انضم الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم للأصوات المتعالية من داخل الحزب وخارجه المنادية بضرورة إصلاحه وإعادته للسكة الصحيحة، بحيث وصف وضعية الحزب الحالية بـ“السيئة“، محملا المسؤولية لبعض القيادات وليس كلها، واعتبر أن الحل يكمن في انتخاب قيادة جديدة عبر عقد مؤتمر في أقرب الآجال يكون جامعا وشاملا لكافة القيادات المبعدة والمهمشة ويعود معها الدور المنوط لجبهة التحرير الوطني وخاصة مع المرحلة الجديدة التي تعيشها البلاد.
اعتبر عبد العزيز بلخادم أن الحالة التي آلت إليها جبهة التحرير الوطني “يتحملها بعض القياديين وسلوكاتهم التي تسببت في إرجاع الحزب للوراء وإبعاده عن مكانته الحقيقية”، مؤكدا أن اللوم “يقع على هؤلاء وليس كل القيادات”، وقال عبد العزيز بلخادم في تصريح له على هامش حضوره مراسيم أداء الرئيس عبد المجيد تبون لليمين الدستورية: “حزب جبهة التحرير الوطني في وضع سيئ جدا لا يحسد عليه ” وأضاف: “للأسف هذا الحزب هو عماد الحياة السياسية في البلاد عرف انتكاسات نتيجة تصرفات بعض القياديين.. اللوم ليس على الحزب كله بل على بعض القياديين وتصرفاتهم وسلوكاتهم وقناعتي بأن حزب جبهة التحرير الوطني بسمكه التاريخي وما يحمله من أفكار يبقى واعدا كبرنامج على الحزب أن يسترجع عافيته ويجمع أبنائه المخلصين في مؤتمر يمكن المناضلين من اختيار قيادة وإعادة جبهة التحرير الوطني لدورها الرائد لكونها خزان من الأفكار والإطارات لمساعدة الجزائر لعبور المرحلة التي تمر بها”.
وتجدر الإشارة إلى أنه كان آخر ظهور لعبد العزيز بلخادم في مقر حزب جبهة التحرير الوطني يوم 4 ديسمبر 2018، وذلك بعد إقالة الأمين العام السابق جمال ولد عباس وتعيين معاذ بوشارب منسق للحزب ورئيسا للهيئة المسيرة له، هذا الأخير الذي كُلف وقتها بإصلاح أمور الحزب وفتح مشاورات مع القيادات السابقة في محاولة للم الشمل ومشاركة الجميع في بناء “الأفلان” من جديد وجمع الجانبين لقاء بمقر “الستة الأحرار” بحيث ثمن بلخادم آنذاك مسألة تصحيح مسار الحزب والعمل على إعادة بناء هياكله وفق أسس تعكس رسالة الحزب القائمة على الجمع كما أكد أيضا على أن المهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة ويمكن تحقيقها “بوضع خطة عمل واختيار الأدوات والقيم التي يؤمن بها حزب جبهة التحرير الوطني”، كما شدد على ضرورة تطهير الحزب من الدخلاء والقضاء على ظاهرة الفساد.
واختفى بلخادم بعدها عن الأنظار وعن الساحة السياسية ليعود اسمه للتداول الإعلامي شهر أكتوبر الفارط، على مقربة من الرئاسيات الأخيرة والتساؤلات التي طُرحت حول ترشحه لهذا الاستحقاق الانتخابي ليعمق “السوسبانس” بصمته وعدم الفصل في الأمر وسط تأكيد المقربين منه وقتها أنه أكد على مسألة ترشحه بالقول إن الأمر “متروك للأيام” رغم دعوات مناصريه له بترشحه ليتأكد بعدها أنه لن يترشح ليعود للواجهة السياسية خلال تنصيب رئيس الجمهورية الجديد عبد المجيد تبون.
ويتخبط حزب جبهة التحرير الوطني في أزمة في ظل إصرار القيادة الحالية على البقاء في منصبها وسط مطالب من أعضاء اللجنة المركزية بضرورة رحيلها على خلفية موقفها من الرئاسيات بتبني خيار دعم المترشح عز الدين ميهوبي الذي تحصل على المرتبة الرابعة في هذا الاستحقاق الانتخابي بحيث أكد الأمين العام بالنيابة علي صديقي في تصريح سابق لـ”الجزائر” بأنه “شرعي وباق في منصبه وليس هناك ما يدفعه للرحيل من منصبه”، مستغربا من تحميله مسؤولية فشل خيار الحزب في إستحقاق 12 ديسمبر، والذي قال إنه جاء بعد استشارة واسعة لأعضاء اللجنة المركزية وليس قرارا ارتجاليا ولا انفراديا من طرفه غير أن أعضاء اللجنة متمسكين برحيله من باب أنه لا دور منتظر من القيادة الحالية المستمرة في تسيير الحزب وقيادته للهاوية، ومؤكدين أنه حان الوقت لترتيب “البيت الأفلاني” بعد الانتكاسات التي عرفها الحزب في الآونة الأخيرة بانتخاب قيادة جديدة تكون في مستوى التحديات التي تنتظر البلاد وبناء حزب تكون فيه الكلمة للمناضلين ولاي ُسير بالأوامر الفوقية من خارج الحزب وبسياسة الأمر الواقع من القيادة الداخلية .
غير أن القيادة الحالية تنتهج اليوم سياسة التودد والبحث عن التموقع وهو الأمر الذي كشف عنه بيانها الأخير والتي هنأت فيه الوافد الجديد إلى قصر المرادية وأبدت استعدادها للتعاون والعمل معه لرفع كل التحديات من أجل مصلحة الجزائر، وذكر الحزب في بيانه سابقا: “نغتنم هذه المناسبة لنعبر لكم عن دعم حزب جبهة التحرير الوطني لمسعاكم النبيل في خدمة الشعب وتحقيق مطالبه المشروعة كما نؤكد لكم عزمنا الراسخ واستعدادنا التام للمساهمة في تحقيق ما يطمح إليه الشعب الجزائري ويضمن له التقدم والنماء ونؤكد إستعدادنا للتعاون والعمل معه لرفع كل التحديات من أجل مصلحة الجزائر”.
بلخادم يثمن دعوة تبون للحوار
وفي سياق ذي صلة، ثمن رئيس الحكومة الأسبق عبد العزيز بلخادم دعوة الحوار التي أطلقها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون واصفا الأمر بـ”الخطة الإيجابية التي ستساهم في بناء الجزائر الجديدة” التي تحدث عنها الرئيس في خطابه، مؤكدا أن هذا الحوار لا يكون بشروط مسبوقة وهو الأمر الذي ذهبت إليه بعض الأحزاب السياسية، وأكد بلخادم، أن الحوار النزيه والجاد يكون بطرح القضايا للنقاش بما يساهم في الاستجابة لمطالب الشعب.
زينب بن عزوز