تحاول السلطة في المرحلة المقبلة العمل على تهدئة الجبهة الاجتماعية على عديد الأصعدة قبل سنة من الذهاب نحو الانتخابات الرئاسية 2019 وهذا لتمريرها في ظروف هادئة خاصة إذا تم الإتفاق على تمرير العهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة.
اتخذ الرئيس بوتفليقة قرارات في الآونة الأخيرة عاكسة لمطالب شعبية، قرارات جاءت على شكل مفاجئ لم يكن أكبر المتفائلين ينتظر ترسيمها في الظرف الراهن، بالنظر إلى السنوات الطويلة التي يتم النضال لأجلها، إلا أنه كان للسلطة رأي آخر بعد أيام من الحراك الاحتجاجي المكثف الذي عرفته منطقة القبائل ردا على وقف البرلمان تمرير مادة في قانون المالية تتعلق بتخصيص موارد مالية لتعميم تعليم الأمازيغية، فالسلطة مجسدة في الرئيس بوتفليقة لديها حساباتها السياسية التي دفعتها لترسيم يناير ” رأس السنة الأمازيغية ” كعيد وطني رسمي والإسراع نحو وضع قانون خاص بالتأسيس لأكاديمية اللغة الأمازيغية، وهي من أبرز المطالب التي حملها الحراك الأخير الداعي إلى تعميم تعليم اللغة الأمازيغية وترقيتها وتعزيزها نظرا لطابعها الدستوري الرسمي. ويبدو أن السلطة استوعبت أن صراعها التقليدي مع الحراك الأمازيغي خاصة في منطقة القبائل لا بد أن ينتهي حاليا أو يخفف مؤقتا، وهذا لمواجهة التطور الزمني لحركة ما يعرف بـ ” استقلال منطقة القبائل ” ” الماك ” التي تستغل أي محطة تاريخية متعلقة بالنضال الأمازيغي لتحريك مسيرات لأنصارها في المنطقة. واستطاعت السلطة بترسيم ينايّر كيوم عطلة مدفوعة الأجر أن تحقق نوعا من الإجماع حول قرارها من جميع الأطياف خاصة من طرف المناضلين في القضية الأمازيغية الذين رحبوا باعتراف الدولة أخيرا برأس السنة الأمازيغية بالرغم من تأكيدهم على أن مسيرة النضال لن تتوقف عند هذا الحد، وهذا في الحقيقة ما تبحث عنه السلطات العمومية أن تلبس قناع ” البطولة ” في هذا الوقت بالذات.
وفي نفس الوقت هللت الأحزاب الموالية بقرارات الرئيس بوتفليقة المعلن عليها مؤخرا، على رأسها جبهة التحرير الوطني التي يظل أمينها العام جمال ولد عباس يؤكد أن الجبهة هي ” الدولة “وهي التس ستختار الرئيس المقبل، حيث قال هذا الأخير في معرض مدحه للقرارات الرئاسية أنها ” رفعت رؤوس كل الجزائريين “، وحسب معلومات متوفرة فإن ” الأفالان ” يبحث عن الوقت المناسب لبعث تنسيقيات دعم ومساندة ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة مثلما أعلن على ذلك النائب عن ولاية عنابة بهاء الدين طليبة، وبالتالي فإن هناك نوع من الاستعداد النفسي داخل الأحزاب المرتبطة بالسلطة للعهدة الخامسة ولا بد من توفير الجو السياسي الملائم لها وهذا ما يبينه الهدوء المستفيض الذي تعرفه جبهة التحرير الوطني بعد كل المشاكل التنظيمية التي تعرض إليها الحزب وكذلك التجمع الوطني الديموقراطي المنتشي بعودته لتسيير الحكومة.
وتعمل الحكومة بالرغم من تمريرها الناجح لقانون المالية الذي فرض مزيدا من شد الحزام على المواطنين أن تبقي على المكتسبات الاجتماعية للمحافظة على التوازن الإجتماعي، في نفس الوقت تواصل الحكومة إطلاق برامج سكنية عبر كامل التراب الوطني، بالنظر إلى أن السكن يبقى أولوية كبيرة بالنسبة للحكومة لكسب شراء السلم الإجتماعي في ظل تدهور القدرة الشرائية للمواطنين مع شح الموارد المالية وعجز الدولة عن مواجهة هذه الضغوط الاقتصادية إلا بالذهاب نحو الاقتراض من البنك المركزي عبر صيغة طبع النقود.
في نفس السياق، يؤكد عامر رخيلة المحلل السياسي أنه متيقن بأن الحكومة لولا الإنتخابات الرئاسية في أفريل 2019 لكانت ” قد اتخذت حزمة من الإجرءات التقشفية أكثر حزما ضد المواطنين وأشد وطأة عليهم “، وأفاد عامر رخيلة في اتصال مع ” الجزائر ” أن إجراءات غير اجتماعية من طرف الحكومة ” لن تخدم أصحاب القرار الذين يحضرون لرئاسيات 2019. “. وحول ترسيم يناير كعيد وطني وعطلة مدفوعة الأجر، اعتبر عامر رخيلة أنها رسالة سياسية من السلطة إلى ” الرأي العام الخارجي أكثر منه الوطني حول اهتمام الجزائر بالحقوق الثقافية واللغوية للبلاد”، مضيفا أن القرار حقيقة لديه تأثيرات في الداخل من بينها ” تثبيت الهدوء في منطقة القبائل ونزع أوراق من مجموعات مناوئة “.
ويرى المحلل السياسي العضو السابق في المجلس الدستوري عامر رخيلة أن العهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة إذا تم حاليا الاتفاق على تمريرها ” سيتم امتصاصها في السنة الحالية 2018 ” فيما يشبه ” تمييع الحديث عنها “، وبالتالي ” بث اليأس في الرأي العام حتى لا يطمح لعملية التغيير “. كما أوضح المتحدث أن السلطة في ظل العجز المالي الذي تعانيه ” فهمت أن التركيز على ملف السكن مهم جدا ومواصلة تنفيذ البرامج السكنية لامتصاص الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه المواطنون “.
إسلام كعبش
فيما بدأت بوادر انطلاق السباق :
الوسومmain_post