كشفت الاضطرابات الجوية الأخيرة التي عرفتها بعض مناطق الوطن عن العديد من العيوب والنقائص التي تعاني منها بعض المؤسسات التعليمية في العديد من البلديات، لأسباب عديدة، خاصة ما تعلق منها ببعض الوسائل التي يحتاج إليها التلميذ خلال فصل الشتاء، على غرار التدفئة إذا يتجدد معاناة تلاميذ عدد من بلديات العاصمة كلما اشتدت برودة الطقس ،إذ ما يزال الكثيرون يعانون من المشكل فبرغم من الميزانيات المالية الضخمة التي ترصد سنويا لتوفيرها، في وقت سارعت السلطات الولائية كخطوة لتجميل العديد من التقارير السوداء عن واقع القطاع في هذا المجال.
الأمر الذي وقفت عليه جريدة الجزائر حيث لاحظنا أن أغلب أجهزة التدفئة معطلة بهذه المؤسسات، وهو الأمر الذي بات يشكل هاجسا حقيقيا بالنسبة للتلاميذ، أوليائهم وحتى الأساتذة، كما لاحظنا ه خلال جولتنا الاستطلاعية ببعض المؤسسات التربوية في جميع أطوارها الابتدائي، المتوسط والثانوي و التي تفتقر لخدمات التدفئة التي تعد من الضروريات التي يحتاجها التلاميذ خلال فصل الشتاء، قصد تمكينهم من تلقي الدروس في ظروف جيدة وتساعدهم على التحصيل العلمي الجيد حسب ما اكده العديد من المختصين.
أقسام تتحول إلى غرف تبريد
اشتكى عشرات التلاميذ المتمدرسين بالشاليهات التي اتخذت كبديل للأقسام بسبب الاكتظاظ بمختلف المدارس بالعاصمة ، من غياب التدفئة، وهو ما أربك التلاميذ ونغّص عليهم مزاولة دراستهم بشكل طبيعي.كما احتج كافة تلاميذ وعمال ، بسبب انعدام التدفئة، مطالبين والي العاصمة ووزيرة التربية بالتدخل العاجل بعد أن بات أبناؤهم يزاولون دراستهم في ظروف جد قاسية داخل حجرات وأقسام شبيهة بغرف التبريد، وهو ما أثار استياء وتذمر العديد من الأولياء والتلاميذ على حد سواء.
ولم يقتصر مشكل المدارس عند غياب التدفئة فحسب، بل امتد إلى شأن آخر، والمتمثل في قدم أجهزة التدفئة ببعض المدارس وعدم قدرتها على توفير الظروف الملائمة للدراسة رغم وجود مدفآت بالأقسام.
وفي نفس السياق، أعرب بعض أولياء التلاميذ عن تخوفهم على سلامة صحة أبنائهم، حيث تحولت قاعات الدراسة إلى “غرف تبريد”، مما يساهم في تشتيت تركيزهم، حيث دعا هؤلاء السلطات المسؤولة إلى ضرورة النظر إلى وضعية المتمدرسين من خلال استدراك النقائص.
الرشح والتهاب المفاصل يهددان التلاميذ
وحسب معظم الأطباء المختص في الصحة المدرسية أكدوا أن انعدام أجهزة التدفئة داخل الأقسام الدراسية خاصة في المناطق المعروفة بالبرودة القاسية خلال فصل الشتاء، تعرّض التلميذ إلى عدّة أمراض منها الالتهاب الحاد للقصبات الهوائية، وتورمات في اليدين، وهي حالات مرضية نلاحظها دوما في فصل الشتاء، عند خضوع التلاميذ للفحوصات الطبية، مؤكدين أن التلاميذ يتعرضون باستمرار لالتهاب اللوزتين المتكرّر، وهو ما يرشح إلى الإصابة بالتهاب المفاصل في حالة بقاء التلاميذ داخل حجرات تنعدم فيها وسائل التدفئة لفترات طويلة.
