ذكر خبير عسكري في حلف شمال الأطلسي “الناتو” أن روسيا تستعد لإنشاء قواعد عسكرية في ليبيا، في الوقت الذي تعرف فيه السياسات الغربية سواء الأوروبية أو الأمريكية تجاه ليبيا فشلا ذريعا وتصاعد النفوذ الروسي في الشرق الأوسط والتقارب الذي عرفته القيادة الشرقية الليبية مع موسكو من خلال الزيارة الأخيرة التي قادت الجنرال خليفة حفتر إلى روسيا، وفي كل هذه التحولات يجهل ما سيكون عليه موقف الجزائر من القاعدة الروسية خاصة أن السلطات الجزائرية تظل متمسكة برفضها التام لتواجد قواعد عسكرية غربية على حدودها المختلفة في الوقت الذي ترتبط فيه الجزائر بعلاقات كلاسيكية مع الحليف الروسي.
كشف اللواء سيد غنيم المحاضر والأستاذ الزائر بأكاديمية دفاع حلف “الناتو” بروما، بأن هناك مساعى روسية لإنشاء قواعد عسكرية لها في الأراضي الليبية، وأبرز الخبير العسكري على ضرورة ” تحفظ دول الجوار الليبي على أى نوايا سواء روسية أو أمريكية أو أوروبية لإقامة قواعد في الأراضي الليبية نظرا لحساسية الوضع الراهن هناك، وأهمية الحد من أي تدخل غير مرغوب فيه “.
وحسب دراسة للسيد غنيم بعنوان “ليبيا من خضم الأزمة إلى آفاق الاستقرار” التى عرضها على هامش مشاركته فى ندوة بحضور مسئولين عسكريين وسياسيين في العاصمة مدريد، أن ” السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي أثبتت فشلا حقيقيا في تحسين الأمن في منطقة جنوب البحر المتوسط أو ضمان مصالحها به، مشددا على أهمية لعب المجتمع الدولي دورا فى تقديم مساعدات اقتصادية وسياسية لدول مصر، وتونس، وليبيا لدعمها في مواجهة التحديات التى يواجهونها “، وطالب الأستاذ الزائر والمحاضر فى “أكاديمية الناتو” بضرورة التحسب لإمكانية تدخل القيادة العسكرية الأمريكية فى أفريقيا خلال الفترة المقبلة، مع عمل الاتحاد الأفريقى على تجهيز قوة التدخل السريع خاصة مع تعفن المشهد الليبي.
من جانب آخر، أشار الخبير العسكري في دراسته إلى أن الثورات التي شهدتها المنطقة العربية مؤخرا ” أدت لمزيد من التدخلات الخارجية سواء سياسيا أو عسكريا كما أدت –حسبه- إلى ” تغيرات كبيرة في موازين القوى “، وقال مضيفا أن ” الأوضاع في الأراضي الليبية تشهد وجود ثلاثة أطراف رئيسية في الأزمة، أولها حكومة الوفاق الوطني التابعة للمجلس الرئاسي الليبي برئاسة فايز السراج، وهو عبارة عن هيئة استشارية في طرابلس من 145 فردا يغلب عليهم ممثلون من جماعة الإخوان المسلمين، وفصائل إسلامية وتدين ميليشيات مسلحة بالولاء لهم، وكذلك حكومة الإنقاذ برئاسة خليفة الغويل، المنبثقة عن المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، والموالي للإخوان المسلمين “.
وأضاف الخبير العسكري في دراسته ” أن مجلس النواب الليبى الموجود فى شرق ليبيا برئاسة المستشار عقيلة صالح، معترف به دوليا، والذى تنبثق عنه الحكومة المؤقتة برئاسة عبدالله الثني، والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، بالإضافة لوجود تنظيمى “داعش” و”القاعدة” وجماعات إرهابية أخرى “، واستطرد يقول ” أما عن الوضع الإقليمى فنجد دولتى مصر والإمارات اللتين تدعمان الجيش الوطنى الليبى والبرلمان المنتخب، ثم قطر وتدعم المجلس الرئاسى والميليشيات الإسلامية، وتركيا التى تدعم الميليشيات فى مصراتة وفى توافق مع قطر، ولتركيا دور كبير فى تعقيد المشهد الليبى، ثم تونس والجزائر اللتين تميلان للوفاق “.
