لا يزال الحوار الذي دعت له السلطة حبيس “الدعوة الشفهية ” فلم يتم الكشف عن من سيقوده في ظل رفض بن صالح ليفرض الحوار غير الرسمي نفسه على الساحة السياسية بعيدا عن الجلوس لطاولة الحوار وتجسيد حوار حقيقي من شأنه إخراج البلاد من حالة الأزمة التي تتخبط فيه هذا الحوار غير الرسمي مثلته المبادرات السياسية المتنامية العدد يوما بعد يوم وشروع بعض الأحزاب السياسية في سلسلة مشاورات وتحضير آخرين لعقد ندواتهم الوطنية ورفضهم في كل مرة لدعوة الحوار التي طرحتها السلطة وحتى الاستجابة لدعوات بعضهم ما يجعل من تجسيد طاولة الحوار بجمع الجميع حولها بالمهمة الصعبة.
من يحاور من؟
أول سؤال يطرح في دعوة الحوار التي أطلقتها السلطة هو من يحاور من؟ و من سيقود هذه العملية من جانب السلطة سيما بعد إجماع على رفض رئيس الدولة عبد القادر بن صالح للإشراف عليها هو الأمر الذي أبانت عنه الجولة الأولى من المشاورات التي دعا لها غير أنه غاب عنها هو ووجدت رئاسة الدولة نفسها تشاور نفسها مع أحزاب وشخصيات يعدون على الأصابع غير أن هذا لم يمنع رئيس الدولة في إطلاق دعوة ثانية هذه الأخيرة لاقت هي الأخرى رفضا من الطبقة السياسية ومختلف الفعاليات الممثلة في المجتمع لكون الدعوة جاءت من المصدر ذاته الذي قوبل بالرفض في السابق واليوم أيضا واشترطت رحيل البائين عبد القادر بن صالح و نور الدين بدوي لإنجاح هذه الدعوة التي بقيت محصورة عند الدعوة لا نعرف من يشرف عليها ولا يقودها من جانب السلطة ولا الجالسين لهذه الطاولة ولا حتى مذكرة وجهت للراغبين في المشاركة فيها ما يعني بقاءها في دائرة ” الدعوة الشفهية “.
أجندات مختلفة للحوار
ليس رحيل رموز النظام السابق وحده المعيق لدعوة الحوار التي أطلقها رئيس الدولة عبد القادر بن صالح مرة أخرى رغما فشل هذا الأخير في جولته الأولى وإنما الأجندات المختلقة التي ستناقش خلال هذا الحوار من الأجندة التي كشف عنها رئيس الدولة في آخر خطاب له بالتأكيد أنه يهدف بالأساس لوضع معالم خارطة طريق مهمتها المساعدة على تنظيم الاقتراع الرئاسي المقبل في جو من التوافق والسكينة والانسجام وقال “لذا فإني أدعو الطبقة السياسية والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية الغيورين على وطننا ومصيره أقول أدعوهم جميعا إلى اختيار سبيل الحوار الشامل وصولا إلى المشاركة في رسم معالم طريق المسار التوافقي الذي ستعكف الدولة على تنظيمه في أقرب الآجال أقول أدعوهم لأن يناقشوا كل الانشغالات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية القادمة والتوصل من ثم إلى وضع معالم خارطة طريق مهمتها المساعدة على تنظيم الاقتراع الرئاسي المقبل في جو من التوافق والسكينة والانسجام.”
غير أن هذه الأجندة وإن توافق بعض معها من أحزاب سياسية غير أنها مشروطة لدى البعض برحيل البائين بن صالح و بدوي فيما راح آخرون لرفض الحديث أصلا عن انتخابات رئاسية في الوقت الراهن من باب أن تنظيمها في ظل الظروف التي تعيشها البلاد إنما هو بقاء في الوضعية ذاتها و إنتاج نفس الممارسات و تمديد لعمر النظام الحالي و شددوا على ضرورة الذهاب لمرحلة انتقالية لترتيب الساحة السياسية وتوفير الأرضية الملائمة لتنظيم الاستحقاقات الرئاسية فيما أكد آخرون أنه من غير المقبول فتح حوار حول الرئاسيات المقبلة فقط في الوقت أن المرحلة تقتضي الحوار على عديد الملفات التي تشكل عوائق لإخراج البلاد من الأزمة .
المحلل السياسي سفيان صخري لـ “الجزائر”:
” كافة الجزائريين مع الحوار ولكن بشروط “
واعتبر المحلل السياسي سفيان صخري أن لا يوجد رافض للحوار والجميع يعتقد أنه الوسيلة الأمثل للخروج من حالة الأزمة والجمود والانسداد اللذين تتخبط فيهما البلاد منذ أكثر من أربعة أشهر غير أن الجميع يريد حوارا حقيقيا يفضي حقيقة لحل الأزمة تسبقه استجابة لمطالب الشعب من ضرورة رحيل رموز النظام السابق وتعيين شخصية وطنية أو هيئة مكونة من شخصيات نزيهة تتمتع بالمصداقية لقيادة هذا الحوار وهو أمر قال إنه يؤكد النية الحسنة للذهاب لحوار حقيقي.
وأضاف صخري في تصريح ل ” الجزائر” أمس:” مطلب الحوار إجراء إلزامي بغرض رسم معالم المرحلة القادمة والجزائريون مع الحوار بدليل أنهم شرعوا في ذلك مبكرا من مناقشات و منصات للحوار و النقاش بين المشاركين في الحراك و لا أظن أنه يوجد شخص ضد الحوار غير أن القبول بذلك يكمن في توفير بعض الشروط و التي من شأنها المساهمة في إنجاحه ” و تابع ” المشكل ليس في الحوار وإنما فيمن ينظمه ومن يشرفون عليه فمطالب الشعب واضحة وشروط الطبقة السياسية ومختلف فعاليات المجتمع أيضا واضحة للجلوس لطاولة الحوار .”
و شدد في السياق ذاته على الجميع الخروج من سياسة التخوين التهم الجاهزة و الجلوس لطاولة الحوار بعد رحيل الباءات و توفير الأرضية الملائمة لذلك.
زينب بن عزوز