يرى الخبير الدستوري، رشيد لوراري، أن مشروع القانون العضوي المتعلق بالانتخابات من خلال ما تضمنه بمثابة إضافة نوعية للعملية الإنتخابية، وقال إن القانون الجديد “قد وضع جملة من الآليات يمكن من خلالها تحقيق هذا الهدف المتمثل في إبعاد المال الفاسد عن العملية الإنتخابية”، وأكد لوراري في حوار مع “الجزائر” أنه “يمكن لقانون الإنتخابات من خلال ما يضعه من آليات فيما يتعلق بالعملية الانتخابية العمل على المساهمة أو المشاركة في أخلقة الحياة السياسية العامة”.
– كيف يتم أخلقة العمل السياسي على ضوء المتغيرات الحاصلة وعلى رأسها مشروع القانون العضوي المتعلق بالانتخابات؟
يتعين في هذا المجال التأكيد على أن أخلقة الحياة السياسية، هي إشكالية عامة لا تتعلق فقط بقانون الانتخابات بل بمجموعة القوانين التي تحكم العمل السياسي في الجزائر سواء تعلق الأمر منها بقانون الأحزاب أو قانون الجمعيات، أو قانون الإنتخابات أو غيرها من القوانين الأخرى، وبالتالي في هذا المجال يمكن لقانون الإنتخابات من خلال ما يضعه من آليات فيما يتعلق بالعملية الإنتخابية العمل على المساهمة أو المشاركة في أخلقة الحياة السياسية العامة باعتبار أن الإنتخابات هي الوسيلة الدستورية والقانونية للوصول إلى السلطة، فيجب أن تكون مجموع الآليات والميكانزيمات المعمول بها في مجال الانتخابات تندرج في إطار العمل على إرجاع المصداقية للفعل الانتخابي على اعتبار أن هذا الفعل من خلال الممارسة السابقة للمراحل التاريخية للنظام السياسي قد شابه العديد من الشوائب والنقائص أدت إلى فقدانه للمصداقية في مثل هذه العمليات الإنتخابية.
– كيف سيتم إرجاع المصداقية للفعل الإنتخابي؟
أعتقد أنه من خلال جملة الآليات التي وردت في مشروع تعديل القانون العضوي المتعلق بنظام الإنتخابات تندرج في هذا الإطار وفي هذا المجال، ويمكننا الحديث عن إبعاد المال الفاسد بالنسبة لهذه العملية الإنتخابية إذ أن مشروع القانون الجديد قد وضع جملة من الآليات يمكن من خلالها تحقيق هذا الهدف المتمثل في إبعاد المال الفاسد، وذلك أولا بالنسبة لمختلف الهبات التي يمكن أن تقدم لهؤلاء المترشحين سواء كانوا أفرادا في قوائم حرة أو بالنسبة للأحزاب السياسية قد حدد بأنه إذا تجاوز المبلغ المتبرع به ألف دينار فإن ذلك يجب أن يتم إما بواسطة صك أو اقتطاع آلي أو بطاقة بنكية.. وهذا يعني أنه في هذه الحالة مثل هذه التبرعات ستكون خاضعة لرقابة صارمة من قبل الهيئات المعنية، كما حدد بالنسبة خاصة بالنسبة لتمويل الحملة الإنتخابية للشباب الذين يقل سنهم عن عمر 35 سنة أن الدولة ستتكفل بحوالي 50 بالمئة مصاريف الحملة الإنتخابية.. وهذا أيضا سيساهم لا محالة في إبعاد هؤلاء الشباب من عملية تأثير أو شراء ضمائرهم من قبل بعض رجال الأعمال.
