“الجزائر” تتحدث إلى بعضهم وتنقل شهاداتهم وطموحاتهم
يقال إن “الأزمة تلد الهمة” وأن “الحاجة أم الإختراع”، وهما المقولتان اللتان أثبت شباب الجزائر اليوم صدقهما، في ظل الأزمة الصحية التي تمر بها البلاد على غرار باقي دول العالم نتيجة تفشي وباء “كورونا”، حيث دفعت هذه الأزمة بالشباب إلى الإبداع والبحث والإبتكار عن كل ما قد يساعد في مكافحة الوباء، ويظهر ذلك جليا في الإختراعات والإبتكارات التي أنجزها شباب في عمر الزهور، كمجهودات في أغلب الأحيان فردية أو جماعية بالاشتراك مع أصدقاء من تخصصات مختلفة، لتكون في النهاية ابتكارات مدهشة ستساهم لا محالة بشكل كبير في تقليص العدوى وتقليص عدد الإصابات بالفيروس وحماية الأطقم الطبية، وستزود المستشفيات بما تحتاجه من معدات لمعالجة المرضى..
“الجزائر” نقلت شهادات حية لبعض هؤلاء الشباب أصحاب الإبتكارات، تحدثوا فيها عن كل الخطوات التي مروا بها خلال مرحلة الابتكار، بداية من الفكرة اللبنة الأولى، إلى تجريب الأجهزة بالمستشفيات، وعن طموحاتهم في تقديم المزيد للنهوض بالوطن .
وحسب من تواصلت معهم “الجزائر”، فابتكاراتهم العلمية، نابعة من رغبتهم في تقديم يد العون بعد الوضع الصحي الذي فرض على البلاد، فهم لم يريدوا البقاء مكتوفي الأيدي أمام هذا الظرف، ووضعوا كل طاقاتهم العلمية، وإمكانياتهم، خدمة لبلادهم وحماية لأرواح مواطنيهم، وهي ابتكارات أدهشت الجميع، وأثبتت أن الفرد الجزائري والشباب بالخصوص قادر على صنع المعجزات حتى ولو بإمكانيات ضعيفة، فما بالك إذا أتيحت له الفرص التي يستحقها.
المهندس حسين بن عبيد .. مبتكر نظام لتشخيص 5 آلاف حالة في أقل من 60 دقيقة
من بين أهم الابتكارات التي فاضت بها الساحة الوطنية مؤخرا، والخاصة بمكافحة وباء “كورونا”، ما قام به المهندس في الإعلام الآلي ذو 30 سنة ابن ولاية باتنة، حسين بن عبيد، أو كما يحب أن يدعوه “رمزي”، والذي وضع برنامج ذكاء اصطناعي يتيح تشخيص أكبر عدد ممكن من حالات الاشتباه بإصابتها بفيروس “كورونا” المستجد “كوفيد19” في ظرف زمني لا يتعدى الساعة من الزمن عن طريق قاعدة بيانات طبية، يقوم خلالها برنامجه بمقارنتها بحالات أخرى غير معروفة.
ويقول بن عبيد في تصريح لـ”الجزائر”، في رده على العديد من الأسئلة حول تخصصه، وكيف خطرت له فكرة هذا البرنامج، وكيفية تسييره ومدى نجاعته: “درست ليسانس اعلام آلي في جامعة فسديس بباتنة بعدها كانت الوجهة خارج الوطن إلى قبرص لأكمل دراستي في جامعة الشرق الأدنى ماستر 1. هندسة الكمبيوتر لم أكمل دراستي لأنني أردت اختيار طريق التطبيق وليس النظري الأكاديمي في الجامعة فقط فكانت الوجهة بعدها إلى الهند حيث قمت بعمل تربص مغلق لمدة ستة أشهر درست حماية الشبكات والبرمجة حيث تحصلت على لقب خبير دولي في أمن الشبكات وبعدها كانت العودة إلى الديار عدت منذ عام تقريبا إلى الجزائر”، وأضاف بخصوص فكرة البرنامج قائلا: “فكرة الإبتكار أتت مع الظروف، وأثناء مكوثي بالحجر الصحي حاولت تقديم مساعدات لبلادي لأنه في الأخير لن تجد الجزائر في الأزمات سوى أبنائها المخلصين، والجزائري يمكنه تقديم الكثير”.
