قال وزير الصناعة والمناجم، فرحات آيت علي، إن سعر السيارات الأقل من ثلاث سنوات، التي سيتم السماح باستيرادها قريبا بعد أن تنتهي اللجنة الوزارية المشتركة من إعداد منشور وزاري خاص يوضح آليات استيرادها، سيكون “مقاربا لأسعار السيارات الجديدة”، وأشار الوزير من جهة أخرى، إلى أن الحكومة “ستعمل على دعم قطاع الحديد والصلب وعلى رأسه مركب الحجار إضافة إلى النشاط المنجمي”، وأكد الوزير أيضا على أن الدولة تشجع المستثمرين “الجادين في مشاريعهم”، وأنه من يريد التصنيع في أي مجال فهو “مرحب به شريطة أن يجلب معه الأموال والتكنولوجيا”.
أوضح الوزير فرحات آيت علي، أمس، خلال تنشيطه منتدى جريدة “المجاهد”، إن الحكومة “اضطرت من أجل تحرير السوق باتخاذ إجراء استيراد السيارات الأقل من 3 سنوات”، وأضاف أن لجنة ثلاثية من وزارات المالية، الصناعة والتجارة، تعكف على إعداد منشور وزاري خاص يوضح آليات استيرادها، وأن النصوص التنظيمية “تسير بوتيرة سريعة”، غير أنه أكد أن أسعار هذه السيارات سوف تكون متقاربة من أسعار السيارات الجديدة، حيث أشار إلى أنه سيتم استيرادها من فرنسا وإسبانيا وألمانيا، “أين سعرها في البلدان المصدرة ليس منخفضا مقارنة بالجديدة، حيث أن معدل الاستخدام المتوسط لأغلبيتها قد يتراوح ما بين 20 ألف كلم أو فوقه بقليل، يضاف إليها حقوق الجمركة وسعر العملة الصعبة من السوق الموازية وليس البنوك”.
“من يريد التصنيع مرحب به لكن عليه أن يجلب رؤوس الأموال والتكنولوجيا”
من جانب آخر، انتقد الوزير وجود العديد من المتعاملين في تركيب السيارات، وقال إن هذا العدد قد لا تجده إلا في الجزائر، قائلا: “لا يوجد بلد في العالم من يستقبل 40 ملف للمتعاملين في السيارات كما حدث عندنا” والأسوأ حسب الوزير أن هؤلاء المتعاملين “يدّعون أنهم في مدة 5 سنوات سيصلون إلى نسبة إدماج 30 بالمائة، وهذا ما لا يتحقق”، وقال إن الحكومة “تدرك أنها مجرد تلاعبات من قبل هؤلاء المتعاملين، وللحد من هذه الأفعال ستلجأ إلى وضع دفاتر شروط”.
وأكد الوزير أن الحكومة مع المصنعين و المستثمرين لكن “الجادين في استثماراتهم” و أكد أنها ستقف معهم فقط يثبتوا أنهم “جادين” و لن يتم فرض أي شريك لا محلي و لا أجنبي عليهم قائلا: “أي علامة تريد التصنيع الفعلي في الجزائر لن نفرض عليها أي شريك”، وأضاف: “من يريد التصنيع الفعلي فليأتي بالأموال فقط والمعرفة”.
وقال آيت علي إن مهمته كوزير للصناعة هي “تحويل الجزائر إلى بلد صناعي وباستثمارات حقيقية منتجة”، وأشار الوزير إلى بعض العلامات الموجودة في الجزائر خصوصا في مجال تركيب السيارات قائلا: “كل أصحاب العلامات التي هي في الجزائر جاءوا ليصنعوا كما قالوا، بينما نجد أن استثماراتهم في بلادهم تمر بصعوبة …هذا يبعث عن التساؤل؟”، وأضاف “نريد أن يكون التصنيع حقيقي خاصة في السيارات السياحية… سنلزمهم بأن يأتوا بأموالهم و التكنولوجيا، وبأن يكون هيكل السيارة جزائري”.
“تسيير مركب الحجار ليس في المستوى المطلوب وسنعمل على خلق نمط تسيير جديد”
من جهة أخرى، تطرق وزير الصناعة إلى صناعة الحديد والصلب، حيث قال إن وزارته “تولي أهمية كبيرة لتطوير هذه الصناعة، وتهتم بشكل خاصة بدعم مركب الحجار، الذي اعتبر أن تسييره الحالي ليس في المستوى المطلوب”، مبرزا أن ما ينقصنا اليوم هو “التنظيم والانضباط” وأكد أنه “وفي حال طلب الجيش الوطني الشعبي تسيير مركب الحجار فلن أعارض طلبه”، في إشارة لتطور الصناعات التي يشرف عليها الجيش والانضباط في تسيير تلك المؤسسات الصناعية التابعة له.
