لا يزال ملف الهجرة غير الشرعية الشائك يثير الكثير من الصداع بالنسبة للسلطات الجزائرية، خاصة فيما تعلق بالمهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول الساحل جنوب الصحراء، الذين تتعامل معهم الحكومة وفق ما تقول أنها إجراءات قانونية متفق عليها مع حكومة بلادهم، إلا أن هذا لم يشفع لمنظمة “أمنيستي” لتقدم صورة سوداء عن واقع المهاجرين غير الشرعيين والجزائر كبلد صنفته بـ ” المعادي ” للمهاجرين الأفارقة.
لا تزال غير معروفة استراتيجية الحكومة مع ملف الهجرة غير الشرعية في ظل انتقادات واسعة تتلقاها من طرف منظمات غير حكومية دولية، رسمت لوحة سوداء عن واقع المهاجرين غير الشرعيين في الجزائر، كما أنه لم تقم الحكومة لحد الساعة بالرد على هذه ” الإتهامات ” وكأنها تواصل تنفيذ سياستها اتجاه هذا الملف دون الالتفات إلى الخلف حيث تتصاعد التقارير والانتقادات الحادة التي تضع صورة الجزائر الخارجية والداخلية على المحك.
وقبل أيام صدر تقرير منظمة العفو الدولية ” أمنيستي أنترناسيونال ” وجهت خلاله المنظمة انتقادات إلى السلطات الجزائرية بخصوص تعاملها مع ملف المهاجرين غير الشرعيين، إذ اتهمتها بأنها قامت بتوقيف الآلاف منهم بطريقة تعسفية وقامت بترحيلهم بالقوة نحو بلدانهم، فيما كان وزير الداخلية النيجري محمد بازوم قد وجه إشارات سلبية اتجاه الجزائر عند ترحيلها لمئات المهاجرين غير الشرعيين صوب بلاده. كما أنه في بداية الشهر الحالي، أكدت المنظمة الدولية للهجرة أنها قد توصلت إلى 1000 من المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى الذين تخلت عنهم السلطات الجزائرية في الصحراء في ظروف صعبة.
وفي رده على تقرير منظمة العفو الدولية ، قال الرئيس السابق للجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني أنها تقرير ” مبالغ فيه ولديه غرض سياسي “، وأفاد قسنيطني في اتصال مع ” الجزائر ” أمس، أن الجزائر ” قدمت الكثير للمهاجرين غير الشرعيين من دول جنوب الصحراء وكذلك اللاجئين السوريين الذين احتضنتهم وحفظت كرامتهم وهذه التقارير كاذبة ومغلوطة “.
ودعا المحامي والحقوقي فاروق قسنطيني الحكومة وعلى رأسها الوزير الأول أحمد أويحيى لـ ” الخروج عن الصمت ” والتعاطي مع هذه الانتقادات التي تسيء لصورة البلد، وأضاف قائلا ” لا بد على الدولة الدفاع على نفسها وبالتالي من الضروري أن تتكلم الحكومة وترفع صوتها لإظهار الحقيقة حول ما قدمته الجزائر للمهاجرين غير الشرعيين عكس ما تروجه هذه المنظمات الخارجية “. وأعاب الرئيس السابق للجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان عدم وجود سياسة اتصالية حكومية ناجعة للرد على ما يقال في الخارج حول سياسات الجزائر، قائلا ” حقيقة لدينا مشكل اتصال حكومي وهو جزء من مشاكل الجزائر “.
وفي ذات السياق، لمواجهة هذه الانتقادات المستمرة، أرسلت الحكومة القيادي في التجمع الوطني الديمقراطي صديق شهاب، للمشاركة في نقاش مخصص لبحث ميثاق عالمي للهجرة احتضنته مدينة نيويورك في الولايات المتحدة، نهاية الأسبوع، وقال شهاب بخصوص هذا الملف الحساس ” إن معالجة ملف الهجرة غير الشرعية يجب أن يتم وفق احترام مبادئ حقوق الإنسان والكرامة البشرية، وأن الجزائر التي تتعرض إلى تدفق متزايد للمهاجرين غير الشرعيين حريصة على معاملة المهاجرين بطريقة إنسانية، سواء كانوا فوق ترابها، أو لما تقوم بترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية تنفيذا لطلبات من هذه الأخيرة “. وأضاف الناطق الرسمي باسم ” الأرندي ” أن معالجة ملف الهجرة غير الشرعية ” يجب أن تتم وفق مقاربة شاملة، تقوم على الوقاية والتعاون والتضامن والمسؤولية المشتركة بين الدول المصدرة للمهاجرين وبين دول العبور والدول التي يسعى المهاجرون للاستقرار فيها “.
واعتبر صديق شهاب أن المقاربة ” يجب أن تأخذ في الاعتبار العلاقة الإيجابية بين إعادة توزيع اليد العاملة وبين تسريع وتيرة النمو، وأن إرسال المهاجرين لمبالغ مالية من شأنه تسريع وتيرة النمو “، وأوضح أنه ” بعيدا عن التأثير العاطفي لمآسي المهاجرين غير الشرعيين في البحر أو في الصحراء، فإن مسألة الهجرة غير الشرعية يجب أن تأخذ مكانها في الأجندات السياسية مع الأخذ في الاعتبار موضوع التنمية “، مشددا على أن الجزائر ” مقتنعة أن معالجة مشكل الهجرة غير الشرعية يفرض العودة إلى جذور المشكل، وهو قساوة الظروف المعيشية في بعض المناطق وغياب التنمية، وأنها تشجع التعاون الدولي والإقليمي والثنائي، والذي يعتبر ضمانة حقيقية لنجاح أي مقاربة في معالجة هذه الظاهرة، وتشجيع الهجرة الشرعية، والتي من شأنها المساهمة في مسار التنمية سواء في الدول التي تستقبل المهاجرين أو التي ينطلقون منها “.
وذكر شهاب صديق أن الجزائر تعرضت إلى ” انعكاسات بسبب تدفق المهاجرين غير الشرعيين عليها، باعتبارها تقع بين الدول التي تعاني الفقر واللاستقرار والدول التي تنعم بالأمن والازدهار، الأمر الذي جعلها تستقبل في السنوات القليلة الماضية أعدادا متزايدة من المهاجرين القادمين من إفريقيا السوداء أو من دول عربية وحتى آسيوية، والذين أجبرتهم الظروف التي تمر بها بلدانهم على مغادرتها، وأن الجزائر باعتبارها دولة منبع وعبور واستقرار استقبلت عددا كبيرا من المهاجرين غير الشرعيين، ما فتئت تدعو إلى اعتماد مقاربة شاملة في معالجة هذه الظاهرة “.
إسلام كعبش
الرئيسية / الحدث / انتقادات حول سياسة السلطات مع ملف الهجرة غير الشرعية:
فاروق قسنطيني: “على الحكومة الخروج عن الصمت”
فاروق قسنطيني: “على الحكومة الخروج عن الصمت”
انتقادات حول سياسة السلطات مع ملف الهجرة غير الشرعية:
الوسومmain_post