أثارت التعليمات السبع التي أصدرها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في اجتماع مجلس الوزراء في الشأن التربوي الجدل وفتحت نقاش بين النقابات والمهتمين بشأن التربوي حول مدى إمكانية تطبيقها، خاصة إبعاد المنظومة التربوية عن الجدل السياسي وعدم المساس بالمناهج حاليا، وتوفير الوجبات الساخنة في المدارس ومواكبة الرقمنة، حيث شرعت النقابات في تحركات ولقاءات تشاورية لمناقشة القرارات، وتحضير للقاء الذي دعا إليه رئيس الجمهورية، مثمنين فتح سبل الحوار بين الحكومة ونقابات التربية.
نقابة عمال التربية: “قرارات صائبة لكن صعب تطبيقها على أرض الواقع”
قال المكلف بالإعلام لنقابة عمال التربية “أنستيو” نجيب محفوظ يحياوي، أن النقابة قدرت بأن القرارات السبعة التي اتخذها رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء “صائبة وتصب في صالح المدرسة الجزائرية والمنظومة التربوية لكن الإشكال ليس في اتخاذ القرارات إنما في تجسيدها وتطبيقها على أرض الواقع، مستدلا في مثال على قرار تقديم الوجبات الساخنة لتلاميذ الطور الابتدائي هو قرار له فائدة صحية على التلاميذ خاصة في المناطق النائية لكن تطبيقه يتطلب طباخين في كل المدارس الابتدائية وهذا يتطلب تدخل وزارة الداخلية ولن تستطيع توفيره في بعض المطاعم التي تفتقر إلى مطاعم أصلا”، مضيفا أن المدارس “تعاني من مشاكل اجتماعية كبيرة والمنظومة التربوية لا تحتاج إلى قرارات حبر على ورق، حيث الوزراء المتعاقبين على الحكومة تعاملوا بنفس الطريقة وبقي الحال نفسه”.
أما فيما يخص الرقمنة فيعقب المتحدث ذاته، أن المدارس “تفتقر حتى للسبورات والطاولات فكيف نقفز قفزة نوعية والجميع يعلم أنه ونحن في 2020 لا يتوفر في المدارس الجزائرية على أبسط الوسائل المادية، وهناك تلاميذ لا يجدون حتى طاولات وكراسي يجلسون عليها، وفي هذه الحالة الوصول إلى تكنولوجيا أمر بعيد، فالمدرسة لا تحتاج إلى قرارات بل تحتاج إلى وسائل وتكوين اطر في قطاع التربية يستطيعون تنفيذ هذا القرار الطموح”.
وقال نجيب محفوظ يحياوي إنه “منذ ثلاث سنوات تم تقليص ميزانية قطاع التربية إلى 60 بالمائة، وهناك مدارس لا تستحوذ على مبالغ المالية لطبع الفروض والامتحانات، فكيف لمجلس الحكومة يقرر مواكبة الرقمنة ؟”.
وأوضح فيما يخص ترقية شعبة الرياضيات والتقني الرياضي ورفع نسبة الالتحاق بالشعبتين، أن النقابة “نبهت الوزارة الوصية منذ سنوات إلى ضعف الكبير للتلاميذ في عدة مواد على رأسها الرياضيات التي تعتبر أم العلوم وتدرسها مرتبط بكل المواد الأخرى وحسن تلقين الرياضيات يكون بتغيير البرامج والمناهج الحالية والاعتماد على التفكير والتحليل والاستنتاج بدل التلقين، وذلك في تحليل قامت به النقابة لنتائج التلاميذ الفصلية للمواد ونتائج الامتحانات الرسمية”.
وفي شق آخر، قال المكلف بالإعلام في النقابة ذاتها، فيما يخص تحسين تدريس اللغة العربية “يجب دق ناقوس الخطر لماذا تعاني المنظومة التربوية من نقص في اللغة الأم”، موضحا أن ضعف البرامج الموجودة في اللغة الرسمية لا يكفي مناقشتها في مجلس وزاري بل البحث في الآليات ، فهذا يدل على ضعف المنظومة التربوية والإصلاحات التربوية المقررة، مشددا أنه “حان الوقت أن تكون لنا جرأة سياسية لقول الحقيقة ومصارحة الشعب أن الإصلاحات التي تطبق منذ 20 سنة هي إصلاحات فاشلة كان هدفها واضح وهو أبعاد عن الهوية الوطنية”.
