اقتحم الكاتب والناقد السينمائي عبد الكريم قادري، مجال الرواية، بإصدار أول عمل روائي في رصيده، بعنوان “حقيبة واحدة لاتكفي”، والتي صدرت في طبعة مشتركة بين دار ضمة للنشر والتوزيع بالجزائر/ ودار رشم للنشر والتوزيع بالمملكة العربية السعودية.
وقال قادري وهو ناقد وكاتب مهتم بالشأن السينمائي، أن كتابة الرواية من أهم المشاريع والهواجس التي حملها على كتفه منذ سنوات، ولم يتجرأ على خوض هذه التجربة سابقا، ليس عجزا وكسلا، بل لأنه وقف على العديد من التجارب العالمية المهمة، لهذا تريث، وعندما وجد أن الوقت قد حان لتحقيق هذا الحلم المؤجل، دخله بكل حب ورغبة وطموح وجدية ومسؤولية، لذا كان خبر صدور هذه الرواية من أهم الأخبار المفرحة في حياتي. عبد الكريم قادري
وتنقل رواية “حقيبة واحدة لا تكفي” والتي تتوزع على 177 من الحجم المتوسط –حسب ملخص العمل- وقائع قبل أسابيع قليلة من استقلال الجزائر سنة 1962، من خلال تتبعها يوميات جاك، وهو مدرّس فلسفة في العقد الرابع من العمر، متزوج من ابنة رجل ثري،ومن خلال مكالمة هاتفية واحدة تغيّرت حياته رأسا على عقب، إذ طُلبَ منه المتصل الانخراط في “منظمة الجيش السري” التي تهدف إلى التشويش والتخريب ورفض”إتفاقيات إفيان” الموقّعة بين فرنسا والجزائر لإنهاء الحرب.
واعتبر قادري، أن عزلة جاك الاختيارية قبل تلك المكالمة لم تسمح له بأن يعرف ما يحدث في بلده الجزائر، لهذا تعمّق واقترب أكثر من مجتمعه ليفهم المشهد السياسي الساخن، وأكثر من هذا كان شاهد ميداني على عمليات انتقامية وتصفية وتخريب قامت بها المنظمة في حق الكثير من معارفه، لهذا رفض الانخراط فيها لتوجهها العنيف، خاصة وأنه فهم الكثير من الأشياء السياسية ولو بشكل متأخر، انطلاقا من صديقه القديم الصحفي مايكل سانتوري الذي مات هو الآخر في تفجير مقر جريدته، لتتوالى الأحداث ويكتشف بأن يد زوجته كريستين ملطخة هي الأخرى بدماء الأبرياء.
وتغيّرت حياة كريستين بعدها من النقيض إلى النقيض حين عرفت أحد الأسرار التي ما كان يجب ان تعرفها، وهو الأمر الذي جعل زوجها يعطيها فرصة ثانية لتراجع حياتها ومواقفها وعلاقتها مع محيطها، لكن مع تزايد عمليات الانتقام من “الجيش السري”انتشرت الأحقاد في المدينة، ولم تعد كما كانت سابقا، عامرة بالأفراح والمباهج، أصبحت شوارعها بلا روح، وتحولت لساحات اقتتال وتصفية، جعلت الآلاف من الفرنسيين يتركونها ويتوجهون لمارسيليا خوفا على حياتهم، وهو ما حدث مع جاك الذي أرعبوه حين علّقوا على شجرة الخرّوب المقابلةلبيته جثة حركي، ليفهم هذه الرسالة الدموية ويرحل من أرض حمل تذاكرته وذكرياته، لكن عندما يصل إلى فرنسا تنكشف له العديد من الأسرار التي لم يكن ليتخيلها، وأكثر من هذا لم يجد ما كان ينتظره، ليحس وقتها بأنه فقد الوطن الذي كان فيه وأصبح لاجئا على أراضي أجداده القدامى.
واختتم قادري بقوله، أن رواية “حقيبة واحدة لا تكفي” من الأعمال الأدبية النادرة جدا، لأنها ذهبت صوب الأقدام السوداء، وأعطتهم مساحة ليعبروا من خلالها عن علاقتهم بالجزائر، ونظرتهم إلى الثورة وفرنسا الأم، إضافة إلى سرد مآسيهم وأحزانهم خلال الهجرات الكبيرة التي تعرضوا لها قبل الاستقلال بشهور.
صبرينة ك