وبخصوص البرنامج قال المخترع: “هو عبارة عن خوازمية الذكاء الصناعي قمت بتطويرها لتعمل مكان تشخيص الطبيب لكنها أكثر فعالية من الطبيب لأنها تستطيع أن تصل إلى تفاصيل الراديو-التصوير بالأشعة- الخاص بالجهاز الصدري بدقة جد كبيرة لا تستطيع العين المجردة الوصول لها كما نعلم كلنا أنه لكشف عن شخص مصاب بكورونا لابد من عمل فحص عن طريق جهاز “سكانير” وليس تصوير بالأشعة-راديو، لكن خوازميتي الذكاء الصناعي تستطيع أن تشخص المريض من خلال صور أخذت عن طريق تشخيص بالراديو-التصوير بالأشعة- للجهاز الصدري، ولعملها نحتاج إلى بناء خلية عصبونية الذاكرة تكون كبيرة جدا كلما كانت ذاكرة الذكاء الصناعي كبيرة كلما كانت نتائجنا أفضل”.
وأوضح: “الذكاء الإصطناعي معناه أن نعمل عقل فيه قاعدة بيانات كبيرة من فحوصات المرضى القدماء وعندما تريد الكشف عن شخص أنه مريض أو لا، تقوم الخوارزمية بعمل مطابقة وعمل خمسة آلاف احتمال لكل فحص، وأستطيع جعلها تعمل ألف على الأكثر فحص في الساعة إذ كان هناك كمبيوترات ذات مواصفات قوية”.
وفي رده على سؤال إن كان الابتكار مكلف، قال المهندس الشاب، أن الأمر “لا يحتاج إمكانيات كبيرة فقط جهاز حاسوب ذو معالجة جيد وعقل للتفكير”، وفي رده على سؤال آخر إن تم تجريب الإبتكار، قال المتحدث ذاته، أنه “تم تجربته بمستشفى الأمراض الصدرية ببتانة و عيادة للأشعة بباتنة منذ ثلاثة أيام”.
الطالب حمزة بوخزر يبتكر أجهزة تنفس ووقاية بواسطة أقنعة غوص
أيضا من بين الابتكارات العلمية الطبية المدهشة، ما قام به الطالب الجامعي حمزة بوخزر إبن ولاية جيجل، الذي يدرس الطب، والذي قام بتحويل الأقنعة الخاصة بالغوص إلى أجهزة تنفس اصطناعية، وأجهزة وقاية من الفيروس، وهو الابتكار الذي لقى ترحيبا من أطباء بمستشفى مجدوب السعيد ببلدية الطاهير، و بعد تجريبه أكدوا نجاعته.
وعن تفاصيل الابتكار يقول صاحبه لـ”الجزائر”، في الحقيقة إن الابتكار تعود فكرته إلى “أطباء ايطاليين، وقد قمت بعد متابعتي الدائمة لكل ما هو جديد على الساحة الطبية في فترة الحجر الصحي، وبعد البحث في المواقع الايطالية ومشاهدتي للأخبار وباعتباري أيضا متخصص في الإعلام الآلي أيضا، خطرت الفكرة وتمكنت من التوصل إلى كيفية تحويل تلك الأقنعة الخاصة بالغوص إلى أجهزة تنفس و ذلك عن طريق استعمال طابعة ثلاثية الأبعاد و بالمقاييس و التقنيات المعمول بها في أوروبا”.
وأوضح الطالب بوخزر، أنه “تمكن عن طريق الطابعة ثلاثية الأبعاد بطباعة مجسم الصمامات التي توصل بأجهزة الإنعاش من أجل زيادة عدد المستفيدين من عملية التنفس بواسطة اقنعة الغطس”.
وأبرز المتحدث في السياق ذاته، أن تخصصه في الطب “ساعده على فهم محتوى العملية الطبية التي تتطلب دقة كبيرة”، مشيرا إلى أن هذه الأقنعة “قد تمت تجربتها في مصلحة الإنعاش والتخدير بمستشفى مجدوب السعيد بالطاهير بإشراف طبيب التخذيرعادل بوجعدار، والذي أكد نجاعتها”.
وقال المتحدث ذاته، إنه تمكن إلى حد من صناعة 15 جهازا، وهناك رغبة في صناعة المزيد، إلا أن الإشكال المطروح يكمن في ندرة الأقنعة، والتي غالبا ما يكون مصدرها فرنسا، والتي منعت مؤخرا تصديرها، وقال إنه تمكن من الحصول على تلك الأقنعة من خلال شراء بعضها من مغتربين وبضعف سعرها الحقيقي، وبعضهم تبرع بها.
