تأسف عدد من المواطنين – من المهتمين بتاريخ الوطن والغيورين عليه- من التهميش الذي يطال أحد أبطال ورموز الجزائر، ألا وهو الشهيد بعداش بن حمدي، الذي قام بتنفيذ العملية الفدائية التي أودت بحياة أحد أهم المعمرين الفرنسيين في الجزائر رئيس المجلس البلدي لبوفاريك بالبليدة ورئيس جمعية رؤساء بلديات الجزائر، وأحد غلاة الفرنسيين المدافعين عن فكرة “الجزائر فرنسية”، أميدي فروجي وهو في سن 26 سنة، العملية كانت في 28 ديسمبر 1956، وهي العملية النوعية التي زعزعت الجيش الفرنسي وقياداته وقلبت فرنسا رأسا على عقب، وحتمت عليها ممارسة التعتيم والغموض على العملية، للسيطرة على الوضع، حتى تكتشف فرنسا بعدها ملابسات العملية.
الشهيد بعداش بن حمدي قام بتنفيذ العملية الفدائية التي أودت بحياة أميدي فروجي في 1956 بـ “ساكريكور”، في وقت كانت أهم الشوارع الجزائرية لايمر منها الجزائريون، ومحتكرة فقط على الأقدام السوداء “المعمرين”، وقد كانت عملية الاغتيال شجاعة جدا، للمكانة التي يحتلها أميدي فروجي – الذي شغل أيضا منصب رئيس مقاطعة بوفاريك”، فقد كان يومها شخصية هامة ويسير بالحراس، وبمجرد توغل الشهيد البطل للشارع الذي كان فيه ونجاحه في الاغتيال، بحد ذاته اعتبر إنجازا كبيرا وشجاعة منه، ودليل على أن العملية كانت مضبوطة.
وأضاف ذات المتحدث في زيارته لجريدة “الجزائر” وبمناسبة الاحتفال بيوم الشهيد، بأنه يومها جن جنون فرنسا الاستعمارية، التي لم يترك جيشها الاستيطاني، جزائريا واحدا إلا وتم قتله، وكرد فعل منها تم قتل 400 جزائري، ووصل الوضع إلى أبعد من ذلك حين قتلت جزارين وعلقتهم على المتاجر، في واحدة من أبشع المجازر التي قامت بها فرنسا في الجزائر، مضيفا أن بعداش بن حمدي قام بالعملية وفر، رغم أن عناصر الجيش الفرنسي لهثت وراءه ولكن دون جدوى، ترك بن حمدي ترك مسدسه في إحدى المقاهي، التي اقتحمها عناصر من الجيش الفرنسي وضيق على أصحابها الخناق، ليرحل الشهيد الرمز لابن عمه في بوسعادة –مسقط رأسه-، الذي اهتم به، قضى هناك أيام، ثم عاد ليواصل جهاده، بالعاصمة، عاد بحي بمحي الدين بالعاصمة وهو حي بالقرب من قاعة حرشة، وبعدها ونظرا لوصول معلومات جوسسية، طوقت فرنسا الحي عسكريا يوم 25 فيفري 1957، لتلقي القبض على الشهيد بعداش بن حمدي ، ويعتقلوه إلى مركز التعذيب في صالومبي ويمارس عليه أشد أنواع التعذيب، وبعد 15 يوم التعذيب، اعترف بأنه منفذ العملية بعد 48 ساعة، ليزج به في سجن سركاجي في مارس 1957، ثم يحال على المحكمة العسكرية في أفريل 1957، ويحكم عليه بالإعدام بالمقصلة يوم 25 جويلية 1957، دفنه المستعمر في مقبرة العالية بالعاصمة، وخرجت الصحف الفرنسية يومها منتشية تبشر بالحكم وتروج له وتنشره على صدر صفحاتها الأولى.
يذكر أن بعداش بن حمدي المنحدر من بلدية نائية هي بن سيرور دائرة بن سليمان ببوسعادة، مولود في 1930 ببوسعادة، وقد أعدم معه في الساعة نفسها والتاريخ نفسه كل من: حسني بوعلام (من بوفاريك) و لبدي علي (من مدينة الجزائر)، لكن إلى اليوم يبقى الشهيد البطل منسيا، يجهله الكثير، بحيث لا تكريم ولا استذكار، لا من السلطات المحلية ولا من طرف المواطنين.
صبرينة كركوبة