تنظر المعارضة بعين من الريبة والشك إلى اتفاق الارتباط الإقليمي بين الولايات الجزائرية ونظيرتها الفرنسية ويميل المعارضون إلى اعتبار العقد بين الطرفين أنه صك لتزكية النظام بالجزائر.
أثار اللقاء الذي جمع أول أمس ولاة الجمهورية الجزائريين بمحافظي الجمهورية الفرنسية بإشراف كلٍ من وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية نور الدين بدوي ونظيره الفرنسي جيرار كولومب، ردود فعلية كثيرة انتقدت اللقاء واعتبرته عقد ارتباط جديد بفرنسا بينما ذكرت وزارة الداخلية أن اللقاء كان منفذا لبحث مسائل تسيير الجماعات الإقليمية، في إطار التعاون اللامركزي بين الجزائر وفرنسا.
وذهب محللون مختصون إلى أن اللقاء يدخل ضمن تشريع منصوص عليه في القانون الجزائري، وأنه لقاء بين بلدين مستقلين في السيادة وأن لقاء المجتمعين كان لفك اللبس في عديد القضايا وتذليل كل العراقيل القانونية بين الطرفين لتسهيل التعاون في أحسن الظروف دون التعرض لسيادة الدول أو المساس بإحدى خصوصياتها.
و دافع وزير الداخلية الفرنسي عن إعطاء دفع جديد للعلاقات الفرنسية مع الجزائر وانتقى خلال حديثه عبارات تدل على حرص فرنسا على تثبيت مزيد من التعاون بين البلدين ما أثار كثيرا من الاستفهام عن فحوى هذا الدفع الجديد الذي يريده الجانب الفرنسي.
وكشف من جهته وزير الداخلية نور الدين بدوي أن اللقاء كان في شق منه مرتبطا بالتعاون والتنسيق الأمني لمكافحة الإرهاب إضافة إلى التعاون الاقتصادي والتنمية المستدامة بين ضفتي المتوسط.
بينما انتقد البعض منهم نوايا الجانب الفرنسي بأنه دفاع فرنسي للاحتفاظ بالجزائر حديقة خلفية لفرنسا وشكك البعض الآخر في تصريحات جيرارد كولمب التي أثارت تساؤلات كثيرة بخصوص إعادة الدفع الجديد في العلاقات بينما ربط آخرون الزيارة بأنها اتفاق جديد لإطالة عمر النظام الحاكم في الجزائر.
عامر رخيلة:
في ظاهرها التكوين وفي باطنها الدخول على خط الرئاسيات
كشف الدكتور رخيلة عامر أن المبادرة في ظاهرها مجرد لقاء بين ولاة الجمهورية الجزائرية ومحافظي الجمهورية الفرنسية تحت إشراف وزيري الداخليتين، تحت ذريعة تبادل الخبرات في دورة تكوينية على أعلى مستوى إداري.
ويعد اللقاء سابقة ليس في العلاقات الجزائرية الفرنسية فحسب بل في العلاقات الثنائية بين الدول مما يجعلنا نقول أن اللقاء يحمل أكثر من رسالة فهو مفتاح للتوأمة مستقبلا بين ولايات الجزائر ومحافظات فرنسا وما يترتب عن ذلك من فوائد لفرنسا لغويا وماليا وثقافيا والأهم التواصل المباشر مع ساكنة الولاية.
وتأتي هذه المبادرة في ظل حراك داخلي يتسم بالتسابق غير المعلن للموعد الرئاسي 2019 وللإدارة الفرنسية دورها في هذه المرحلة.
وأضاف المتحدث أن الولايات الحدودية تحظى باهتمام كبير من المكلفين بملف الساحل على مستوى مختلف المصالح الفرنسية والاتصال مباشر بولاة تلك الولايات يعد ضروري ومدخل لتمرير الرؤية الفرنسية أو هكذا يعتقدون.
وفسر ذات المتحدث الدفع الجديد للعلاقة في المنظور الفرنسي أنه استرجاع للهيمنة الفرنسية في المبادلات الثنائية، وذلك بتحجيم باقي المنافسين لاستعادة المواقع التي فقدتها اللغة الفرنسية في المعاملات الإدارية والبحث عن نفوذ جديد في المجال العلمي والتكويني لاسيما على المستوى الجامعي والمدارس العليا المتخصصة وعلى الخصوص في المدرسة الوطنية للإدارة التي زحزحت فيها اللغة الفرنسية إلى درجة لا ترضي فرنسا.
