خرج رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة مرة أخرى ليلغي القرارات التي صنعت الجدل مؤخرا فيما يتعلق بفرض رسوم على الوثائق البيومترية والتي كانت الحكومة بقيادة احمد أويحيى قد اقترحتها في مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2018 أعقبته موجة رفض كبيرة من الشارع لتزيد وتيرتها مع بيان تبرير لذلك قبل أن يسقط في مجلس الوزراء المنعقد أول أمس وذهب الكثيرون لتفسير ذلك على أنه رغبة في إبعاد هذا الأخير والذي قلص دوره في الوقت الراهن في الدور الدبلوماسي والاقتصادي .
وراح المحللون السياسيون لإدراج قرارات رئيس الجمهورية في خانة كسب رضا الشارع و تمتين الجبهة الاجتماعية إما تعبيدا لطريق العهدة الخامسة أو الخيار الثاني المطروح أيضا وهو إنهاء عهدته بقرارات إيجابية تذكر له وقد تم إلغاء قفة رمضان وتعويضها بمنحة مالية والتذكير بأكاديمية اللغة الأمازيغية الحاضرة في كل مجلس وزراء وهي رسالة تطمين أيضا على أنه العمل جاري على ترقيتها .
المحلل السياسي عامر رخيلة:
أجل الزيادات ولم يلغها تحسبا لرئاسيات 2019
أبرز المحلل السياسي عامر رخيلة أن القرارات المتمخضة عن مجلس الوزراء المنعقد مساء أول أمس غلب عليها الطابع الاجتماعي والرغبة في الحفاظ على تماسك الجبهة الاجتماعية وامتصاص الغضب الذي خلفه الإعلان عن رسوم جديدة في الوثائق البيومترية وما رافقه من إلغاء قفة رمضان واستبدالها بمنحة مالية والعودة للحديث عن أكاديمية اللغة الأمازيغية والحاضرة في كل مرة في بيان مجلس الوزراء لإيصال رسالة على أن الدولة لم تتوقف عند الاعتراف بها كلغة رسمية والإعلان عن يناير عطلة مدفوعة الأجر بل إن هناك عملا على ترقيتها بإنشاء أكاديمية سترى النور قريبا وكأن الأمر رغبة في إحداث توازن وامتصاص للغضب بشكل مؤقت وتوظيف الأمور المذكورة سلفا لأجندة سياسية على مقربة من رئاسيات 2019 .
وأوضح رخيلة في تصريح ل”الجزائر” أن الرئيس وبقراراته هذه إما أنه يريد إكمال عهدته بهدوء أو الخيار الثاني هو أمر يندرج في إطار التحضير للعهدة الخامسة فالأمر أصبح ورقة رابحة له في كلتا الحالتين وقال :”كثرة تدخل الرئيس وإلغاء القرارات كثرت في الأونة الأخيرة حتى لدى الشعب إنتشرت وترسخت من مسالة الدورة الاستدراكية للبكالوريا للمتأخرين وكذا تمديد عطلة الشتاء للتلاميذ فالشعب ينتظر الرئيس في كل مرة ليتدخل ويلغي قرارات توصف لديهم بالجائرة ” وتابع: “الإجراءات التي جاءت في بيان مجلس الوزراء هي قرار سياسي أهدافه سياسية مرتبطة بالآجال السياسية التي تنتظر الجزائر وعلى رأسها رئاسيات 2019 ”
وتابع:”إلغاء رفع الحقوق المستحقة على بعض الوثائق الإدارية في نظري هو أمر ظرفي ولهذا أرفض استخدام إلغاء أو سحب وإنما ” تأجيل ” لأن رفع الأسعار وفرض رسوم جديدة هي حتمية إن لم تكن اليوم فسيكون لها موعد في قانون المالية المقبل فهو واقع لا مفر منه سيما مع الوضعية المالية التي تمر بها البلاد والتي تستدعي البحث مصادر تمويل ومداخيل والرسوم والضرائب هي أسهل طريق “وأردف في السياق ذاته :” وأربط الأمر بما تشهده الأردن في اليومين الأخيرين من موجة احتجاجات شلت البلد على غلاء المعيشة وكذا ارتفاع الأسعار وهو سيناريو مماثل تعيشه الجزائر وكل المعطيات قابلة لأن يكون السيناريو ذاته في الجزائر غيرأن رئيس الجمهورية تدخل وطوى الصفحة وأكرر أن الأمر إنما هو “تأجيل” وليس “إلغاء ” لأن الزيادات حتمية ”
وفي الوقت الذي ترى بعض الجهات على أن الإلغاء المتكرر للرئيس لكل قرارات احمد أويحيى إنما هو تمهيد لرحيله واستبعاده ذكر رخيلة :”أويحيى ليس رئيسا لحزب بل قطعة في محرك النظام لا استغناء عن خدماته فلا مثيل له في قدرة الإقناع وفي الفصح عن الإجراءات الصعبة وبالتالي ما يروج لذلك مجرد أقاويل فقط “.
