تحول موضوع رئاسيات 2019 إلى مادة دسمة في خطاب أكبر حزبين في البلاد، ” الأفالان ” و”الأرندي” في ظل خلاف وصراع كلامي بين الطرفين حول موعد انتخابي مهم بالنسبة للسلطة ومشاريعها المستقبلية، متناسين في الوقت ذاته واقع الانتخابات المحلية كمحطة مهمة بالنسبة للمواطن.
في الوقت الذي تباشر فيه الأحزاب السياسية حملة الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في 23 نوفمبر القادم التي من المفترض إطلاق برامج للمواطنين على المستوى المحلي بالنظر إلى أنها انتخابات بلدية تهم الدولة فيما تعلق بتسيير أهم حلقة في الدولة وهي البلدية، لكن أحزاب التحالف الحكومي كحزب جبهة التحرير الوطني برئاسة جمال ولد عباس لم يهتم كثيرا للحديث على المحليات بقدر تركيزه على إضفاء صبغة الإنتخابات الرئاسية التي يفصلنا عليها أكثر من سنة، وتركزت تدخلات جمال ولد عباس خلال الأيام الأولى للحملة الانتخابية حول الجوانب التاريخية والسياسية لـ “الأفالان ” حيث قال جمال ولد عباس، إنه ” لا يمكن القبول برئيس للبلاد إلا من جبهة التحرير الوطني “، كما أضاف أن جبهة التحرير الوطني هي ” من حررت الجزائر من الاستعمار الفرنسي وهي من تحكمها “، وانتقد من وصفهم بـ” أبواق لا تبعث إلا على الخوف “، ربما في قصد مباشر لأحمد أويحيى الذي منذ تعيينه على رأس الحكومة وهو يلقي بخطاب تخويفي من مصير البلاد في ظل الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد. وذكر أن رسالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة عيد الثورة المحتفى به في 1 نوفمبر ” حملت جميع المطالب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي نادى بها في وقت سابق ” وهذا ردا على المعارضين، ولكن حديثه أنه على علم بهوية الرئيس القادم للجزائر سنة 2019 فتح عليه موجة من الانتقادات بما أنه تكلم على موعد سياسي مهم مغفلا حق الجزائريين في انتخاب من يمثلهم بعيدا عن الوصاية السياسية، مثلما اتجه إليه عبد المجيد مناصرة رئيس حركة مجتمع السلم الذي تساءل هل الرئيس القادم يخرج من الصندوق أم رأس؟ إن الشعب الجزائري لا يستأهل الخطاب لا بالوصاية ولا بالأبوة لا يليق بالشعب الجزائري هذا الخطاب خاصة وأنه يحب بلاده ويضحي من أجل بلاده “، وكذلك قال المحلل السياسي سفيان صخري في اتصال سابق مع ” الجزائر ” مؤكدا أن تصريحات جمال ولد عباس التي أعلن من خلالها معرفته بالرئيس المقبل للجزائر، هي ” تصريحات خطيرة تؤكد أن عملية انتخاب الرئيس المقبل سنة 2019 تتم في الغرف المظلمة وعبر التعيين وليس عبر الانتخابات الشفافة “، وأضاف الأستاذ سفيان صخري ” نشكر جمال ولد عباس على هذه التصريحات التي أثبتت أن الانتخابات تبقى مزورة “. واعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر أن السلطة ” لم تعد لديها مقاييس في اختيار من يمثلها ولو كانت الدولة الجزائرية في مسارها الطبيعي لما وصل ولد عباس على رأس حزب جبهة التحرير الوطني، الحزب الذي يبقى مرتبطا تاريخيا بالثورة التحريرية “. وفي ذات السياق اعتبر البعض تكليف رئاسة الجمهورية لجمال ولد عباس تمثيل الرئيس بوتفليقة في منتدى موسكو طريقة دبلوماسية لإبعاده مؤقتا من تنشيط الحملة وتكليف وزراء ” الأفالان ” بها بعد إفراطه في الحديث على موعد 2019 الذي لم تتبين خيوطه بعد.
في المقابل لم يشأ أحمد أويحيي الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، الخوض في موضوع الانتخابات الرئاسية المقبلة كما فعل غريمه جمال ولد عباس، واكتفى بشن هجوم عنيف ضد المعارضة، إلا أنه حملت خطاباته التي ألقاها في ولايات شرق البلاد نهاية الأسبوع بقبعة الأمين العام لـ ” الأرندي ” الكثير من الإشارات عن خطاب حملة رئاسية مثلما كان عليه الحال خلال حملة تشريعيات ماي الفارط، ومن أبرز ما قاله أحمد أويحيى لإرضاء الجزائريين حديثه على ” نظافة يد أميار التجمع الوطني الديمقراطي خلال العهدة السابقة “، كما تحدث على عدم معارضة حزبه لـ ” العفو الجبائي ” وموجود هذا الأمر في برنامجه، في نفس الوقت يتمسك أحمد أويحيى بخطاب براغماتي خلال هذه الحملة الإنتخابية لم يضع ” الأرندي ” في خانة الحزب القوي القادر على المنافسة مثلما يروج له ولد عباس في الجهة المقابلة متمسكا بدفاعه على الرئيس بوتفليقة الذي طالبت بعض أحزاب المعارضة عدم ترشحه لعهدة خامسة وهناك من دعا إلى تدخل الجيش لإنهاء الوضع القائم، كل هذه المواقف هاجمها أحمد أويحيى مدير ديوان الرئيس سابقا، متهما أصحابها بأنهم ” فارغين شغل ” بالتعبير العامي ” وليس لديهم من برنامج إلا الدعوة لإبعاد الرئيس من سدة الحكم وأخذ مكانه ” كما يعتبر الأمين العام للأرندي، ومعروف على أويحيى أنه يعرف جيدا منظومة السلطة وبالتالي فإنه لا يريد الخروج عن الحدود المرسومة حولها خاصة أن الرجل يبقى حاملا لطموحات سياسية ربما رئاسية وهو الذي لم يخرج من دواليب الدولة منذ أن دخلها متخرجا من المدرسة العليا للإدارة.
إسلام كعبش