وللولاة الدور الفاعل بصفتهم ممثلي الحكومة على مستوى الولاية ولهم في إطار اللامركزية مجال واسع للقرار وإبداء الاقتراح للسلطات المركزية.
واستنكر الدكتور رخيلة عامر تصريحات المسؤولين في الجزائر الذين اعتبروا المبادرة مجرد لقاء تشاوري وتكويني بين رؤساء الإدارتين المحليتين في البلدين وتحت إشراف مزدوج لوزيري الداخليتين .
رئيس حركة حمس عبد الرزاق مقري:
فرنسا نجحت في العودة إلى الجزائر “ولاية فرنسية”
انتقد رئيس حركة حمس المحسوبة على التيار الإسلامي في الجزائر،اللقاء الذي تم ترتيبه في الجزائر بين ولاة الجمهورية الجزائريين ونظرائهم الفرنسيين.
واعتبر المتحدث أن الجزائر تعيش حالة من الضعف وأن اللوبي الفرنسي لا يزال يسيطر على كافة دواليب الدولة وأن اللقاء الأخير كشف عودة الجزائر إلى” نظام الجزائر ولاية فرنسية” الذي كان مستعملا خلال الاستعمار.
وكتب مقري على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك معلقا على اللقاء “قد صار اللوبي الفرنسي في الجزائر مثل اللوبي الصهيوني في الدول الغربية، يخشاه كل صاحب طموح شخصي، ويطمع فيه كل بائع لذمته من أجل السلطة والمال والجاه، للأسف الشديد تراجعت جبهة المقاومة في مواجهة ” حزب فرنسا” ، تراجعت داخل جبهة التحرير وداخل الدولة وفي المجتمع والسبب في ذلك البحبوحة المالية!
كان من المفروض أن تستعمل البحبوحة المالية لتحقيق التنمية والازدهار والتطور ولكنها للأسف الشديد استعملت لشراء الذمم، ذمم كبار القوم وصغارهم، استعملت لخلق لوبيات مالية واقتصادية لا علاقة بالتنمية الحقيقية وإنما دورها التحكم وحماية المتحكم وكثير منها لحماية المصالح الفرنسية البعض يتهمنا بأن موقفنا من العلاقة المتميزة بفرنسا دوافعه أيديولوجية. لا ليس الأمر هكذا، لو كان الأمر هكذا حصريا ما الفرق بين فرنسا وأي دولة غربية أخرى، كنا ولا زلنا نقول نريد علاقة رابح/رابح مع الجميع وليس علاقة تبعية وخدمة المصالح الأجنبية …..”.
جيلالي سفيان رئيس حزب جيل جديد:
النظام يبحث له عن غطاء خارجي للبقاء
من جهته انتقد جيلالي سفيان الارتباط الذي وقعته الجزائر مع ولاة الجمهورية الفرنسيين واعتبر ذلك مجرد ذر للرماد في العيون وأن الهدف الخفي هو الحصول على صك من فرنسا لتزكية النظام الجزائري.
ففرنسا بهذا الاتفاق تكون قد ضمنت ارتباطا وثيقا بالجزائر مقابل بقاء النظام في الجزائر على حاله واتهم جيلالي سفيان النظام بأنه يبحث له عن غطاء من الخارج وبحكم ارتباط النظام الجزائري بفرنسا فانه لن يجد عنه بديلا.
محمد ذويبي الأمين العام لحركة النهضة:
ارتباط ولايات الجزائر بنظيراتها الفرنسية غير متكافئ
انتقد من جهته محمد ذويبي أمين عام حركة النهضة نتائج اللقاء الذي جمع ولاة الجمهورية بنظرائهم الفرنسيين واعتبر عدم التكافؤ في التعامل بين الجزائر وفرنسا لا يزال حائلا بين الجزائر وتحقيق مصالحها.
وأضاف المتحدث أننا في الوقت الذي كنا نبحث فيه عن تعامل ندي بين طرفين مستقلين عن بعضهما فوجئنا بهذا الارتباط الجديد الذي يزيد من إطالة هذه العلاقة الغير متكافئة .
ففرنسا لا تزال تبحث عن نفوذها في الجزائر وتريد المحافظة عليه في وجه المنافسة على المنطقة.
وبالنسبة للجانب الفرنسي فان الجزائر ستبقى سوقا لمنتجاتها ولن تكون بهذا المنظور المعمول به مركزا للاستثمار، وتريد أن ينظر الاتحاد الأوربي للجزائر من خلال عيون فرنسية، وهو ما ضيع على الجزائر فرصا كثيرة للاستثمار والنهوض باقتصادها واستقلاليتها.
رفيقة معريش