في المقابل أفصح اللواء سيد غنيم على أنه فى حالة الحاجة لتدخل عسكرى بري فى ليبيا ستعمل دول الجوار الليبى على تجنب أى تدخل أجنبى، مضيف في كلامه على ” عدم تحمس مصر وتونس والجزائر لوجود قوات لها بشكل دائم على الأراضى الليبية، وربما تفضل تقديم الدعم الكامل للجيش الليبى للقضاء على الإرهاب “، كما أوصى “غنيم” بضرورة العمل المشترك على حل الأزمة الليبية من خلال مبادئ رئيسية تتلخص فى مساندة الشرعية، والاعتراف بإرادة الشعب الليبى، المتمثلة فى مجلس النواب المنتخب، والحفاظ على أمن ليبيا واستقرارها ووحدة أراضيها، ورفض التدخل الخارجى فى الشأن الداخلي الليبي، واعتماد الحل السياسى كسبيل وحيد لاستعادة سلطة الدولة، والحفاظ على لحمة الشعب الليبي بمختلف أطيافه، وتمكين الشعب الليبى من الحفاظ على مقدراته وتطويعها لإعادة بناء مؤسسات الدولة “، وطالب بالاستمرار فى دعم اتفاق الصخيرات، رغم انتهاء فترة صلاحيته، من خلال التنسيق بين المجلس الرئاسى الليبى ومجلس النواب، واستمرار الحوار السياسي بين كافة الأطراف الليبية وتقديم مصلحة ليبيا العليا على ما عداها، سعياً لإقرار وتنفيذ تسوية سياسية شاملة وتشكيل حكومة وفاق وطني قادرة على تحقيق تطلعات الشعب الليبي ورفع المعاناة عن كاهله، وأشار إلى أهمية تفعيل آلية توافقية للخروج من الانسداد الحالى تعمل من خلال خطوات واضحة محددة متوافق عليها لوضع التعديلات الدستورية اللازمة وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية خلال أقرب فرصة ممكنة، مع استمرار جميع شاغلى المناصب الرئيسية فى ليبيا، ولحين انتهاء الفترة الانتقالية.
وتتمسك الجزائر برفضها القاطع لتواجد قواعد عسكرية أجنبية على حدودها، بالرغم من تواجد قاعدة عسكرية أمريكية للطيران في النيجر على مقربة من الحدود الجزائرية، كما أن حديث الرئيس التونسي باجي قايد السبسي على سماحه بتحليق طائرات عسكرية أمريكية فوق التراب التونسي قبل أشهر قد أحيا الجدل حول خلاف جزائري تونسي نجم إثر سماح السلطات التونسية لتحويل أراضيها محطة للقواعد الأجنبية وهذا ما ترفضه السلطات الجزائرية وتراه أمرا يهدد سلامة التراب الوطني، حيث أن تلك القواعد تستعمل عادة كمنصات للتجسس على بلدان المنطقة ما دفع الحكومة الجزائرية إلى تكثيف تنسيقها الأمني ودعمها العسكري للسلطات التونسية في مكافحة الإرهاب وهذا لتحقيق انسجام بين الطرفين خوفا من استغلالها من طرف قوى غربية للضغط على تونس للقبول بقواعد عسكرية فوق أراضيها في ظل تنافس دولي حول توسيع مناطق النفوذ وتقسيمها من جديد خاصة مع العودة القوية لروسيا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والمنافسة الأوروبية الأمريكية مع الصين في الزحف على أسواق القارة الإفريقية.
إسلام كعبش
الرئيسية / الحدث / حسب خبير عسكري في الحلف الأطلسي "الناتو":
روسيا مستعدة لإرساء قواعد عسكرية في ليبيا
روسيا مستعدة لإرساء قواعد عسكرية في ليبيا