بدأت في الظهور التوجهات العامة للرئيس عبد المجيد تبون بعد أسبوعين من تسلمه مقاليد الرئاسة من خلال الاعتماد على وجوه من الإدارة بشقيها الحكومي والدبلوماسي وكذلك الشخصيات التكنوقراطية التي همشها نظام الرئيس السابق، هذا على الأقل ما ظهر من التعيينات الأولية التي أجراها الرئيس وفق صلاحياته الدستورية.
بعد أدائه اليمين الدستورية وتسلمه رئاسة الجمهورية رسميا أمام إطارات الدولة والأمة، بدأ الرئيس عبد المجيد تبون في إعادة ترتيب الأوراق داخل مؤسسات الدولة، وبعث نفس جديد في أوصالها المتكلسة، في ظل التوجه الجديد الذي أعلن عليه منذ حملته الانتخابية وهو الذهاب نحو “جمهورية جديدة” وإعادة الاعتبار للشخصيات التي همشها نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وشرع رئيس الجمهورية في الأسبوع الأول من انتخابه بإجراء تعيينات هامة في رئاسة الجمهورية، حيث عين محمد الأمين مسايد أمينا عاما للرئاسة، ونور الدين عيادي مديرا لديوانه، ويعتبر مسايد الذي كان مديرا لحملته الانتخابية بعد استقالة الدبلوماسي عبد الله باعلي، مديرا في السابق لديوانه في الوزارة الأولى، سرعان ما تم التخلي عنه بعد إبعاد تبون من قصر الدكتور سعدان، وتقلد محمد الأمين مسايد المولود سنة 1951 مناصب عديدة في مختلف الوزارات منذ 1982، أما نور الدين عيادي الذي عمل سفيرا للجزائر في مالي اشتغل أيضا أمينا عاما لوزارة الخارجية، حيث عينه رئيس الدولة السابق عبد القادر بن صالح أمينا عاما لرئاسة الجمهورية خلفا لحبة العقبي، إضافة إلى تعيين الرئيس تبون لأمحند أوسعيد وزيرا مستشارا ناطقا رسميا باسم رئاسة الجمهورية، فالرجل رغم انتمائه الحزبي كرئيس سابق لـ”الحرية والعدالة” اشتغل أيضا في دواليب الدولة كوزير للاتصال وسفير وناطق باسم الخارجية في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد ووزير خارجيته طالب الإبراهيمي، وهذا يعني أنه ليس غريبا عن المؤسسات.
وفي سياق ترتيب الأوراق في الجهاز التنفيذي الذي ينتظر منه تقديم الصورة الجديدة الموعودة، اختار الرئيس تبون الأستاذ الجامعي عبد العزيز جرّاد كوزير أول وكلفه بتشكيل الطاقم الحكومي، ويأتي اختيار الأكاديمي عبد العزيز جرّاد في السياق الذي يبحث من خلاله الرئيس الجديد على وجوه جديدة ترضي الحراك الشعبي والمعارضة ولكن من خزائن الإدارة أو من الجهاز البيروقراطي للدولة المتمثل أساسا في المدرسة العليا للإدارة، فجرّاد ليس جديدا على أروقة مؤسسات الجمهورية لأنه شغل مناصب عليا في الدولة من بينها مديرا للمدرسة العليا للإدارة بين سنتين 1989 و1992، ومستشارا دبلوماسيا برئاسة الجمهورية سنة 1992، في فترة رئيس الدولة الراحل علي كافي، ومنصب الأمين العام للرئاسة بين سنوات 1993 و1995، في فترة الرئيس الأسبق اليمين زروال، كما شغل منصب الأمين العام لوزارة الخارجية 2001 و2003، خلال العهدة الأولى من حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وتقدم هذه التعيينات التي باشرها الرئيس عبد المجيد تبون صورة مصغرة عن توجهاته بخصوص تشكيلة الحكومة القادمة، بعدما أعلن عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية، أن أصعب مهمة تنتظره هي تشكيل الحكومة واعدا بمفاجآت تتعلق بتعيين شباب دون سن الثلاثين في مناصب وزارية، كما أن عبد العزيز جراد أكد في تصريحات له بعد خروجه من مكتب الرئيس أنه يريد العمل مع “كفاءات وإطارات الوطن” لاستعادة “ثقة” الشعب، وكان تعيين صبري بوقادوم لتسيير أمور الحكومة بعد استقالة نور الدين بدوي رسالة أن رأس الحكومة لن يخرج عن منطق رجل الدولة بعيدا عن الحسابات السياسية.
وفي الإطار ذاته، يأتي اختيار الرئيس عبد المجيد تبون رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور للقائه في قصر المرادية، باعتباره إحدى الشخصيات المعروفة بمواقفها المستقلة الداعية إلى التغيير والإصلاح حيث كانت فرصة للرجلين حسب بيان رئاسة الجمهورية “لاستعراض الوضع العام في البلد والوضع الاقتصادي وآفاق العمل الجاد لتجنيد الكفاءات الوطنية وتسخير الإرادة الطيبة لإرساء الجمهورية الجديدة”.
إسلام كعبش
حسب التعيينات الأولية للرئيس تبون:
الوسومmain_post