احتفل نادي مولودية الجزائر, “عميد” الأندية الجزائرية لكرة القدم بمئوية تأسيسه, سهرة السبت, في خضم الاحتفالات الرسمية المخلدة للذكرى الستين لاستقلال الجزائر (1962-2022), وذلك قبل أسبوعين عن موعد انطلاق الموسم الرياضي الجديد 2022-2023.
و اضطرت المولودية للاحتفال بقرنها الأول بعد عام كامل بسبب جائحة كورونا “كوفيد-19”, حيث أقدم النادي الرياضي الهاوي خلال سهرة بهيجة على جمع عديد الشخصيات البارزة و قدماء الفريق من مختلف الأجيال, ضمن احتفالية احتضنها المركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال”, بالجزائر العاصمة.
واغتنمت عائلة المولودية هذه الفرصة لمنح تكريم خاص للأب الروحي والعضو المؤسس لهذا النادي العريق, المرحوم عبد الرحمان عوف المدعو “بابا حمود” (1902-1989). وحظيت هذه الشخصية الأسطورية التي كانت وراء تأسيس أول نادي جزائري مسلم لكرة القدم إبان الحقبة الإستعمارية, بالتفاتة خاصة من طرف أبناء المولودية.
أنشأت الجمعية الرياضية مولودية الجزائر بأزقة القصبة العتيقة, في سياق سياسي-ثوري دعما للقضية الجزائرية ضد المستعمر الفرنسي الغاشم (1830-1962),عبر توظيف اللعبة الأكثر شعبية عالميا وكذا بقية الرياضات في دحر قوى فرنسا الاستعمارية.
وجرى الاجتماع التأسيسي لمولودية الجزائر بين شبان جزائريين من القصبة و باب الوادي بتنسيق من “بابا حمود”, في أحد مقاهي مدينة الجزائر المحروسة بالله (القصبة), في يوم 7 أغسطس 1921, الذي صادف آنذاك مناسبة المولد النبوي الشريف, ليتقرر تسمية هذا المولود الرياضي الفتي بـ “نادي مولودية الجزائر”.
و وقع الاختيار على “الأخضر والأحمر” كألوان لشارة وقميص نادي المولودية: فالأخضر, يمثل الأمل الذي كان يحدو الشعب الجزائري في استرجاع السيادة التحرر من قيود المُستدمر, وكذا باعتباره اللون الذي يرمز لدين الإسلام الحنيف, أما الأحمر فيمثل الحب والوطن والتضحية من أجله.
==من الظلام الاستعماري إلى قمة المجد==
وبالإضافة إلى البعد الرياضي الذي كان يمثل مولودية الجزائر خلال تأسيسها, ناضل النادي العاصمي العريق على طريقته من أجل القضية الوطنية و استقلال البلد غداة اندلاع ثورة أول نوفمبر 1954 التحريرية .
و كانت مولودية الجزائر, تمثل آنذاك أكثر من نادي بسيط لكرة القدم, باعتباره النادي الإسلامي الوحيد والتي كانت وراء حركة رياضية إسلامية بفضل شعبيتها التي ما فتئت تتضاعف إلى درجة أنها تسببت في إحراج سلطات النظام الاستعماري.
أما على المستطيل الأخضر, فكانت مولودية الجزائر عبارة عن أداة مقاومة ضد المحتل الاستعماري و خاصة خلال الخمسينات أثناء مواجهتها للأندية الرياضية الاستعمارية.
وفي هذا السياق, قال المرحوم إسماعيل خباطو (1920-2014) أحد اللاعبين السابقين في الفريق (أثناء الفترة الاستعمارية) وكذا أبرز المدربين الأسطوريين للمولودية الذي كان ضمن الطاقم الفني للفريق المجيد الذي توج بالثلاثية عام
1976 (بطولة و كأس الجزائر, كأس إفريقيا للأندية البطلة): ” كانت مبارياتنا ضد الأندية الفرنسية عبارة عن معارك. قبل دخولنا أرضية الميدان, نقسم بالله بتقديم أفضل ما لدينا مرددين عبارة الله أكبر”.
في سنة 1956, قررت المولودية تجميد نشاطها الكروي, استجابة لنداء جبهة التحرير الوطني التي طالبت الأندية الإسلامية بالمقاطعة الكاملة لمنافسات كرة القدم بعد أحداث 11 مارس 1956 في مباراة مولودية الجزائر/جمعية سانت أوجان, حيث أصيب عدد من الأنصار بجروح قبل توقيفهم. وعرف “العميد” دعم جاره اتحاد الجزائر الذي اتخذ نفس القرار بالمقاطعة.
وبعد استعادة الحرية عام 1962, تأهل فريقا المولودية و الاتحاد لنهائي البطولة الوطنية الذي خسره “العميد” (3-0), قبل أن يحجز في موسم 1964, مكانا له مع الأندية التي شاركت في أول بطولة وطنية في الموسم 1964-1965, وهو الموسم الذي سقط فيه الفريق إلى القسم الثاني, بقرار من وزير الشباب و الرياضة, بعد أحداث مباراته أمام مولودية وهران بالملعب البلدي بالعناصر (20-أوت-1955 حاليا).
و اعتبرت عشرية ما بعد الاستقلال (1970-1980) لمولودية الجزائر كالفترة الذهبية في مجال الألقاب والتتويجات, حيث انتظر الفريق نصف قرن لتحقيق أول لقب كبير له (كأس الجزائر عام 1971). و بقيادة المرحوم علي بن فضة, توجت المولودية بالكأس أمام اتحاد الجزائر (2-0) الذي لعب يومها النهائي الثالث له على التوالي.
و بلغ العميد قمة المجد في سنة 1976, حيث سيطر لاعبو المدرب التاريخي, عبد الحميد زوبا (1935-2022), سيطرة مطلقة بتتويجهم بثلاثية, لم يفلح في تحقيقها أي ناد جزائري حتى الآن (بطولة-كأس-كأس إفريقيا) بفضل لاعبين ممتازين على غرار بتروني, باشي, بوسري, باشطا و بن شيخ و غيرهم.
و يعود آخر لقب للنادي العاصمي لسنة 2016, لما فاز بكأس الجزائر على حساب نصر حسن داي (1-0). منذ ذلك الوقت, كانت نتائجه متذبذبة ترجح بين الحسن والسيء, دون أن تتمكن في كل مرة بتجديد العهد مع الألقاب.
و في العام المنصرم و كهدية بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس النادي, قرر رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون إسناد مسؤولية استغلال و تسيير ملعب الدويرة بالعاصمة, الذي لا زال بصدد الإنجاز, لمولودية الجزائر و هو الخبر السار الذي أسعد أنصار عميد الأندية الجزائرية.