فشلت فرنسا في إقناع الولايات المتحدة بدعم مشروع قرار قدمته في مجلس الأمن الدولي لنشر قوة عسكرية إفريقية لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل، كيف تقرأون هذا الموقف ؟
أولا الصراع حول النفوذ في إفريقيا بين القوى الغربية خاصة الولايات المتحدة وفرنسا ليس جديدا، اليوم أضيف له عامل اقتصادي ودخول الصين كمنافس. بطبيعة الحال هذا الأمر يدل على أن فرنسا ليس باستطاعتها القيام بأي مبادرة مهما كانت من دون استشارة الولايات المتحدة الأمريكية. لكن هذه المعلومات تكشف عن حجم ” الإصطدام ” بين فرنسا وواشنطن ويبقى ما وصفته بالاصطدام لغز محير ويطرح الكثير من التساؤلات حول هذه المعارضة الأمريكية غير المفهومة للمشروع العسكري الفرنسي في مالي خاصة أن الدولتين تشتركان في مهمة مكافحة الجماعات الإرهابية في المنطقة على رأسها تنظيم القاعدة وجماعة بوكو حرام.
هل يمكن التأكيد أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحمل سياسة جديدة لفرنسا في منطقة الساحل والصحراء وكذلك منطقة المغرب العربي ؟
ليس هناك أي استراتيجية فرنسية جديدة للمنطقة يقوم بها الرئيس الجديد إيمانويل ماكرون. هذا الأخير يواصل نفس الخطة التي بدأها الرئيس السابق فرونسوا هولاند الذي أرسل الجنود الفرنسيين إلى شمال مالي سنة 2012. إذن الإستراتيجية الفرنسية مستمرة وليست وليدة اليوم، وبطبيعة الحال فإن الرئيس ماكرون يحافظ على منطقة النفوذ الفرنسي التقليدية. كما لا بد من الإشارة إلى أن الجانب الأمني تحول اليوم إلى معامل مهم في العلاقات الدولية وتعدى البعد الاقتصادي الذي تراجع إلى المرتبة الثانية. أما من ناحية أخرى فإن علاقة فرنسا بمنطقة المغرب العربي لن تشهد تغيرا بالنظر إلى أن هذه المنطقة تشكل محور نفوذ تقليدي لفرنسا.
كيف ستتعامل السلطات الجزائرية مع الإدارة الفرنسية الجديدة بالخصوص ما تعلق بمكافحة الإرهاب في المنطقة ؟
الجزائر لديها تجربة مهمة في مجال مكافحة الإرهاب حيث كان بالإمكان استفادة دول الساحل من هذه التجربة، لكن هذه الدول بصراحة ضعيفة وتعاني من التبعية المطلقة للخارج ونعرف جميعا كيف أن فرنسا لم تسمح لهذه الدول بمواصلة مشاركتها في عمل لجنة الأركان العملياتية لدول الساحل التي كان مقرها في تمنراست بقيادة الجزائر. لكن يجب القول أن ما يقع في منطقة الساحل تبقى مشاكل محلية إقليمية لا دخل لفرنسا فيها.
كيف تقرأون تعامل الجزائر مع التدخل العسكري المستمر في ليبيا بحجة مكافحة الإرهاب، بالنظر إلى أن الجزائر كدولة مجاورة لليبيا كانت تظل متمسكة برفض التدخلات العسكرية في هذا البلد الجار وإيجاد حل سياسي سلمي للازمة ؟
التدخل العسكري المصري في ليبيا هو عبارة على رد فعل ارتجالي انفعالي بعد الهجوم الإرهابي ضد الأقباط في مصر. عسكريا الضربات الجوية يبقى تأثيرها محدود جدا، وأعتقد أن هذه العمليات العسكرية المصرية لن تحقق أي نتائج عملية على الأرض ولن تؤسس لنتيجة حاسمة في حين تأتي لإرضاء الأقباط والرأي العام المصري. صحيح هذه العمليات من الناحية العسكرية مخطط لها لكنها لا أظن بأنها ستقدم نتيجة عملية بل بالعكس هناك الليبيون يرونها اعتداء عليهم بالنظر إلى أن أي قصف جوي يكون متبوع بسقوط أبرياء.
إسلام كعبش