أثارت نتائج المهرجان الوطني للمسرح المحترف حفيظة العديد من المهتمين بالمسرح الجزائري، من متابعين، مختصين وحتى من الفنانين المشاركين في المنافسة الرسمية، والذين عبروا عن امتعاضهم الشديد عن النتائج التي لم تنصفهم، ومنهم حتى من طعن في أعضاء لجنة التحكيم المكونة من الرئيس الأستاذ الدكتور احسن ثليلاني، والأعضاء: المقرر الكاتب و المخرج المسرحي محمد شرشال، الفنانة الممثلة نسرين بلحاج ، المخرج المسرحي جمال عبدلي، الفنان التشكيلي، السينوغراف أرزقي العربي، حيث اعتبروا أنهم لم يكونوا في مستوى التطلعات.
وأمام هذا الوضع، سارع أعضاء لجنة التحكيم إلى نشر التقرير المفصل على حساباتهم الشخصية عبر “الفيس بوك”، ممررين رسائل مباشرة وصارمة أن القائمة التي احتكموا إليها تستحق التتويج، مؤكدين أن تقييمهم كان على أسس ومعايير مهنية فنية محضة، بعيدا عن مشاعر المحاباة و الجهوية المقيتة، وأعطت لكل مسرحية حقها من التحليل و المناقشة و التقييم، بإتباع منهج أكاديمي محكم مع الالتزام بالموضوعية، فالهدف هو الرقي بالمسرح، وليس لتكريس الرداءة والإصرار عليها.
وجاء في التقرير المفصل للجنة، أن اللجنة تابعت كل العروض المسرحية الثمانية عشرة، المشاركة ضمن المسابقة الرسمية للدورة 13 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف ( دورة صونيا)، والمنظمة من الدورة من 22 إلى 31 ديسمبر 2018، و قد حرصت على عقد جلساتها يوميا و بعد كل عرض لمناقشتها استنادا على معايير و مقاييس تم الاتفاق عليها وفق منهجية أكاديمية موضوعية.
على هذه المعايير قمنا بتقييم العروض المسرحية:
المعايير والمقاييس التي حددتها لجنة تحكيم المهرجان، تحددت في الفرجة الشاملة أو المتكاملة التي تتمثل في توظيف جميع أدوات الخطاب المسرحي ( تمثيل، نص، سينوغرافيا، كوريغرافيا إلخ…) باختصار الدعوة إلى المسرح الشامل مادام المسرح أب الفنون جميعا…؛ الجمع داخل العرض المسرحي بين الفائدة المعرفية والمتعة الجمالية ( المضمون و الشكل)، فضلا عن وضوح الرؤية الإخراجية من عدمها، البحث عن التجديد والحداثة الحقيقية؛ وسيميائية السينوغرافيا المتكاملة القائمة على الإثارة والإدهاش تجمع بين اللغوي والحركي والأيقوني لإمتاع الجمهور معرفيا ووجدانيا وحركيا؛ و تحديد وظيفتها في العرض.
وجاء في التقرير أيضا تحديد المنهاج الذي ينتهجه الممثلون في أداءهم ، و تقييمهم على أساس اختيارهم، وجودة الانسجام الجماعي و التناسق بين المؤدين، وكذا تشجيع النص الأصلي المؤلف و تفضيله على الاقتباسات و التراجم.البحث في ماهية، وظيفة و جمالية الموسيقى المستعملة في العرض و تقييمها على هذا الأساس.
وشدد التقرير على أن المناقشات كانت تجري بين الأعضاء بكل حرية و مسؤولية و موضوعية، و رغم كثافة البرنامج و كثرة العروض فإن لجنة التحكيم أعطت الوقت اللازم لكل عرض من النقاش و التحليل، حيث احتكم أعضاءها في ذلك إلى الضمير المهني خدمة للمصلحة المسرح الجزائري.
وهذه هي التوصيات والمقترحات:
وأبرز مضمون التقرير، أن لجنة التحكيم وبعد معاينتها لكل العروض المدرجة في المسابقة، استنتجت تباينا في مستوى هته العروض ما بين ضعيف، متوسط و جيد، حيث بدا جليا سقوط أغلب المسرحيات في الاستسهال ، العشوائية و التسرع في الإنجاز، كما أن بعض الأعمال المقترحة تفتقد إلى الفكر، و أن الخيارات الجمالية غير واضحة، فضلا عن ذلك فان بعض المسارح ارتجلت في إنجاز المسرحيات ومسابقة الزمن للمشاركة في المهرجان فقط، دون الوعي بدوافع إنتاجها و الأشكال المنتهجة.
أضف إلى ذلك فان لجوء بعض المسارح، أخلت بالنظام العام للمهرجان في مادته السابعة والذي يشير لأن يكون العمل جديدا وأن يكون قد أنتج في الإثني عشرة شهرا التي تسبق تاريخ انطلاق المهرجان، وقامت بإعادة إنتاج أعمال مسرحية قديمة دون مبرر لذلك، لقد لمست اللجنة اعتماد بعض المخرجين على الإضحاك المجاني المبتذل و الخطاب المباشر الخالي من كل حرفية ، كوسيلة لمغازلة الجمهور و التحايل عليه.
لجنة التحكيم لاحظت أيضا –ووفق ذات التقرير- سطو بعض الفنانين على اختصاصات غيرهم: كالسينوغرافيا، الكتابة، الإخراج و حتى التمثيل، وهذا دون أدنى تحكم في أدواتها. و نشير هنا إلى المخرجين الذين هم في نفس الوقت سينوغرافيي عروضهم، أو الكتاب الآتين من أجناس أدبية أخرى دون التمكن من أدوات الكتابة الدرامية.
في سياق آخر اقترحت لجنة التحكيم: تفعيل المادة 04 من النظام العام للمهرجان و التي تنص على تشكيل المحافظة للجنة من ذوي الاختصاص، الكفاءة لمعاينة، اختيار العروض التي تشارك في المنافسة، و ألا تكون مشاركة المسارح بطريقة آلية، مع إصرار على تشجيع الأعمال المتوجة بإعطائها الأولوية في المشاركات الدولية.
صبرينة كركوبة