هذا فإن روسيا تقدم نموذج تعاون مختلف على النموذج الغربي، حيث أن موسكو لا تربط بين التعاون الاقتصادي وطبيعة الحياة السياسية الداخلية للبلدان، بمعنى أن روسيا لا تستخدم ورقة حقوق الإنسان والديمقراطية للحصول على امتيازات وصفقات من البلدان الإفريقية، الأمر لذي دأبت على فعله القوى الغربية الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية.
• وماذا عن الجانب الإقتصادي، ماذا يمكن استغلاله من الشراكة مع القوة الروسية ؟
من الجانب الاقتصادي يمكن لبلدان القارة الإفريقية الاستفادة من التكنولوجية الروسية المتطورة في مجالات معينة مثل الصناعات الدفاعية، الطاقة النووية السلمية والصناعات الفضائية والأمن السيبراني، حيث تقدم روسيا عروضا تنافسية جدا في هذه المجالات إن كان من الجانب الاقتصادي أو حتى الشروط السياسية للاستفادة من هذه التكنولوجيات. ضف إلى ذلك فإن روسيا تمثل سوقا كبيرة للمنتجات الزراعية الإفريقية، وكذا بعض المعادن التي أصبحت روسيا تعاني من نقص فيها مثل: المنغنيز، الكروم والألومينيوم.
• هل تشكل هذه القمة عودة روسيا إلى الساحة الإفريقية لمزاحمة القوى التقليدية كالاتحاد الأوروبي ودوله النافذة كفرنسا في القارة والولايات المتحدة إضافة إلى الصين؟
أظن أن هذه القمة تأتي كتتويج لمسار محدد في السياسة الخارجية الروسية، والذي تمت تبنيه مع مطلع الألفية الجديدة ووصول فلاديمير بوتين إلى الحكم. هذا المسار قائم على إعادة روسيا للعب دور قيادي على المسرح الدولي، أين تلعب القارة الإفريقية دورا كبيرا سياسيا وأكبر سوق واعدة اقتصاديا. ويمكن قراءة عودة روسيا إلى القارة الإفريقية في إطار سعي روسيا إلى تشكيل نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب بمعية شركائها في منظمة “البريكس” التي تعتبر منظمة منافسة للنفوذ والهيمنة الغربية على السياسة العالمية.
فانطلاقا من إدراك موسكو لتغير وانتقال مراكز القوى والثقل السياسية والاقتصادية من الغرب إلى الشرق فهي تحاول الاستفادة من هذا الوضع الانتقالي بإعادة التموقع الريادي في النظام العالمي الجديد المتشكل، واجابة على سؤال بشكل مباشر، نقول نعم إن روسيا تحاول مزاحمة النفوذ الغربي التقليدي في القارة وتحاول كذلك إيجاد موطئ قدم في القارة إلى الجانب الحضور الصيني المتنامي بشكل كبير، والذي أصبح يفوق في بعض البلدان النفوذ الغربي، وذلك بدون الدخول في مواجهة مباشرة مع العملاق الصيني الذي يمكن أن يتحول إلى تهديد مباشر للمصالح الروسية في الشرق الأقصى.
حاوره: إسلام كعبش