ذكرت مجلة دير شبيغل واسعة الانتشار في ألمانيا أن هذه الأخيرة قد لجأت إلى قرار ترحيل اللاجئين من دول المغرب العربي، بعد أن استعصى عليها مشروع إدماجهم في المجتمع، وأثبتت الإحصائيات أن أغلب الذين يتورطون في الاعتداءات ينحدرون دائما من هذه المنطقة التي تعاني من تراجع في الحقوق ما دفع بحركة الهجرة نحو الضفة الأخرى.
نشر موقع مجلة “دير شبيغل” الألمانية تقريرًا تحدث عن ازدياد جرائم طالبي اللجوء من مواطني دول شمال أفريقيا وعن جهود الحكومة الألمانية لترحيلهم. وأبرز التقرير عدة قصص لجناة لاجئين من دول شمال أفريقيا من بينهم التونسي “أنيس عمري” المتهم بتنفيذ هجوم سوق عيد الميلاد في برلين والذي أودى بحياة 12 شخصا. وذكر التقرير أن الشباب المغربيّ والتونسيّ والجزائريّ كانوا هم الأسوأ سمعة في ألمانيا في السنوات الأخيرة.
2.4% من طالبي اللجوء من دول شمال أفريقيا في 2016
ومع ذلك فإن 11% من المهاجرين المشتبه في ارتكابهم جريمة كانوا من منطقة المغرب العربي.
وأظهرت عينات عشوائية في كولونيا أن 40% من المهاجرين من دول المغرب العربي ارتكبوا سرقة أو سرقة بالإكراه خلال السنة الأولى من وصولهم بحسب ما ذكره توماس شولت رئيس القسم الجنائي في كولونيا والذي ترأس التحقيقات في أحداث الاعتداءات على النساء في كولونيا في ليلة رأس السنة 2015/2016 إذ كانت هذه الليلة الصادمة هي السبب في تغيير نظرة ألمانيا للاجئين بعد أن كانت قد استقبلت مئات الآلاف في الأشهر السابقة للحادثة.
وكان معظم المشتبه بهم في حادثة رأس السنة قادمين من دول شمال أفريقيا أو”نافريس” كما تطلق الشرطة عليهم وهو مصطلح عاميّ يُقصد به المجرمون من شمال أفريقيا.
وفي كولونيا ودوسلدورف على وجه التحديد كافحت الشرطة المجرمين من المغرب والجزائر وتونس لسنوات فقد حققت مع 400 مشتبه به من دول المغرب العربي في عام 2016 وحده.
لكن في الآونة الأخيرة ازدادت أعداد المجرمين من هذه الدول في مناطق أخرى من ألمانيا. وفي ساكسونيا فإن أغلب المجرمين الذين يكررون ارتكاب جريمة هم من أحد دول المغرب العربي، كما يهيمن مواطنو شمال أفريقيا على تجارة المخدرات في الحي المحيط بمحطة قطار فرانكفورت.
وفي كارلسروه شكّلت السلطات المحلية فرقة للنظر في عمليات سطو متكررة من مهاجرين خلال فترة قصيرة وكان الكثير من المشتبه بهم قادمين من دول شمال أفريقيا. وتعتقد الشرطة أن السبب وراء انخفاض عدد الجرائم في كارلسروه هو خفض عدد المهاجرين في المدينة .
والكثير من المجرمين من المهاجرين هم جناة عائدون، سبق لهم أن ترددوا على السجون، اذ تم ترحيل 660 فقط من الجزائريين والمغاربة والتونسيين في عام 2016، بالرغم من صدور أوامر ترحيل نحو تسعة آلاف منهم، لذلك تعتزم الحكومة الاتحادية الآن الإسراع في عمليات الترحيل.
خياران سيئان
أشار التقرير إلى الاقتصاد الجزائري الذي عانى في السنوات الأخيرة حيث تخطت نسبة البطالة 10% ، ووصلت النسبة الرسمية لبطالة الشباب إلى 25%. واعتبر ذات التقرير أن المغرب دولة مستقرة سياسيًا فالكثير من المواطنين يدعمون الملك محمد السادس كما أنها لم تشهد انتفاضة في الربيع العربي على نقيض تونس.
لكنه أشار من جهة ثانية إلى أن الشرطة المغربية معروفة بوحشيتها لذلك فإن القانون الذي اقترحته الحكومة الألمانية والذي يصنّف بلدان المغرب العربي باعتبارها بلدان منشأ آمنة تم رفضه من قِبل المجلس الاتحادي الألماني “البوندسرات” وهو الهيئة التشريعية التي تمثل الولايات الاتحادية.
واعتبر التقرير أن الكثير من التونسيين يعتقدون أن أمامهم خيارين فقط إما ركوب قارب إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية أو الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية.
وبلغت نسبة البطالة بين الشباب في تونس بعد ست سنوات من ثورتها 40%.
وتعتبر الأزمة الاقتصادية في تونس عاملًا أساسيًا في جعلها على الرغم من كونها مهد الربيع العربي أرضًا خصبة للإرهاب إذ تعتبر أحد أكثر البلاد التي ينضم شبابها إلى الجماعات المتطرفة في سوريا والعراق وليبيا.
تصاعد عمليات الترحيل
وصف التقرير العقبات التي واجهتها الحكومة الألمانية في ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين من دول المغرب العربي، بالعسيرة جدا بحكم وجود عقبات قانونية كثيرة.
فمنذ اعتداءات ليلة رأس السنة في كولونيا حث وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير دول شمال أفريقيا على المزيد من التعاون، وفي فيفري 2016 توجه دي ميزير بصحبة وفد إلى شمال أفريقيا ليلتقي برؤساء ووزراء الداخلية في تونس والجزائر والرباط وتحسنت الأمور إلى حد ما نتيجة لذلك.
لكن ومع الوقت تطور التعاون بين وزارة الداخلية الألمانية وبلدان المغرب العربي في عمليات ترحيل الأفراد الذين يمثلون خطرًا قد شهد تحسنًا ملحوظًا.
واستقبلت تونس 50 من مواطنيها في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام مقابل 8 فقط في نفس الفترة من العام الماضي، كما قامت ألمانيا في نفس الفترة بترحيل 207 شخصًا إلى المغرب والجزائر أي أكثر 11 مرة مقارنة بالربع الأول من عام 2016.
ووفقا لوزارة الداخلية الألمانية فقد تحسن التعاون مع بلدان المغرب العربي في عمليات ترحيل الأفراد، وينتظر أن يرتفع عدد المرحلين مستقبلا، وتعتزم ألمانيا تقديم مساعدات مالية لدول المغرب العربي لدفع حركة التنمية وتشجيع الاستقرار بها لوقف الهجرة الغير شرعية.
رفيقة معريش