أبانت التحركات التمهيدية البعيدة عن الأضواء والتي شهدها قطاع من الطبقة السياسية خلال شهر رمضان عن أن حركية كبيرة مرتقبة ولا تنتظر إلا الإشارة الخضراء التي ستأتي بعد العيد مباشرة حيث يبدأ العد التنازلي مبكرا وهو ما ينبئ بأن فترة الصيف المقبلة لن تكون فترة للراحة بل ستكون فرصة للقيام برحلة البحث عن المواقع في السياقات السياسية المنتظرة.
وبالعودة إلى التحركات التمهيدية المكثفة التي عرفتها الفترة الرمضانية فإن اتصالات تشاورية جرت بين الأطراف السياسية مثل تلك “اللقاءات الودية” التي كانت تقوم بها حركة مجتمع السلم وحركة البناء الوطني بغية بلورة فكرة التوافق الوطني التي لا تزال في المرحلة الجنينية كشعار رفع دون أن تتحدد معالمه بدقة إلى جانب التحرك اللافت الذي قامت مجموعة 14 التي دعت الرئيس بوتفليقة صراحة إلى الانسحاب وعدم خوض المعترك الانتخابي قبل أن تصدر بيانا ثانيا أوضحت فيه بشيء من التفصيل أهدافها المتوسطة والبعيدة دون أن تفصح عن موقفها من خوض الموعد من عدمه ما عدا الدعوة إلى إجراء تغيير جذري وعميق وإصلاحات سياسية لا تتوقف عند مجرد دفع الرئيس بوتفليقة إلى عدم الترشح لعهدة خامسة.
ويبدو أن الهدف المشترك من هذه التحركات تقريب القراءات المختلفة للوضع والبحث عن مقاربات مشتركة لمواجهة المرحلة المقبلة التي هي مرحلة هامة وحساسة بالنظر إلى أهمية الاستحقاق الرئاسي المقبل داخليا وخارجيا.
ظلت تحركات الطبقة السياسي إلى غاية الأيام الأخيرة تجري باحتشام في ظل حالة الترقب العامة لموقف الرئيس بوتفليقة من المشاركة في موعد أفريل 2019 وهو ما أجبر أحزاب الموالاة على انتظار الإشارة الخضراء للتحرك في هذا الاتجاه أو ذاك ورهن عمل المعارضة التي ظلت تنتظر هوية خصمها من السلطة في الموعد الانتخابي المقبل لتعد له العدة وتصيغ له الموقف السياسي المناسب بالمشاركة أو المقاطعة وبالصيغ التي يمكن أن تشارك فيها إذا استقر قرارها على المشاركة الانتخابية ولو دون الضمانات التي ظلت تطالب بها.
غير أن كل شيء ينبئ أن التشكيلات السياسية والشخصيات المستقلة على أهبة الاستعداد للانطلاق بعد العيد مباشرة في رحلة البحث عن المواقع والمواقف المناسبة التي ستتبلور معا نهاية السنة ولأن “زواج ليلة تدبيرو عام” كما يقول المثل الشعبي عندنا فإن على الساحة السياسية أن تتحرك بسرعة لتدارك التأخر الذي أحدثته حالة الترقب السائدة بسبب الإشارات التي ظل محيط الرئيس بوتفليقة يرسلها للرأي العام بأن ترشحه للعهدة الخامسة ليس مستبعدا بل أن هناك بعضا من المؤشرات قطعت الشك باليقين وهي دعوة 700 ألف مناضل من حزب جبهة التحرير الوطني، على لسان جمال ولد عباس، رئيس الحزب ورئيس الجمهورية إلى الاستمرار والترشح للعهدة الجديدة وهي دعوة مناقضة لتصريحات أخرى أدلى بها الرجل ذاته فحواها أن الرئيس لن يكون إلا من حزب جبهة التحرير الوطني في إشارة ضمنية إلى أن الحزب لن يدعم ترشح الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي الوزير الأول احمد أويحيى أو أي مرشح آخر من خارج الحزب. تضاف إلى هذه الدعوة دعوات أخرى من المركزية النقابية وجمعيات أخرى تنادي الرئيس إلى “الاستمرار لمواصلة إنجازاته وتنفيذ برنامجه”.
وبالرغم من الغموض النسبي السائد بشأن موقف الرئيس بوتفليقة من العهدة الخامسة إلا أن الطبقة السياسية لا تملك هامش الانتظار إلى أن تنقضي الفترة الصيفية للشروع في التحرك الجدي والحاسم، وينتظر أن تشرع في العمل في الأيام القليلة التي تعقب العيد ويرتقب أن تتكثف لقاءاتها قصد إعداد التصورات المناسبة والتموقع قصد الانطلاق الفعلي في الوقت الموعود.
وتظهر طبيعة التحركات أن التشكيلات السياسية والشخصيات المستقلة تتجه تحو تشكيل عائلات سياسية بمقاربات مختلفة فتحركات حركة مجتمع السلم تتجه إلى وضع السلطة أمام خيارين هما أن تندمج معها ضمن خيار مرشح توافقي أو الانفراد بمرشحها وهي التي استبعدت إلى حد الساعة إعادة تجربة التكتل مع أطراف المعارضة بينما بدت مجموعة 14 أكثر تشددا وراديكالية بالرغم من أنها لم تفصح لحد الساعة عن أي معارضة لمرشح توافقي مع السلطة إذا لم يكن هذا المرشح هو الرئيس بوتفليقة نفسه.
وفي خضم هذه البوادر هناك تشكيلات سياسية فضلت الاختباء في الظل وعدم المخاطرة بأي تحرك قد تكون عواقبه غير محسوبة أمام التغيرات السياسية المرتقبة ومن هذه التشكيلات من هي في صف الموالاة مثل حركة بن يونس وتاج غول وجبهة بلعيد وعمال حنون ومنها تشكيلات معارضة مثل التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وجبهة القوى الاشتراكية وجبهة العدالة والتنمية التي لا تتقاسم باقي الأطراف المعارضة فكرة دعوة الرئيس لعدم الترشح للعهدة الخامسة. غير أن مراقبين يرون أن صمت هذه التشكيلات لن يدوم طويلا إذ أنها ستلتحق بركب السباق في القريب العاجل.
احسن خلاص
الرئيسية / الوطني / اتصالات سياسية مكثفة ولقاءات تشاورية وتحسيسية منتظرة:
سباق الرئاسيات ينطلق بعد العيد
سباق الرئاسيات ينطلق بعد العيد
اتصالات سياسية مكثفة ولقاءات تشاورية وتحسيسية منتظرة:
الوسومmain_post