شغل التراث الثقافي بشقيه نصيبا مهما في مخطط عمل الحكومة الذي صادق عليه مجلس الوزراء والذي سيعرض قريبا على البرلمان قصد مناقشته وإثرائه، حيث ركز المخطط على التدابير اللازمة للحفاظ على التراث الوطني، تثمينه وتفعيل دوره الاقتصادي والاجتماعي والتربوي.
التراث الوطني في سلم الاهتمامات:
ووضع المخطط التراث ضمن سلم أولويات قطاع الثقافة، حيث تعمل الحكومة على استكمال مسار مراجعة الترتيب التشريعي والتنظيمي للتراث الثقافي وتأمين المواقع الأثرية ووضع أجهزة الإنذار وآليات الكشف عن الجرائم المرتكبة في حق التراث الثقافي، كما سيتم تعزيز التنسيق في مجال محاربة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية.
علاوة على ذلك، ينص المخطط على تكثيف أشغال ترميم المواقع الأثرية والمعالم التاريخية وفق برنامج متعددة السنوات من خلال إيلاء الأولوية للمساجد والزوايا، وكذا المواقع المصنفة ضمن قائمة التراث العالمي، فضلا عن مواصلة عمليات الجرد والتصنيف والترميم المتعلقة بالمواقع الأثرية والمعالم التاريخية والممتلكات الثقافية.
وبخصوص التراث اللامادي، أقر المخطط على تسجيل ورقمنة التراث غير المادي قصد ترقية الثقافات الشعبية ضمن جميع تنوعاتها وتعابيرها اللسانية.
يذكر أن الجزائر تتميز بتنوع كبير في مجال التراث، لا يقتصر التراث الثقافي على المعالم التاريخية ومجموعات القطع الفنية والأثرية، وإنما يشمل أيضا العادات والتقاليد أو أشكال التعبير الحية الموروثة من أسلافنا والتي تداولتها الأجيال الواحد تلو الآخر وصولاً إلينا، مثل التقاليد الشفهية، الفنون الاستعراضية، والممارسات الاجتماعية، أطباق شعبية، رقصات فولكلورية، موسيقى شعبية، والمناسبات الاحتفالية، والمعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون، والمعارف والمهارات في إنتاج “الصناعات الحرفية التقليدية”.
…تطوير السياحة الثقافية في الأجندة:
في ذات السياق، حظيت السياحة الثقافية باهتمام الحكومة أيضا من خلال التأكيد على ترقية الفرص السياحية فيما يخص المواقع والآثار والمتاحف وإقامة مسارات سياحية، مع القطاعات المعنية من أجل تطوير السياحة الثقافية، وذلك بتكوين المرشدين السياحيين في المواقع الثقافية المحمية وفي المتاحف، كما يتم تشجيع بروز أقطاب سياحية تستجيب للـمقاييس الدولية، لاسيما السياحة الثقافية والدينية وعلى مستوى الـمناطق الجنوبية.
تركيز على الصناعة السينماتوغرافية في اقتصاد الثقافة:
وينصب عمل الحكومة بهذا الشأن على وضع آليات تسمح بتوفر الظروف ملائمة وفعالة لإطلاق صناعة سينماتوغرافية حقيقية تقوم على تحفيز الاستثمار وتحرير الـمبادرات بما يجعل الجزائر قطبا للإنتاج والتصوير السينمائي على الـمستويين الإقليمي والدولي.
ومن هذا الـمنطلق، تعكف الحكومة على مراجعة الأحكام التشريعية والتنظيمية والمؤسساتية المتعلقة بالسينما والقيام بأعمال فورية، والسينما من خلال: إعادة هيكلة الـمؤسسات العمومية الـمكلفة بالسينما من خلال إنشاء مركز للسينما الجزائرية بما يسمح بتوحيد وتسهيل إجراءات تنظيم الصناعة السينمائية وتسيريها ومتابعتها، ترقية التعاون في جمال السينما مع البلدان الـمعروفة بخبرتها وجناحها في الـميدان من أجل استقطاب الـمستثمرين في هذه الصناعة والـمنشآت السياسية السينمائية، وضع تدابري محفزة على الاستثمار في الـمنشآت ونشاطات الإنتاج والصناعة السينمائيين ورفع العراقيل التي تعيق إنجاز مشاريع الاستثمار والـمنشآت السياسية السينمائية، جرد وإحصاء العقار الذي من شأنه أن يستغل للاستثمار في الصناعة والـمنشآت السياسية الثقافية.
فضلا عن ذلك، جاء في المخطط، استرجاع قاعات السينما أو إسنادها للـمستغلين الخواص لتسيريها في إطار الإمتيازات وتصور آليات من أجل تسيير خمفف يف إطار اإلعانة العمومية الـمخصصة للسينما، مراجعة ترتيبات التكوين في مجال السينما، وخصوصا المحتوى البيداغوجي للـمعهد العالي للـمهن الترفيهية والسمعي البصري، وكذا استرجاع أرشيف الأفلام الـمودعة بالإخراج ورقمنتها، تنظيم مهرجانات يف جمال السينما والسمعي البصري بهدف ترقية قدرات الجزائر الثقافية والسياحية على الـمستويين الوطني والدولي.
إشراك الفنون في مختلف المراحل الدراسية:
وفي شقه المتعلق بالفنون، تضمن المخطط تدابير تتعلق بتنظيم ورشات للمسرح والكتاب والتفكير التشاركي للأطفال، من خلال مشاركة الجمعيات في تكوين الشباب على التنشيط الثقافي والفني، إلى جانب تنظيم العروض السينمائية والمسرحية، والمعارض الفنية في المدارس وكذا إنشاء نوادي السينما على مستوى الثانويات والجامعات، كما ستعمل الحكومة أيضا على إحداث بيئة ملائمة لظهور وازدهار المواهب والملكات الفنية، ولاسيما من خلال ترقية المواد المدرسية والجامعية الفنية وإحداث البكالوريا الفنية.
صبرينة ك