المحلل السياسي سفيان صخري:
الرئيس يعبد للخامسة بامتصاص غضب الجبهة الاجتماعية
ومن جهته عبر المحلل السياسي سفيان صخري عن استغرابه من سياسة الإقرار والإلغاء التي أضحت موضة في تسيير الشأن العام في الجزائر لدرجة وصف الأمر بالسابقة الخطيرة مع كثرة تكرارها فالجزائر في نظره تتخبط في فوضى القرارات سواء بين الرئاسة والحكومة أو بين الوزراء فيما بينهم وقال :” الأزمة التي تتخبط فيها البلاد ألقت بظلالها على تسيير الشأن العام برهنت عليه سياسة الإقرار الإلغاء وهو الأمر السابقة الذي طفا على السطح في الآونة الأخيرة أمام علامات الاستفهام التي تطرح وراء ذلك فمن غير المعقول أن تقابل قرارات أويحيى في كل مرة بالإلغاء ومحاولة “مسح الموس” فيه – إن صح التعبير- في كل مرة ” وتابع :” فالأمر في اعتقادي إنما هو رغبة في تعويض غياب الرئيس وتعويض غيابه بصورة المنقذ “.
وأضاف في تصريح ل الجزائر “أمس :” تدخل الرئيس في كل مرة وإلغائه لقرارات أثارت ضجة وسط الشعب والتي كثرت في الآونة الأخيرة غرضه سياسي بامتياز وسيناريوهان مطروحا إما يصب في خانة الاستمرارية التي قرعت لها الطبول مبكرا من قبل الموالاة وهذه القرارات تصب في نفس الخانة للحفاظ على هدوء الشعب وتوفير الجو الملائم للعهدة الخامسة وإما الخيار الثاني وأصفه بالأمنية وهو أن الرئيس يريد أن يكمل عهدته بقرارات يذكر بها “.
فالبيان حمل طابعا اجتماعيا من الرغبة في امتصاص غضب الشعب من إلغاء قفة رمضان وتعويضها بمنحة مالية.
المحلل السياسي عبد العالي رزاقي:
الرئيس يريد إكمال عهدته بقرارات إيجابية فقط
أما المحلل السياسي عبد العالي رزاقي فرفض ربط القرارات الأخيرة التي اتخذها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بالتمهيد للعهدة الخامسة بقدر ماهي محاولة في إكمال العهدة بأمور تذكر للرئيس في ختام عهدته لأنه على -حد تعبيره – لا عهدة خامسة في الأفق .
ورفض رزاقي الحديث عن استبعاد أويحيى على خلفية التناقض الحاصل من باب أن هذا الأخير مكلف بمهمة القيام بذلك لا أقل ولا أكثر .
زينب بن عزوز