أما الآلية الثالثة فهي تعلق بإنشاء لجنة لدى السلطة الوطنية المستقلة لمراقبة الإنتخابات، هذه اللجنة التي تتولى مراقبة تمويل الحملة الإنتخابية، وحدد تشكيل هذه اللجنة حيث أنها تتكون من 3 قضاة، واحد عن المحكمة العليا وآخر عن مجلس الدولة وقاض من مجلس المحاسبة، بالإضافة إلى ممثل من وزارة المالية وممثل عن السلطة العليا للشفافية ..هذه الآلية ستتمثل لا محالة من خلال المهام التي سيتم إسنادها لها على السهر على ضمان نزاهة وشفافية تمويل هذه الحملة الإنتخابية، وهناك العديد من الآليات التي تضمن هذا مشروع القانون العضوي للإنتخابات والتي من خلال تفعيلها فإننا لا محالة يمكننا الحديث عن ذلك في هذا المجال بأنها ستساهم لا محالة في عملية أخلقة الحياة السياسية وعلى وجه التحديد العملية الإنتخابية، نظرا لما شاب العملية الإنتخابية من نقائص أدت في الكثير من الأحيان إلى التشكيك في نزاهتها وبالتالي إلى تحريفها عن المهام التي يجب أن تقوم بها كأداة دستورية وقانونية… لا طريق للوصول إلى السلطة إلا طريق الإنتخابات.
– الرهان القائم يكمن في إبعاد المال الفاسد عن السياسية،فهل سينهي القانون الجديد عهد “الشكارة”؟
في حال تفعيل هذه الآليات سيتم طبعا الحد لا محالة من تأثير المال الفاسد على العملية الإنتخابية، وبالتالي الوصول إلى انتخاب هيئات حقيقية، تعبر عن الإرادة العامة لمجموع هيئات الناخبين ..أنا تكلمت عن الآليات.. ويمكنني الحديث عن آلية أخرى وهو ما يعرف بحساب الحملة الإنتخابية الذي يقدمه كل مترشح أو كل حزب عند نهاية الحملة الإنتخابية، هذا التقرير الذي يقوم بإعداده ويتضمن جملة من المصاريف التي تم صرفها في هذا المجال، وموارد ومصادر هذه الأموال التي تم من خلالها تمويل العملية الانتخابية.
ويبقى جانب آخر ويتمثل في دور مختلف التنظيمات السياسية والإجتماعية الموجودة داخل المجتمع لأن الأمر يتعلق أساسا بضرورة الدفع نحو خلق ثقافة ذات مستوى معين.. هذه الثقافة التي تسمح لكل الفاعلين في الساحة السياسية من العمل بلا هوادة.. كل في مستواه وكل حسب موقعه على الدفع بأخلقة العملية الإنتخابية، دون أن ننسى ما تقوم به المدرسة ومن دور في هذا المجال ومختلف المؤسسات الموجودة داخل المجتمع الجزائري.
– كيف ترون المناصفة بين الرجل والمرأة المطروحة في مسودة تعديل قانون الانتخابات؟
المناصفة من بين الأشياء الجديدة التي حملها المشروع العضوي للإنتخابات.. فيما يتعلق بتركيبة وتشكيل القوائم المترشحين، لأنه لأول مرة يتم التنصيص على ضرورة أن تكون هذه القوائم تجسد مناصفة بين الجنسين، وهذا الأمر لا يمكن إلا تثمينه وهو ربما سيعفينا من نظام “الكوطة” وكل ما أثير حوله من نقاشات. نظام المناصفة سيسمح وسيفرض على كل المعنيين بالعملية الإنتخابية للمرشحين أن تكون القوائم ترشيحاتهم تتضمن مناصفة.. القضية رغم أهميتها ورغم تسليمنا بضرورتها إلا أنها في الواقع ستصطدم بمجموعة من العوائق لتنفيذها، والتي تتعلق ببعض العقليات والممارسات اليومية الموجودة بالمجتمع.
– بماذا سيساهم القانون الجديد وما هي رهاناته لإحداث القفزة التشريعية بالنسبة للنظام الانتخابي؟
من خلال ما ورد في هذا القانون من آليات جدية بالنسبة للعملية الإنتخابية لا محالة.. فإن هذا القانون سيساهم في إحداث قطيعة بين الممارسة السابقة بالنسبة للفعل الإنتخابي وما نطمح إليه مستقبلا، مهما كان النظام الإنتخابي فيجب أن يكون وليد ظروف ومعطيات اجتماعية سياسية، ثقافية، قانونية خاصة بكل مجتمع، هذا القانون يعتبر من خلال ما تضمنه بمثابة إضافة نوعية للعملية الإنتخابية.
سألته: خديجة قدوار