أصدرت الدكتورة منى حمدون كتابا جديدا بعنوان “القصور الصحراوية الجزائرية، القصر الأسعد(بوسمغون) بولاية البيض”، وذلك عن دار ومضة للنشر والتوزيع والترجمة.
الكتاب من جنس الدراسات الأثرية، يختص بالقصور الصحراوية، المتواجدة في منطقتي البيض والنعامة، وهو قصر بوسمغون، الذي يعتبر معلما تاريخيا فريدا من نوعه، شاهد على حقب زمنية متعاقبة.
وحصرت موضوع الكتاب –حسب الدكتورة منى حمدون- في العنوان التالي ” القصور الصحراوية الجزائرية القصر الاسعد “بوسمغون” أنموذجا بولاية البيض قراءة أثرية.
وغطت الدراسة قصر بوسمغون الأثري، الواقع ضمن فضاء جغرافي واسع، بالجنوب الصحراوي الغربي من الجزائر، يشكل هذا المعلم مخزونا رمزيا، يظهر الجوانب العمرانية والثقافية والتاريخية للمنطقة ككل، والتي تعكس ملامح الفعل الإنساني وتطوره المكتسب. حيث شيد وفق رؤية معينة راعت عدة اعتبارات كموارد المياه، والحصون الطبيعية كالجبال، وجودة الأراضي، وتوفر المواد الأولية للبناء، إن مراعاة المعطيات الطبيعية أثبتت أن بناة القصر، يتمتعون بقوة التصور، والقدرة العقلية، وسعة الخيال وحدة الذكاء، ولهم من الفطنة ما يؤهلهم على مواجهة المتاعب وصعوبة العيش.
و هذه القدرات التي تميز بناة القصور بصفة عامة وقصر بوسمغون بصفة خاصة، نلمسها من خلال البنية العمرانية للقصر نفسه ، وهيكله المعمارية، فتراص المنازل، وتراتبها بشكل تصاعدي، وتوسط المرافق المشتركة بين الساكنة، وتنوع المسالك من شوارع ودروب، وأبواب وأبراج، إلى جانب الاعتماد على مواد محلية للبناء واستخدامها بشكل يتلاءم مع المناخ الجاف صيفا، والبارد ليلا، كل ذلك يذهب في اتجاه مقاصد محددة، فكر بها الباني قبل الشروع في البناء، مع وجود معالم تفكير إيجابي، يعْلَم ويُقَدر، فبنية المنزل نفسه، تعطيك الصورة الحاضرة في ذهن الباني، والمتمحورة حول حرمة البيت، وحرمة العائلة، فجعلت للمنازل مداخل منكسرة، لا تسمح للغريب الزائر، في حالة وقوفه عند الباب الخارجي مع انفتاحه، رؤية ما بداخل المنزل، فلن يرى إلا جدارا فاصلا عما بداخل البيت، وحتى في حالة دخوله، يسير محاذيا لذلك الجدار الفاصل، ولما يميل مع الرواق، يجد جدارا آخر فاصلا، لا يمكنه من رؤية داخل البيت، فيلج لبيت الضيوف دون أن يرى شيئا .
واعتبرت الكاتبة أن هذا الجهد المتواضع أردت من خلاله إثراء المكتبة الجزائرية بغرض إخراج هذا المعلم الأثري من دائرة النسيان، والتعريف به، لعرض صورة واضحة عن آثار المنطقة، ولدفع الدارسين في هذا الميدان إلى الانشغال بهذا الموضوع الذي ينبش في ذاكرتنا، ويستفز أبناء المنطقة ليولوا اهتماما بالغا للمحافظة على هذه المعالم الكبيرة المجسدة لوجود حقبة زمنية أنتجت هذا النمط العمراني بتقنياته، ومواصفاته الهندسية والعمرانية.
صبرينة ك