تعطل أجهزة التدفئة يزيد المعاناة
ومن جهة أخرى، لا تزال بعض المؤسسات التربوية تعتمد على التدفئة التي تشتغل بمادة المازوت، حيث يجد التلاميذ أنفسهم يدرسون في ظروف جد قاسية داخل حجرات وأقسام شبيهة بغرف التبريد، ليبقى هؤلاء فريسة للبرد على مدار ساعات التمدرس، بسبب الغياب التام للتدفئة داخل الأقسام التي يزاولون فيها دراستهم، بإضافة إلى التعطلات التي تصيبها من حين إلى آخر، نظرا لاهترائها.
رابطة حقوق الإنسان: “2300 مدرسة دون تدفئة”
أحصت تقارير للمكاتب الولائية للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أزيد من 2300 مؤسسة تعليمية في الجزائر دون تدفئة، وهو ما أصبح هاجسا يهدد التحصيل التعليمي للتلاميذ خاصة مع دخول الفصل الثاني للدراسة والمتزامن مع موجهة الصقيع والبرد القارس، وهذا رغم تخصيص وزارة التربية لميزانية تفوق 8000 مليار سنتيم خلال العشر سنوات الأخيرة للتكفل بالتدفئة على المستوى الوطني.
ورصدت الرابطة في تقريرها، الوضعية المزرية للمؤسسات التعليمية عبر القطر الوطني، وفي مقدمتها المدارس الابتدائية وهذا جراء تخلي رؤساء البلديات عن دورهم المنوط بهم تجاهها كونهم مسؤولين عن تسييرها، رفقة المقتصدين ومديري المدارس، وكشفت في السياق، عن عدة نقائص في المؤسسات التربوية منها النوافذ المكسرة في بعض الأقسام ووجود صفائح من ترانزيت في الأسطح، وانشقاق الأسقف في بعض الأقسام، فضلا عن غياب معايير السلامة والأمن في بعض أجهزة التدفئة، وعدم وجود صيانة لأغلب أجهزة التدفئة، بالإضافة إلى عدم وجود وربط الغاز الطبيعي في المرافق الجديدة التي بنيت.
وتساءلت ذات المنظمة الحقوقية عن الغلاف المالي الذي خصصته وزارة التربية للتدفئة على مستوى الوطني فاق أكثر من 8000 مليار سنتيم في 10 سنوات الأخيرة، وكذا ميزانية معتبرة للمجلس الشعبي الولائي مخصصة لأجهزة التدفئة، وميزانية لوزارة التضامن الوطني والأسرة، لتطالب بفتح تحقيق معمق لمعرفة وجهة الأموال والميزانيات المرصودة لربط المؤسسات التربوية بالتدفئة، حيث إنه رغم كل الأغلفة والإعانات المالية التي وجهتها السلطات المركزية والولائية للبلديات قصد تزويد المدارس بالتدفئة إلا أن أزيد من 2300 مؤسسة تربوية عبر القطر الوطني تعاني من غياب وسائل التدفئة، وهو رقم مرتفع مقارنة بالميزانية والأموال الباهظة التي خصصت لأجهزة التدفئة لتحسين ظروف التمدرس للتلاميذ .
ووجهت الرابطة في السياق، نداء عاجلا إلى السلطات المركزية والمحلية لتوفير كل الشروط التي تمكن من تمدرس ناجح للتلاميذ في فصل الشتاء، لاسيما مشكلة التدفئة في المدارس، ما يستوجب الوقوف على هذه المشاكل وإعطاء اهتمام بالغ لها خاصة أن الأطفال الصغار والتلاميذ في المدارس الابتدائية والطور المتوسط الذين يتحملون مشقة السير لمسافات طويلة في أيام البرد القارس، يتوقون للشعور بالدفء وهم يدخلون مدارسهم التي تقوم خلال ساعات الليل بتخزين البرد، حتى إن بعض الأطفال والتلاميذ يشاهدون الصقيع داخل صفوفهم.
ف-س