وأكد في ذات السياق، أن “الجزائر لن تلجأ أبدا لتطبيق النمط المصري في صناعاتها”، مبرزا أن “كل ما يهمنا اليوم هو خلق نمط تنظيمي جديد في تسيير المركب، لأنه أصبح يسير بطريقة روتينية مما كبد الدولة خسائر معتبرة”، وأشار إلى أن الحجار هو “الوحيد الذي بني على استعمال مواد الخام الجزائرية المحلية”.
“استغلال المناجم مشاريع ثقيلة ونبحث عن شركاء جدد”
وبخوص النشاط المناجمي، أكد آيت علي، أنه من الضروري الآن التوجه بقوة إلى الاستثمار في النشطات المنجمية، معتبرا إياها “مشاريع ثقيلة”، وأنه يتم حاليا “دراسة الجدوى الاقتصادية لكيفية إعادة استغلال غار جبيلات ودراسة كيفية إيجاد شركاء جدد للمساهمة في إعادة استغلاله”.
واعتبر فرحات أيت علي أن “مشروع غار جبيلات مشروع ثقيل خصوصا وتزامن إعادة استغلاله بالوضعية المالية الحالية للبلاد”.
وأشار في السياق ذاته “أنه ورغم تأخر الحكومة في إطلاق إعادة استغلال هذا المنجم، إلا أن ذلك راجع للتريث والدراسة المعمقة للمشروع قبل اتخاذ أي قرار”، وأوضح فرحات آيت علي أنه “سيتم في هذا الصدد سن قوانين تنظيمية للاستغلال المناجم بصفة عامة”.
“الإعفاءات الضريبية شجعت المصنعين على تضخيم الفواتير”
واعتبر آيت علي، أن “الإعفاءات من الضريبة الجمركية التي كانت لصالح المصنعين كانت وراء تضخيم الفواتير وكانت بمثابة الممول الأول للعملة الصعبة في السوق السوداء”، وقال: “المصنعين لما تأكدوا من عدم دفعهم للضرائب الجمركية توجهوا إلى تضخيم الفواتير بطريقة عادية”.
“الجزائر لم تكن تملك رؤية صناعية واضحة منذ عهد بومدين”
قال آيت علي، أن الجزائر “لم تكن تمتلك رؤية صناعية واضحة المعالم منذ رؤية الرئيس الأسبق هواري بومدين”، وأضاف “أن تلك الرؤية دامت لفترة معينة ثم تحتم توقيفها لكن دون بديل ولا استراتجية واضحة المعالم”. واعتبر أنه “لا يمكن إصلاح ما تم فساده لمدة أربعين سنة خلال أربعين يوما فقط”، وأضاف أن “الجميع يطلب منا أن نصلح كل شيء في أربعين يوما، في حين أن ما تم إفساده كان طيلة أربعين سنة، وهذا غير ممكن”.
“لا نمانع استيراد الآلات المستعملة شريطة دفع الضرائب”
وأشدد وزير الصناعة أنه “لا يمانع لجوء المصنعين إلى استيراد الآلات المستعملة في التصنيع، شريطة أن لا تشكل عبئا على البنوك والخزينة، وأن تكون متطابقة مع المعايير المعمول بها، ولا يهم من أي بلد سواء كانت من الصين أو من الاتحاد الأوروبي أو غيرهم من الدول الذين تتعامل معهم الجزائر”.
وأكد فرحات آيت علي، قائلا: “سندرس إمكانية السماح لكم باستيراد الآلات المستعملة إن قمتم بدفع الضرائب”، وأشار في ذات السياق “لكن ذلك سيتم بعد معاينة الآلات”، وأضاف “نحن لا نعيب على المنتجات الصينية بل نعيب فقط على من يستورد مالا يصلح”.
“سنتخذ إجراءات لتصحيح الأخطاء المتعلقة بتوزيع العقار الصناعي”
وبخصوص العقار الصناعي، قال الوزير فرحات آيت علي أنه “أصبح يستغل كضمان لمنح القروض لإنشاء المصانع”، واعتبر أن “هذا خطأ يجب تصحيحه باتخاذ الإجراءات اللازمة”، واعترف الوزير أن “العديد من العقارات الصناعية تم توزيعها بمحاباة-المعريفة”، مؤكدا في السياق ذاته أنه “سيتم الحد من هذه الظاهرة وتقليصها من خلال التوجه لفرض دفتر شروط جديد سيمنع التحايل في ملف منح العقار الصناعي”.
رزيقة. خ