شكلت الجولة المغاربية التي يقوم بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بداية من الجزائر رسالة مهمة من موسكو إلى هذه المنطقة التي يعرف النفوذ الدولي فيها تقاسما بين القوى العظمى خاصة ما بين الولايات المتحدة وفرنسا، ولكن الحضور الروسي يظل حاضرا وبقوة خاصة مع الجزائر التي ترتبط مع روسيا بعلاقات تاريخية واسترتيجية إضافة إلى عدة الاهتمام المشترك بعدة ملفات كليبيا والحرب على الإرهاب.
قال آرنو ديبين، مدير المرصد الفرنسي الروسي، وهو مركز أبحاب مقره موسكو، إن جولة سيرغي لافروف هذه إلى المنطقة المغاربية تندرج في إطار “عملية تزايد الاهتمام السياسي والاقتصادي الروسي بالقارة الإفريقية ككل”، وأضاف في حوار مع صحيفة “لوبينوين” الفرنسية أنه، “فمن منظور موسكو، هناك عدة قارات إفريقية: إفريقيا العربية وإفريقيا الجنوبية ووسط إفريقيا. وعكس ما يقال، فإن روسيا ليس لديها سياسة كبيرة بالنسبة لإفريقيا، لكن لديها رغبة عامة في الاستفادة القصوى من قدراتها ، لا سيما في قطاعي الطاقة والأمن”.
ونقل المصدر ذاته، أن اختيار هذه الدول الثلاث على جدول أعمال سيرغي لافروف “ليس وليد الصدفة”، فالجزائر تعد حليفا قديماً لموسكو، أضف إلى ذلك أنها زبون مهم للأسلحة الروسية (أكثر من 80 في المئة من ترسانتها مصدرها روسيا). وهي أيضا “المحور التاريخي الثاني لروسيا في منطقة شمال إفريقيا، بعد مصر، حيث كان هناك تعاون اقتصادي قوي بينها والاتحاد السوفياتي في الستينات والسبعينات”، كما يشير آرنو ديبين، مضيفا أن: “عودة روسيا إلى إفريقيا بدأت مع الجزائر عام 2006.
وحللت صحيفة “لوبينيون” العلاقات الجزائرية الروسية بالقول أن الجزائر كانت “المختبر حيث تم اختبار مخطط محو الدين الموروث من الحقبة السوفييتية، مقابل عقود أسلحة جديدة في عام 2006 ، ألغى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين 4.7 مليار دولار من الديون الجزائرية. و على الرغم من التقدم الكبير على مستوى التعاون العسكري الروسي الجزائري، إلا أن البلدين يتزَحلقان في قطاع الطاقة: هناك تنافس بينهما بشأن تصدير الغاز إلى أوروبا”.
أما المغرب وتونس اللذان طالما كانا في مجال النفوذ الغربي، فهما وفق المصدر ذاته، “البلدان الجديدان على الخريطة الروسية لإفريقيا”، كما يوضح مدير المرصد الفرنسي- الروسي، مشيرا إلى أنه “منذ عامين أو ثلاثة أصبحت لدى موسكو استراتيجية اقتصادية طموحة حيال الرباط. فالمغرب هو أحد البلدان الرئيسية المستفيدة من الحظر الروسي على المنتجات الزراعية الغذائية الأوروبية، حتى أن الملك المغربي قام بزيارة رسمية لموسكو في عام 2016 (آخر زيارة له إلى روسيا كانت عام 2002)، لكن الاتصالات قائمة في الاتجاهين، وفي عام 2018 ، شكلت المنتجات الزراعية 77 في المئة من الصادرات المغربية إلى روسيا، التي تعتبر أكبر مستورد لحمضيات الممكلة المغربية وثاني مستورد لطماطمها”.
وبخصوص الزيارة التي تقود لافروف إلى تونس، اليوم السبت، يقول آرنو ديبين، بأن روسيا “ليس لها حضور تاريخي في تونس، التي تظل كذلك لغاية اليوم البلد المغاربي الذي تتمتع فيه موسكو بأقل وزن سياسي واقتصادي”، ويعتقد مدير المرصد الفرنسي الروسي، أن الاهتمام الروسي بهذا البلد يكمن في “الملف الليبي، الذي باتت روسيا أحد لاعبيه الرئيسيين، وبالتالي، فإنه ليس من المستغرب على الإطلاق أن تسعى موسكو إلى مناقشة وثيقة للغاية مع تونس، التي ترى بدورها أن روسيا أصبحت محاورا لا مفر منه”.
ووفق صحيفة “لوبينيون” الفرنسية، فإنه كما تهتم موسكو، بالقمة الثلاثين لجامعة الدول العربية التي ستعقد في تونس يوم الـ 31 مارس القادم، حيث ستكون على جدول الأعمال سوريا وليبيا واليمن. وهي ثلاثة ملفات رئيسية بالنسبة للدبلوماسية الروسية، لا سيما أن البلد المضيف تونس مرشح ليكون عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي، وعليه فإن الدعم الروسي له لن يكون غير ضروري.
إسلام.ك