تسعى السلطة إلى إنشاء سلطة وطنية لتنظيم الانتخابات، تتكون من مواطنين وممثلين عن المجتمع المدني والتنظيمات الاجتماعية وممثلين عن مساعدي العدالة لتحل محل وزارة الداخلية والإدارة المتهمتين بالتزوير في تنظيم العملية الانتخابية على مر عقود من الزمن لصالح مرشح السلطة.
ونقل الإعلام نسخة عن مشروع القانون المتضمن إنشاء “السلطة الوطنية لتنظيم الانتخابات”، الذي حدد مهامها ومجال تدخلها وكيفية تعيين أعضائها.
ويندرج هذا المشروع في إطار تحويل جملة من الصلاحيات التي كانت من اختصاص السلطة العمومية إلى السلطة الوطنية بغرض ضمان شفافيتها وشمولية صلاحياتها، في مجال تنظيم الانتخابات تجاوبا مع التزام السلطة في حماية الانتقال الديمقراطي.
وتنظر المعارضة والطبقة السياسية إلى المشروع بنوع من التروي، في انتظار ما ستحمله قادم الأيام.
وينتظر أن تدخل السلطة ممثلة بمن ينوب عنها سياسيا بوجوه تحظى بقبول وثقة من جميع الأطراف، في حوار جاد ونزيه مع الطبقة السياسية، للاتفاق حول صيغة موحدة لتنظيم العملية الانتخابية وضمان شفافيتها.
ويريد المحاورون من الطبقة السياسية والمجتمع المدني، جس نبض السلطة في مدى صدق نواياها، لتطليق “عقلية النظام السابق ” التي ظلت جاثمة ضد التغيير السياسي في البلاد.
ويشكك المعارضون في نوايا السلطة التي لا تزال تمسك بكل أطراف اللعبة، ومنها تجنيد مؤسسات الدولة من البلديات التي ستحتضن العملية الانتخابية و”اللوجستيك” التي تستخدم ،لتكون درعا لها لتزوير الانتخابات مرة أخرى.
ويدافع أصحاب هذا الرأي أن تنظيم العملية الانتخابية لا يمكن بأي حال تحت رقابة “السلطة الوطنية لتنظيم الانتخابات “التي تزعمها السلطة، وهو ما يسهل التزوير.
ويضيف المشككون أن البلديات التي يتحكم في أغلبها أحزاب السلطة من “الافلان ” و “الارندي ” سيكونون في الموعد يوم الاقتراع لتضخيم النتائج على مستوى المراكز لصالح مرشح السلطة لذلك فان ضمان فوز صوت الشعب مشكوك فيه.
جيلالي سفيان رئيس حزب جيل جديد:
“ضمانات العملية الانتخابية تأتي بقرارات سياسية”
قال جيلالي سفيان رئيس حزب جيل جديد المحسوب على المعارضة السياسية أن المشروع لا يزال لم يكشف عنه بعد، وفي انتظار ذلك فإن كل الطبقة السياسية في البلاد تريد اللجوء إلى الحوار السياسي بين جميع الأطراف في جو نزيه ومنظم .
وأضاف رئيس حزب جيل جديد أن السلطة مطالبة بتقديم مزيد من الضمانات التي تأتي بقرارات سياسية تجسد على أرض الواقع كإطلاق سراح سجناء الرأي وإطلاق حرية التعبير والإعلام ورفع يدها عن تكميم المعارضة، حتى تثبت أنها فعلا ستتجه إلى تحرير العملية الانتخابية من التزوير .
و أضاف جيلالي سفيان أن السلطة إذا ضمنت حوارا حقيقيا، وتم الاتفاق على كل قواعد اللعبة السياسية وتم تعديل القوانين لفائدة هذا الانتقال الديمقراطي فسيتم فعلا احترام صوت الشعب الذي لن يتم دون إرادة سياسية فعلية من السلطة.
عامر رخيلة محلل سياسي:
“هاجس الدور الذي تلعبه السلطة منذ 62 لا مبرر له اليوم”
أبدى الدكتور رخيلة عامر عضو المجلس الدستوري سابقا، كثيرا من التفاؤل بخصوص مستقبل العملية الانتخابية التي وعدت بها السلطة في ظل السلطة الوطنية لتنظيم الانتخابات التي ينتظر استحداثها مستقبلا.
وأضاف رخيلة أن هذه الهيئة ستزود بكافة الصلاحيات التي كانت سابقا موكلة للإدارة ووزارة الداخلية ،إضافة إلى تواجد ممثلين عن العدالة من القضاة الذين يتواجدون على مقربة من مراكز الاقتراع ، كما سيخول لكل شخص الإبلاغ عن التجاوزات أينما حدثت.
واستشهد المتحدث بتجربة 1991 التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة، إذ على الرغم من تنظيم العملية الانتخابية من طرف السلطة إلا أن حزب “الفيس ” قد فاز بالانتخابات بفعل تجنيد المناضلين من الفيس لحماية صوت الشعب، وكان خلالها دور وزارة الداخلية لوجيستيكيا .
و في اعتقاد الدكتور رخيلة عامر فان “الخوف ” الذي يتردد حاليا، هو وليد الدور الذي ظلت تلعبه السلطة منذ استقلال البلاد في 1962، وهو ما يشكل عائقا نفسيا عميقا لدى الغالبية.
ودعا المتحدث إلى التكيف مع المعطيات الجديدة وتجاوز النظرة التشاؤمية التي قد تقضي على عملية الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وحسب المتحدث فان السلطة قد أبانت عن نواياها من خلال استحداث قرارات سياسية أحدثت فارقا كبيرا بين ما مضى، وما تعيشه البلاد حاليا فقرار استحداث الهيئة يعد تقدما سياسيا يحسب لهذه للسلطة.
نسيم بلهول محلل سياسي:
“لا يمكن إحداث إجماع والأمور تتجه نحو المجهول”
قلل المحلل السياسي نسيم بلهول من حظوظ نجاح الحوار الذي دعت إليه السلطة ووصف بلهول الحلول السياسية “لإنجاح العملية الانتخابية” من خلال الهيئة المزمع استحداثها مستقبلا، أنها حلول لن تجد لها من سيجمع عليها.
ووصف المتحدث المضي نحو هذه الانتخابات بالصيغة التي دعت إليها السلطة أنها حل سياسي يحمل في طياته حلا أمنيا .
وأضاف بلهول أن المؤسسة العسكرية ترعى هذا الحل، وتطالب بالتسريع في الأخذ به في ظل تنامي أصوات معادية لها داخل الحراك تنادي بإخراج المؤسسة العسكرية من الحل.
وفي اعتقاد بلهول فإن نجاح هذه الوصفة التي ترعاها المؤسسة العسكرية ستواجه كثيرا من العقبات، وفي مقدمتها الخلاف السياسي بين جميع الأطراف.
ووصف المتحدث مرافقة المؤسسة العسكرية للحل السياسي في البلاد أنه وصفة الغرض منها الحفاظ على نفس النظام ، وأن إضافة شيء من التوابل كحماية صوت الشعب في الانتخابات الذي لن يغيير من الأمر شيئا.
رفيقة معريش