خرج ملايين الجزائريين إلى الشوارع في سادس جمعة، مطالبين برحيل النظام بكامله بدءا بالرئيس بوتفليقة وعائلته وكل أطراف الموالاة التي تخلت عنه في الساعات الأخيرة مؤيدة دعوة الجيش الوطني الشعبي لتطبيق المادة 102 بعد أن تخلت عن ورقة تمديد العهدة الرابعة. وإن كان الشارع مختلفا حول طريقة الانتقال والأطراف التي ستقوده إلا أن الجميع مجمع على أنه لابد من التخلص في النهاية من المنظومة السائدة ورموزها وفتح عهد جديد تبنى فيها مؤسسات جمهورية جديدة. وفي سادس جمعة إذن يحافظ الشعب على تجنده وفرض صوته على كل محاولات الالتفاف حول مطالبه أو المراوغة من أجل البقاء في السلطة تحت أي عنوان. وبين مؤيد بشروط لدعوة الجيش إلى ضمان انتقال سلس ضمن أحكام المادة 102 ورافض لها بحجة أنه لا يمكن أن نضمن نظاما جديدا ببقايا النظام القديم يبقى الشعب مصرا على الدفاع عن سيادته المنصوص عليها في المادة 07 من الدستور وحقه في طرد جميع من ساهم من بعيد أو قريب في إقامة ودعم نظام بوتفليقة.
شرع أمس منذ الساعة الثامنة صباحا آلاف الجزائريين في التجمع بساحة البريد المركزي وسط العاصمة، وهناك من قضى ليلة الخميس إلى الجمعة في الساحة رافعين شعار رحيل رموز النظام وبناء جمهورية جديدة، وللجمعة السادسة أظهر الجزائريون إصرارهم على تغيير النظام ورفض التطبيق غير المشروط للمادة 102 من الدستور التي تنص على شغور منصب رئيس الجمهورية واستخلافه برئيس مجلس الأمة، فيما فضل العشرات من الشباب قضاء ليلة بيضاء في ساحة البريد المركزي وسط العاصمة، هذا والتحق متقاعدو الجيش والمعطوبين في مقدمة المتظاهرين حاملين شعارات “نحن شهداء الميدان ووطني وطني أين حقي.”
ونفس الصورة صنعها المواطنون في كل ولايات الوطن أين خرج الملايين إلى الشوارع مطالبين برحيل النظام بكامله ورغم تدخل رئيس أركان الجيش لاقتراح حل للأزمة من خلال تطبيق المادة “102” من الدستور إلا أن الشارع لم يهدأ معلنين رفضهم التام لها مطالبين بتطبيق المادة 7 من الدستور معها، وجاء قرار القايد صالح في خرجته الميدانية إلى ورقلة، وكانت الأنظار متوجهة صوب قايد صالح، الذي قدم اقتراحا يتعلق بتطبيق المادة 102 من الدستور، لكن الجميع يعلم أن كلمة الجيش في مثل هذا الوضع لها قيمة كبيرة وأنه ترك بشكل أو بآخر الرئيس بوتفليقة.
وفي أعقاب خطاب الفريق قايد صالح في ورقلة، أدرك الجزائريون أن معركة طويلة تنتظرهم، فالنظام الذي لا يريدونه بعد الآن، لا يريد المغادرة بل يحاول ضخ دماء جديدة في جسده والبقاء، فأحمد أويحيى الرجل الذي شارك في نظام بوتفليقة أكثر من أي شخص آخر، أصدر بيانا يطلب فيه من بوتفليقة الاستقالة ويدعم طلب الفريق دون أن يطلب أي شخص رأيه، ليحاول ترتيب بيته للمرحلة القادمة، وكذلك الأمر مع عبد المجيد سيدي السعيد الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، الذي رحب بدعوة إقالة الرئيس بوتفليقة يضاف إليهما بيان قيادة الأفلان الجديدة وتاج وغيرها من الأحزاب والمنظمات التي كان إلى اللحظة الأخيرة تدافع عن نظام بوتفليقة. وفي انتظار رد فعل المجلس الدستوري على دعوة رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي تظل الجزائر في رحلة البحث عن مخرج للأزمة يحافظ على أمن وسلامة البلاد ويعيد الكلمة للشعب من أجل اختيار حر لمؤسساته الدستورية ويقضي على النظام القائم الذي لم يعد محل رضى الشعب.
رزاقي.جميلة