تتوجه الحكومة نحو إدراج مواد في قانون المالية لسنة 2018 تنصُّ على العمل بالسندات السيادية التساهمية أو التشاركية، في نفس الوقت ستباشر حكومة أحمد أويحيي تعديل بعض المواد في قانون النقد والقرض لتفادي العجز في ميزانية الدولة المتأثرة كثيرا من تهاوي أسعار النفط، وكل هذه الإجراءات المتخذة والمزمع تنفيذها خلال السنتين المقبلتين على الأقل يراها بعض الخبراء أنها لا يمكن أن تقف سدًّا منيعا ضد توجه الجزائر نحو الاستدانة الخارجية.
وبالرغم من أن رئيس الجمهورية وكبار المسؤولين في الدولة على غرار الوزير الأول الأسبق عبد المجيد تبون أكدوا أن الاستدانة الخارجية ” خط أحمر ” وأن الجزائر لا تفكر في الذهاب إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي “الآفامي ” لأسباب متعددة، إلا أن المؤشرات الحالية التي يحملها مخطط حكومة الوزير الأول أحمد أويحيى ويتوجه لعرضه في البرلمان الأحد المقبل، تبعث على القلق خاصة فيما يخص الإجراءات المتعلقة بالتمويل غير التقليدي للاقتصاد، على الطريقة الفنزويلية.
في ذات السياق، خرج نور الدين بوكروح وزير التجارة الأسبق منتقدا توجه الحكومة نحو هذه الخيارات المرحلية، قائلا “مرة أخرى يخرج علينا بمفهوم اقتصادي عثر عليه في لغة اقتصادية تقنية لإيهامنا بأنه حل سحري سيخرجنا من المشكل “باطل”، بمعجزة، ودون أن ندفع ثمنا. يذكرني هذا بالجدال حول “إعادة هيكلة الديون” في 1990؛ أو، في الماضي القريب، بحكاية الغاز الصخري الذي، هو على الأقل، يستحق أن نطلق عليه صفة “غير التقليدي” بالنظر إلى تقنيات استخراجه “، وشرح نور الدين بوكروح التمويل غير التقليدي على صفحته في “الفايسبوك ” بالقول أنه ” ينقسم إلى صنفين حسب من يستفيد منه: المؤسسات الاقتصادية أو الدولة. وفي كلتا الحالتين يتأسس هذا النوع من التمويل على طباعة العملة “. مضيفا أنه ” لا توجد مشاكل كبيرة عندما يستخدم لتمويل مؤسسات قوية قادرة على استعادة قيمتها المضافة وتنافسيتها وسيولتها المالية لإعادة هذه القروض، ونفس الشيء ينطبق بالنسبة للدولة أو لميزانية الجماعات المحلية. فالخطر لا يأتي من ناحية التمويل في حد ذاته وإنما يأتي من ناحية المقابل الذي نطبع من أجله العملة، وعن القدرة أم لا على التسديد “.
من جانب آخر، أكد رئيس حزب التجديد سابقا نور الدين بوكروح ” يجب أن نعرف أن استدانة الخزينة العمومية من البنك المركزي لن تقينا من الاستدانة الخارجية لأنها ليست بديلا عنها. فهناك فرق بين الاستدانة الداخلية بالعملة المحلية، والاستدانة الخارجية بالعملة الصعبة. ليست إلا مسألة وقت لنعود إلى صندوق النقد الدولي في حال لم تعد أسعار النفط إلى الارتفاع، وأول ما سيطلبه منا هذا الأخير هو أن نعود إلى قانون النقد الذي كان هو مهندسه في 1990، حتى يقبل بأن يعطينا المساعدة التي نطلبها منه “.
في ذات الموقف، أكد كريستوفر ديمبيك الذي يشغل منصب مسؤول أبحاث الاقتصاد الكلي في “ساكسو بنك” في باريس في حوار مع موقع ” كل شيئ عن الجزائر ” ” أن تحسين الوضع الاقتصادي في الجزائر يتطلب وجود بنك مركزي مستقل. يعمل على الحد من التضخم، ولا يصبح دوره يقتصر على خلق المال وضخه في الاقتصاد، وعدم تقليصه إلى دور خلق المال. كما أن الكرة في مرمى الدولة التي يجب أن تمول نفسها من الأسواق المالية والمستثمرين الأجانب أو المحليين. ولكي تتمكن الحكومة من الاقتراض بأسعار جذابة، يجب علها أولا أن تدير إنفاقها العام بشكل صحيح “.
إسلام كعبش