وأضاف المتحدث ذاته، أنه “من الواجب التفكير في إنشاء لجنة وطنية تقييم الإصلاحات أو إلغائها وتقييم إصلاحات جديدة تكون منبثقة من طموحات الشعب الجزائري تحافظ على هوية مسايرة المناهج العالمية من أجل مواكبة التطور العلمي”، مضيفا أن الإصلاحات “يجب أن تكون جذرية في قطاع التربية بما فيها إعادة قيمة الأستاذ الذي يعتبر الأداة الحقيقية لإنجاح أي إصلاح تربوي والتجرد من كل الإيديولوجيات وإبعاد المدرسة عن كل تسييس”.
مسعود بوذيبة: “نثمن قرار مجلس الوزراء بإبعاد السياسة عن المنظومة التربوية”
من جهته، رحب المتحدث الرسمي باسم المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار، مسعود بوديبة، في اتصال لـ “الجزائر”، دعوة رئيس الجمهورية للحوار مع نقابات قطاع التربية، موضحا أنه “لا حل في القطاع التربية إلا بالجلوس على طاولة الحوار وفتح الملفات العالقة، مثمنا هذه الخطوة لأنه إذا لم يتم التعامل مع الشركاء النقابيين بهذه الطريقة لن يتم حل المشاكل المطروحة ويجب أن يكون حقيقة ميدانية مبني على التفاوض الفعلي لحل المشاكل”.
ويرى مسعود بوذيبة، أن قرار رئيس الجمهورية بعدم تغيير المناهج والبرامج الدراسية خلال السنة أمر عادي، بحجة أن تغيير المناهج يتطلب تقييم ودراسة مطولة، موضحا أنه “لا يمكن اتخاذ قرارات تعفسية وفجائية تزعزع استقرار المدرسة، وإنما يأتي بناء على دراسة واستقراء وتقييم فعلي حتى يتم وضع منظومة تربوية مخطط لها ذات أهداف ممنهجة لتصحيح الاختلالات الموجودة”.
وفي شق آخر، وبخصوص الدعوة إلى إبعاد المدرسة عن السياسة، يوضح المتحدث ذاته أنها “لن تتحقق إلا بتوفر إرادة سياسية تضع المدرسة بعيدا التجاذبات السياسية والايديولوجية”، مثمنا هذا القرار حيث اعتبره يحمي المدرسة الصراعات والظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
وكشف بوديبة أن النقابة بصدد التحضير للقاء الموعود الذي تظهره النقابات، حيث يحضرون لايدالع ملفات المطروحة للنقاش ، ومن بينها المطالبة بتعليمية جامعة مع خلق تأطير يخضع لتكوين متخصص قبلي وبعدي من أجل إدراك كل هذه المفاهيم اللازمة حتى تجنب المنظومة التربوية الولوج في الخلافات السياسية والصراعات الايديولوجية والتأثر بها.
عبد الوهاب زقار: “لا يمكن للحكومة تطبيق هذه القرارات على أرض الواقع”
وقال الأمين الوطني المكلف بالإعلام والاتصال بنقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، عبد الوهاب العمري زقار، أن قرارات رئيس الجمهورية “لم تأت بالجديد في قطاع التربية”، معتبرا أن القضايا التي تناولتها مثل ترقية الرياضيات “مواضيع قديمة على غرار الإجراءات الاستعجالية التي تتخذها من اجل تخفيف ثقل المحفظة وتمكين الطفل الجزائري من أن يعيش طفولته وذلك عن طريق إنشاء مدرسة نموذجية ووسائل ذهنية”، موضحا أن التلميذ الجزائري يعاني من “مشاكل كبيرة تعد عبئا على عقله كالمناهج والبرامج التربوية”.
