تتدعم يوما بعد يوم قناعات العديد من المراقبين بأن القرارات التي اتخذها الوزير الأول تبون لحد الآن ما هي إلا تعبير صارخ عن عدم رضاه من طريقة التسيير التي كان ينتهجها سلال، بدليل أنه لم يتوان في إلغاء قرار اتخذه سلال منذ ثلاثة أشهر فقط ويتعلق بالتنازل عن المزارع النموذجية للخواص.
سؤالان مهمان يتبادران إلى كل ملاحظ لخطوات تبون منذ توليه قيادة سفينة الحكومة، ما الذي تغير حتى يقدم تبون على مثل الإجراءات؟ وهل اتخذ تبون هذه القرارات بناء على نظرة استشرافية وإحصائيات اقتصادية؟ سعر برميل النفط لم يتجاوز منذ أكثر من سنتين حاجز 55 دولار، لا مداخيل إضافية تعوض بها الدولة خسائر الخزينة العمومية الفادحة، لا نمو اقتصادي كبير ولا إحصائيات دقيقة يمكن أن يدافع بها تبون عن خياراته أمام الرأي العام.
ظاهريا يبدو أن خيارات وتوجهات تبون الأخيرة نابعة عن عدم رضاه على طريقة تسيير سلفه لبعض الملفات الحساسة، من ضمنها تجميد ملف التوظيف، الإنفاق والتنازل عن المزارع النموذجية للخواص.
لكن وفقا لمراقبين آخرين يبدو الأمر مغايرا نظرا لعدة اعتبارات، من ضمنها أن الوزير الأول “ابن الدار” وله دراية تامة بما يواجه الحكومة من صعوبات في تحقيق التقدم المطلوب، فالخبرة التي اكتسبها تبون من تواجده لسنوات في الطاقم الحكومي جعلته حسب مراقبين يكشف بعض العيوب التي حالت دون أن تسير الدولة في الاتجاه الصحيح، من ضمنها ضعف التحصيل الضريبي، وضعف الرقابة.
يعتقد الخبير الاقتصادي بشير مصيطفى أن الدوافع التي أدت بالوزير الأول إلى اتخاذ قرارات جريئة هو معرفته أن العراقيل التي واجهت سلال في تطبيق برنامجه خارجة عن ملفات التوظيف والمساحات الفلاحية، فالأمر كله متعلق بالنمو الاقتصادي الذي كان الأضعف هذه السنة فتراوح ما بين 1.5 إلى 1.9.
وبين ذلك ترى المعارضة أن في قرارات تبون نوعا من الارتجالية ومحاولة لتغييب دور البرلمان، حيث قال النائب ناصر حمدادوش عن حركة حمس أن القرارات التي اتخذها تبون هي قرارات تنفيذية تابعة للسلطة التنفيذية، فلا يعدو كونها إجراءات شكلية وقرارات ظرفية للإيحاء أن هناك تغييرا للدفع بالنمو الاقتصادي.
عمر حمادي