• السيناتور عن الافلان بن زعيم: نفضل تأجيل مناقشة القانون
اتسعت فجوة الخلاف حول مضمون مشروع قانون المحروقات، بعد أن سبقت ضجته الإعلامية نزوله قبة البرلمان، وارتفعت حدة الأصوات المناوئة لتعديل المشروع حيث اعتبر كثير من المراقبين والخبراء بعض مواده خطرا على مصالح الجزائر الاقتصادية، سيما في الشق المتعلق بالعقود المبرمة مع الشركات الأجنبية، في وقت طالب خبراء آخرون بضرورة تسريع تعديل القانون في أقرب وقت ممكن.
وحركت الرغبة الجامحة للسلطة العمومية بتعديل مشروع قانون المحروقات خبراء في الاقتصاد والقانون، حيث لم يتوان البعض منهم في التشكيك في نوايا تعديله في ظرف صعب تمر به الجزائر، واستند كثير من منتقدي خيار تعديل القانون على مضمون المشروع في شقه المتعلق بمراجعة الجباية البترولية وآليات الرقابة التي تمارسها الدولة الجزائرية، على استغلال النفط والغاز عن طريق وزارة الطاقة والوكالة الوطنية لتثمين الموارد النفطية، وفي هذا الصدد قال الخبير القانوني رضا دغبار، إن المصادقة على القانون ستضع الحكومات القادمة أمام معوقات جمة من بينها عدم مقدرتها مستقبلا على التفاوض مع الشركات الأجنبية لتعديل ما سيتم الاتفاق عليه بموجب القانون، وأضاف المتحدث ذاته على صفحته في الفايسبوك أنه من وجهة نظر دستورية بحتة فإن حكومة تصريف الأعمال بقيادة بدوي ليس لها الأهلية الدستورية لمناقشة مثل هذه القوانين على اعتبار أنها لم تعرض مخطط عملها ولم يتم المصادقة عليه من طرف المجلس الشعبي الوطني، ووفق أحكام المادة 93 من الدستور فإن حكومة كامل الصلاحيات التي يجب أن تقوم وفقا لأحكام الدستور من الفقرة 03 من المادة 93 بعرض مخطط عملها في إطار مجلس الوزراء وهي الحكومة التي توجب عليها المادة 94 من الدستور تقديم مخطط عملها للمجلس الشعبي الوطني من أجل أن يوافق عليه رئيس الجمهورية، وعلى هذا الأساس فإن كل حكومة لم يعينها رئيس الجمهورية ولم تعرض مخطط عملها في إطار مجلس الوزراء يصفها الدستور بموجب المادة 96 بأنها حكومة تسيير الشؤون العادية، وبهذا فهي لا تملك كل الصلاحيات التي تملكها حكومة كامل الصلاحيات التي لها الحق في النظر في المسائل المهمة، وحسب الخبير ذاته يجب طرح التساؤل الجوهري كيف لحكومة بدوي أن تتطرق لمسائل مهمة خصوصا وأن المادة 19 من الدستور توجب على الدولة حماية الموارد الطبيعية والاستعمال الرشيد.
وعلى النقيض، يعتبر الخبير الاقتصادي مهماه بوزيان أن التأجيل في إقرار قانون جديد للمحروقات سيتسبب في إضعاف القدرات التفاوضية للطرف الجزائري في المستقبل، وأي تأجيل سيسقطنا في فخ الاضطرار لتقديم تنازلات غير واردة إطلاقا الآن للشريك الأجنبي، وليس العكس من خلال ما يروج له الآن حول مضامين هذا القانون. ويعتبر مهماه أن مراجعة قانون المحروقات الساري (05-07 المؤرخ في 28 أفريل 2005) ليست وليدة اليوم، أو ليس من إعداد الحكومة الحالية أو بمبادرة منها، لأن جوهر العمل مرتبط بمؤسسة سوناطراك كمؤسسة وطنية تقود المنظومة الاقتصادية الوطنية وتمولها، حيث المراجعات جوهرية بدأت منذ سنة 2012، فأدخلت تعديلات جوهرية على الجباية سنة 2013 (قانون 13-01 المؤرخ في فيفري 2013)، لكن لم تأت هذه المراجعات بالنتائج المرجوة، واستمر التفكير بتعديل القانون لكن الوزراء المتعاقبين لم يباشروا الخوض في هذا الموضوع الحساس حتى جاءت سنة 2017، حين تمّ تنصيب فوج عمل متخصص من إطارات قطاع الطاقة، فوج العمل هذا خلص بداية إلى اقترح مراجعة شاملة تتجاوز تعديل القانون الحالي الذي أثبت محدوديته، وضرورة التوجه لوضع قانون جديد، الأمر الذي استغرق أكثر من سنة ونصف من البحث والتقصي والاستشارة الموسعة وتقييم الخبرات.
وعلى هذا الأساس، اعتبر مهماه الوقت المستغرق في صالح القانون، ليس في صالح قطاع الطاقة، ولا في صالح الاقتصاد الوطني، لأن أمننا الطاقوي دخل مرحلة التهديد الجدي، وأي مزيد من التأخر تحت أي مبرر كان سيجرنا إلى تعقيدات غير محمودة العواقب، لذلك ينبغي تحرير هذا القانون في اقرب وقت حتى نتيح لقطاع الطاقة الشروع في إطلاق مناقصات جديدة. واضاف ذات المتحدث، ان رئيس الجمهورية الذي سينتخب في قادم الأيام، يمتلك “كامل النظر” فإن تبين له أي قصور في القانون بإمكانه بكل ماله من شرعية شعبية تعديله أو إلغاءه، كما شدد على ان لرئيس الجمهورية المقبل كامل الأهلية للقيام بإلغاء أي عقد يتم على أساس هذا القانون يجده “يمس بالسيادة الوطنية” أو “يخل بمبدأ الثروة ملك للمجموعة الوطنية”، كما أن له كل الحق بتوقيف أي مشروع يراه مخالفا لمصالح الوطن ولا يخدم الشعب ولا يحقق طموحات الأمة الجزائرية.
قانون المحروقات قنبلة موقوتة بالبرلمان…
وفي ظل تضارب الآراء حول مدى نجاعة تعديل قانون المحروقات، تعرف أروقة الغرفة السفلى بالبرلمان خلال الأيام الأخيرة جدلا واسعا بين النواب، وسط دعوات لنواب من المعارضة للاحتجاج اليوم بمبنى زيغود يوسف رفضا لمواده، وفي هذا الصدد قال السيناتور عن الأفلان عبد الوهاب بن زعيم إن “بعض الزملاء أعضاء مجلس الأمة يفضلون إرجاء قانون المحروقات إلى جانفي القادم أي بعد انتخاب رئيس الجمهورية لا يمكن ونحن في حملة انتخابية وحملة رئاسية ساخنة جدًا أن نناقش هذا القانون المصيري مع العلم أن هناك قانون المالية والذي سيأخذ حيزًا ووقتًا كبيرًا لمناقشته والمصادقة عليه، مضيفا أن قانون المحروقات وجب أن يناقش في هدوء وتأنٍ بعيدا عن مناقشات الحملة الانتخابية لذلك نتمنى إرجاؤه في وقته المناسب لكي لا نضطر لإيقافه عند طلب المصادقة عليه في المجلس”.
عمر حمادي