وأضاف عبد الوهاب العمري زقار أن النقابة كانت تتمنى أن تفتح الحكومة “قرارا يخدم مصلحة المنظومة التربوية، مثل فتح ملفات إعادة النظر في المناهج والبرامج على الأقل من أجل البدء في لتحضير الإصلاح في المنظومة التربوية، وبيان مجلس الوزراء أتى بتوصيات للتكفل بالأوضاع المهنية والاجتماعية للمربي خاصة وأنها قررت التحول إلى مجتمع المعرفة”.
واستغربت ممثل هذه النقابة بخصوص تنصيب البكالوريا الفنية، طارحا التناقض الحاصل حول إلغاء الامتحانات الرسمية في المواد الفنية بما فيما الموسيقى والرسم والتربية البدنية قبل أيام قليلة، ومن ثم يقرر رئيس الجمهورية في مجلس وزراء إصدار بكالوريا فنية، على حد تعبيره.
وكشف المتحدث، عن عقد لقاءات تشاوريه تحضيرا للاجتماع الذي دعا إليه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من الحوار مع نقابات التربية، وهم بصدد إنشاء تقارير نهائية من أجل إيداع الملفات التي طالبوا بها على غرار فتح ملف إصلاح المنظومة التربوية بما يخفف العبء الذهني والمادي عند التلميذ وأعباء على الأولياء وكذا الأستاذة، وإعادة انظر في القانون الخاص، مطالبين أن يصبح مستقل عن الوظيف العمومي، والشبكة الاستدلالية ومنظومة المنح وتعويضات في قطاع التربية.
سبع قرارات حكومية تصب في الشأن التربوي
في المقابل، أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون عقب عرض قدمه وزير التربية، محمد واجعوط، بشأن القطاع على ضرورة إبعاد المدرسة عن السياسة وعلى منع الاجتماعات غير البيداغوجية في المدارس حتى تبقى المدرسة للتربية والتعليم فقط، مؤكدا أن المدرسة ليست حقل تجارب، بل يجب أن تكون مدرسة بشخصيتها الجزائرية، حتى لا نبني مجتمعا مقطوع الصلة بجذوره.
وأمر الرئيس بعدم تغيير المناهج والبرامج الدراسية خلال السنة الجارية، تفاديا لأي خلل في سير العملية البيداغوجية، وشدد على الرقمنة بدءا من الإبتدائي تماشيا مع متطلبات العصر، وضرورة الاهتمام بطرق التلقين، موضحا أنه ذلك من أجل تخفيف البرامج الدراسية وثقل المحفظة وتمكين الطفل من أن يعيش طفولته، حيث طالب تبون بالإعداد الفوري لقسم أو مدرسة نموذجية لاستعمال الأدوات البيداغوجية التكنولوجية مثل اللوحة الإلكترونية، الفلاش ديسك وغيرهما قبل تعميم التجربة على كل المدارس، بدل حمل حزمة كتب ثقيلة، وشدد على التغيير الفعلي وفي العمق.
وقال المتحدث ذاته، أن الوزارة ستعمل على ترقية شعبة الرياضيات والتقني الرياضي ورفع نسبة الالتحاق بالشعبتين المقدرة حاليا بـ 3.46بالمائة، مع اتخاذ تدابير تحفز التلاميذ على التوجه نحو شعب الرياضيات كإمكانية الالتحاق بتخصصات مطلوبة بكثرة مثل الطب والصيدلة. والرفع من نسبة التعليم التكنولوجي، البالغ حاليا 15.8بالمائة، مقارنة مع المعدل العالمي المقدر بـ 30بالمائة.
أميرة أمكيدش
الرئيسية / الوطني / قرارات مجلس الوزراء تحرك نقابات التربية:
لقاءات تشاورية للنقابات تحضيرا للحوار المطلوب
لقاءات تشاورية للنقابات تحضيرا للحوار المطلوب
قرارات مجلس الوزراء تحرك نقابات التربية:
الوسومmain_post