كما تطرق الطالب إلى نقص المادة الأولية والمتمثلة في البلاستيك خصوصا مع فترة الحجر الصحي وغلق العديد من المحلات المختصة في بيع هذه المادة، إضافة الى الأسعار الباهضة للطابعات ثلاثية الأبعاد والتي أصبحت حسب المتحدث ضرورية في كل المجالات.
هذا ويسعى الشاب بوخزر إلى تطوير ابتكارات أخرى رفض الإفصاح عنها وقال أنها في مرحلة التحضير لها وإذا ما تم إنجازها و أكدت هي الأخرى نجاعتها فسيتم الإعلان عنها للإستفادة منها.
جمعية “أصدقاء بلا حدود” الخيرية بجيجل تنجز ممر تعقيم تلقائي
ومن بين الإنجازات المميزة، ما قامت به الجمعية الخيرية “أصدقاء بلا حدود ” التي يوجد مقرها ببلدية الطاهير ولاية جيجل، والتي ابتكرت “ممر تعقيم”، تم منحه لمستشفى مجدوب السعيد، أين وضع بمدخله ويقوم تلقائيا وبمجرد مرور الشخص به برش محلول معقم على طول الممر، وعن هذا الابتكار يحدثنا فارس خرخاش أحد الأعضاء الناشطين بالجمعية فيقول “إن جمعية أصدقاء بلا حدود الخيرية، ومنذ بدأ ظهور الإصابات الأولى بفيروس كورونا بالبلاد، وضعت برنامجا استباقيا تحسبا لإمكانية انتقال الوباء إلى بلدية الطاهير، حيث قامت كأول إجراء بالتشاور مع مستشفى مجدوب السعيد من أجل القيام بتهيئة الطابق الذي سيخصص لاحقا لمرضى كورونا، وهو ما تم بالفعل، حيث عملت الجمعية على تهيئة الطابق الخامس من المستشفى، وإعادة دهنه”، وأضاف أنه “بمجرد الإنتهاء من هذه العملية بساعات فقط تم الإعلان فعليا، عن أول حالتين مشتبه بهما بالبلدية وتم وضعهما بهذا الطابق الذي هيئ خصيصا لمرضى هذا الفيروس”، وأضاف عضو الجمعية، أنه “وبعد تزايد عدد الإصابات وتسجيل وفيات بالبلدية، ارتأت الجمعية ضرورة بذل المزيد من الجهد والتفكير في طرق أخرى من شأنها المساعدة على الحد من الإصابات وحماية مواطني البلدية والطواقم الطبية وعمال المستشفى، فاقترح رئيس للجمعية بوشامة مسعود على أعضائها فكرة انجاز ممر معقم للمستشفى، وبالفعل تم دراسة الفكرة وانجازها بأموال الجمعية – أعضائها- وبمساهمات رمزية من بعض الحرفيين الذين احتاجتهم الجمعية في اتمام انجاز الممر المعقم كالرصاصين”، وأشار أيضا إلى التعاون “الطيب” الذي لاقته الجمعية من قبل بعض بائعي بعض اللوازم والذين فضل بعضهم تقديمها دون مقابل مادي.
وأوضح المتحدث ذاته، أن الابتكار “عبارة عن ممر تعقيم متطور يعمل على رش محلول معقم على الموظفين أو زوار المستشفى أثناء دخولهم وخروجهم منه، وهي مواد معقمة غير ضارة تم اقتناءها من مختصين، وقال أن ميزة الممر أنه فعال للغاية يعمل بكفاءة عالية، فضلا عن كونه عملي، حيث لا يستغرق الأمر سوى بضع ثواني لعبور الشخص وتجفيف المعقم من ثيابه، وهو ما يضمن حماية الموظفين والزوار من الإصابة بالفيروس أو نقله”.
وتحدث عضو الجمعية عن جهود هذه الأخيرة، في إطار مكافحة الفيروس والآثار الذي خلفه، خصوصا على العائلات المعوزة والتي تضررت من هذا الوضع الصحي وتأثر دخلها، حيث أشار إلى الإمدادات التي تقوم بها الجمعية لمثل هذه العائلات، وهي عبارة عن توزيع قفف تحتوي على مختلف المواد الغذائية واللوازم الأخرى.
رزيقة.خ