استحضر الموسيقي والفنان سليم دادة عبر صفحته الرسمية الفيسبوكية، كل ذكرياته مع المجاهد والمثقف والفنان والسياسي المخضرم الراحل الأمين بشيشي والعلاقة الذي جمعته بالراحل، حيث قال:
يغادرنا اليوم المجاهد والمثقف والفنان والسياسي المخضرم، الامين بشيشي، عن عمر يناهز الـ93 سنة.
عرفت السي لمين مذ كنت مؤلفا موسيقيا للأوركسترا الوطنية السيمفونية (2006-2009) حيث كنت ألقى الكثير من الاعجاب والتشجيع من قبله، الأمر نفسه سنة 2018 حين أسست “أوركسترا شباب الجزائر” أين لم يتوان في ارسال باقة ورد اعتذارا عن عدم حضوره للحفل الأول لهذا الأوركسترا الذي كان في قصر الثقافة “مفدي زكريا” بالجزائر.
طوال هذه السنوات، جمعتنا صداقة لم يشبها فارق السن بل توطدت يوما بعد يوم لما كان في أحاديثنا من المتعة والإفادة الكبيرتين وهو صاحب الذاكرة القوية والشاهد على قرن من الثورة إلى الاستقلال إلى بناء الدولة الجزائرية إلى مساهمته في مجال الاعلام والاتصال واجتهاده في ترسيخ النشيد الغنائي في العمل الثوري والتربوي والتعليمي.
من الواجب التاريخي اذن ومن باب الاعتراف بفضل من سبقونا ان نستذكر مآثرهم ويطيب لي اليوم أن اسرد بعض من أوجه حياة السي لمين بشيشي كما سمعتها منه أو كما استشفيتها من خلال اعماله:
الأمين بشيشي من مواليد سدراته بالشرق الجزائري سنة 1927. تتلمذ على يد والده الشيخ بلقاسم الاوجاني، ثم نزح الى تبسة حيث انضم الى حلقات دروس الشيخ العربي تبسي ثم سافر الى تونس اين نال شهادة التخرج سنة 1951 اين كان عضوا نشطا في جبهة التحرير فرع تونس من خلال نشاطه الإعلامي في جريدتي “المقاومة الجزائرية ” و “المجاهد” وكذا إذاعة “صوت الجزائر” إلى جانب عيسى مسعودي. في نفس الفترة كان تعلمه للموسيقى في معهد الرشيدية على يد الملحن محمد التريكي (صاحب الصيغة 2 لنشيد “قسما”).
بعد الاستقلال تقلد الأمين بشيشي عدة مناصب أهمها: مدير المعهد الوطني للموسيقى، مدير الإذاعة والتلفزيون الجزائري، وزيرا للإتصال في حكومة زروال، رئيس مجمع الموسيقى العربية (2013-2017)، كما قام بمهام سياسية، تربوية وثقافية عديدة.
ولكن ومع كل الزخم من النشاطات الحثيثة في المجال الثقافي والادبي والتاريخي فإن اسهام الأمين بشيشي الفني التربوي لا يقل شأنا وكيف لا وهو من أسس للبرنامج التلفزي “الحديقة الساحرة” بالتعاون مع الشاعر محمد الأخضر السائحي والمخرج بشير بلحاج، ومن منا لا يتذكر المنشودات التي اعتمدتها وزارة التربية كـ “حديقتي آن الأوان”، “لسلمى خروف”، “ما أجمل الجو هنا”، “هيا نلعب مثل الموكب”، “سيارتي الصغيرة”، “في الجنة الخضرا”، “مدرستي حان الرحيل”، “ملابسي”، الخ.
كما لا ننسى أنه ايضا من لحن نشيد “يا شهيد الوطن” عن كلمات لإبراهيم طوقان ومحمود أبو الوفا، وموسيقى جينيريك مسلسل “الحريق” لمصطفى بديع، كما لحن أغنية “أنا حرة في الجزائر” التي وضعها لمريم ماكيبا تحت توزيع وقيادة بوجمعية مرزاق بمناسبة الألعاب الافريقية المنظمة في الجزائر سنة 1978.
كتابه “أناشيد للوطن” (2007، Anep) يعتبر مرجعا تاريخيا وموسيقيا للأناشيد الوطنية لما قبل وبعد الاستقلال. كما ان آخر اصدار له “تاريخ ملحمة نشيد قسما” مع المجاهد عبد الرحمن بن حميدة (منشورات ألفا/مؤسسة مفدي زكريا، 2017، ط2) يعتبر الكتاب الاكمل الذي يزيح اللثام عن حيثيات وملابسات كتابة وتلحين وتسجيل ومجريات إقرار “قسما” نشيدا للثورة الجزائرية ومن ثم اعتماده كنشيد وطني للجزائر المستقلة.
رحم الله سي لمين بشيشي وطيب ثراه والهم اهله واسرته الثورية والثقافية والفنية الصبر والسلوان وادام ذكرى ابتسامته في قلوبنا اجمعين.