لليوم الثلاثين على توالي من العدوان الصهيوني على غزة وحصار شبه كامل، تواجه المنظومة الصحية في القطاع “خطر الإنهيار”، بسبب نفاد المياه والوقود اللازم لتشغيل المولدات ومعاناة الأطقم الطبية من غياب المستلزمات الصحية والعلاجية.
وتعددت أسباب الموت في غزة، فمن لم يمت بالقصف مات بغيره، وباتت علل الأمراض في الظهور تباعا على سكان القطاع مع انهيار المنشآت الصحية نتيجة قصف الاحتلال المتوالي.
فإلى جانب القصف فقد عمد الكيان الصهيوني إلى تشديد الحصار والتضييق على سكان غزة وحرمانهم من الماء والكهرباء والغذاء والدواء، ومنع قوافل المساعدات وقصف الشاحنات، والسماح بإدخال أعداد قليلة منها، وحصر كمياتها وتحديد أنواعها، وإدخال ما لا يلزم وحظر ما يلزم، لفرض حالة قاسية من الجوع والعطش على عامة المواطنين، إلى الدرجة التي لا يجد فيها أطفالهم شربة ماء أو كسرة خبز.
كما تعرف مستشفيات قطاع غزة كارثة إنسانية، حيث يلفظ العديد من الجرحى أنفاسهم الأخيرة، نتيجة عدم توفر الإمكانات الطبية ونقص الوقود.
وتسببت انتهاكات الكيان الصهيوني بحق القطاع الصحي في غزة، باستشهاد أكثر من 150 كادرا صحيا، وتدمير 27 سيارة إسعاف، إضافة إلى خروج 16 مستشفى، و32 مركزا للرعاية الصحية الأولية عن الخدمة، ما يؤكد وجود مجزرة مُركّبة تمارس بحق الجرحى والمرضى.
كما تم إغلاق 16 من أصل 35 مستشفى في قطاع غزة، و51 من أصل 72 مركز رعاية صحية أولية بسبب الأضرار الناجمة عن القصف أو نقص الوقود، ومطالب من 24 مستشفى بالإخلاء في شمال قطاع غزة (السعة الإجمالية لهذه المشافي 2000 سرير)، على غرار مستشفيي القدس والأندونيسي اللذين تعرضا للقصف والغارات، نجمت عنها تدمير أجزاء كثيرة منهما ووقوع عدد كبير من الشهداء والجرحى.
وقالت وزيرة الصحة مي الكيلة -في بيان صحفي على منصة فيسبوك-، “كارثة داخل المستشفيات بقطاع غزة، حيث يلفظ العديد من الجرحى أنفاسهم الأخيرة، نتيجة عدم توفر الإمكانات الطبية ونقص الوقود”.
كما كشف، أمس، أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية، عن ارتقاء 9770 شهيداً وإحصاء 2660 مفقودا وأكثر من 28 ألف مصاب في حرب التطهير العرقي المستمرة بفلسطين المحتلة لليوم الثلاثين تواليا.
وفي لقاء صحفي، ذكر القدرة أن “قوات الاحتلال اقترفت 24 مجزرة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية راح ضحيتها 243 شهيداً، ما رفع عدد الشهداء إلى 9770 منذ بدء العدوان على غزة بينهم 4800 طفل و2550 امرأة”.
وعاد القدرة ليجدّد التأكيد أن “مستشفيات قطاع غزة عاجزة تماما عن تقديم أي خدمة صحية وأمامها ساعات فقط”.
وأردف: “نناشد كل الأطراف ضرورة توفير ممر آمن لتدفق المساعدات بما فيها الوقود”، مفنّدا صحة ما يروجه الكيان، بالتشديد أنه “لا توجد ممرات آمنة وهي كذبة، والاحتلال يستخدمها للانقضاض على أبناء شعبنا”.
وتابع: “نؤكد أنه ولليوم الثالث على التوالي لم نتمكن من إخراج الجرحى إلى مستشفيات مصر بسبب القصف الكثيف، والاحتلال يتعمد استهداف سيارات الإسعاف ما يمنعنا من نقل الجرحى للحدود المصرية”.
وانتهى المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن 70 % من شهداء وجرحى العدوان على غزة، هم من النساء والأطفال، في وقت جرى تلقي 2660 بلاغاً عن مفقودين تحت الأنقاض بينهم 1270 طفلاً.
من جهتها، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تقليص عدد مركبات الإسعاف التي تشغلها، كما واجهت جميع الوكالات الإنسانية وموظفوها قيودا كبيرة في تقديم المساعدات الإنسانية، حيث لا يمكن للشركاء في المجال الإنساني الوصول بأمان إلى الأشخاص المحتاجين والمستودعات التي يتم تخزين إمدادات المساعدات فيها.
من جانبها، أكدت وزارة الصحة الفلسطينية أن نحو 15 مرفقا صحيا و51 عيادة صحة أولية تعرضت للتدمير الكامل أو الجزئي، كما أوقف 55% من شركاء القطاع الصحي عملياتهم جراء الأضرار الكبيرة في البنية التحتية.
فيما أدى العدوان المستمر – تضيف الوزارة – إلى نزوح معظم الكوادر الصحية، ما أجبر المستشفيات على العمل بأقل من ثلث الاحتياج اللازم لعلاج العدد الكبير من الجرحى.
وأشارت أن المستشفيات المتبقية تعاني من نقص حاد في الوقود، ما قد ينتج عنه تقنين صارم واستخدام جد محدود لمولدات الكهرباء، واحتمال توقف حاضنات حديثي الولادة، لافتة إلى وجود 350 ألف مريض من المصابين بالأمراض غير المعدية، و1000 مريض بحاجة إلى غسيل الكلى، حيث أن 80% من آلات الغسيل موجودة في مشافي شمال غزة أين يصعب الوصول إليها.
فلة. س