إذا تبنى سكان العالم نمطا غذائيا واحدا يعتمد على تناول النباتات فقط بحلول عام 2050، سينخفض عدد الوفيات في العالم بنحو سبعة ملايين شخص كل عام، كما سيساهم أيضا النظام الغذائي المعتمد على تجنب تناول جميع أنواع اللحوم وجميع منتجاتها، في تقليص عدد الوفيات بنحو مليون شخص آخر.
وستنخفض أيضا نسبة انبعاثات الغازات الضارة في الجو المتعلقة بإنتاج الغذاء بنحو 60 في المئة، وذلك وفقا للباحث ماركو سبرنغمان، وهو زميل برنامج “مستقبل الغذاء” بكلية مارتن سكول بجامعة أكسفورد. هذا ما قد يحدث إذا تخلى الناس عن تناول اللحوم الحمراء، التي تأتي من الماشية المسؤولة عن انبعاث غاز الميثان في الجو من خلال ما تنتجه من روث.
لكن المزارعين في الدول النامية قد يعانون من ذلك كثيرا، فالمراعي القاحلة وشبه القاحلة لتربية الماشية، كما في المنطقة التي تعرف باسم الساحل الأفريقي بجوار الصحراء الكبرى، لا يمكن استخدامها إلا في تربية الماشية، وربما تجبر جماعات البدو التي تربي الماشية هناك على الاستقرار بشكل دائم، بالتالي تفقد هويتها الثقافية إذا لم تعد هناك حاجة للحوم هذه الماشية. كما أن إعادة تجهيز المراعي السابقة وتحويلها إلى غابات طبيعية قد يخفف من حدة التغيرات المناخية، ويعيد التنوع البيولوجي إلى وضعه السابق، بما في ذلك الحيوانات التي تتغذى على العشب مثل الجاموس، والحيوانات المفترسة مثل الذئاب، والتي كانت قبل ذلك تطارد أو تقتل من أجل الحفاظ على الماشية.
كما سيحتاج كل العاملين حاليا في الصناعات المرتبطة بتربية الماشية إلى إعادة تأهيل مهني من أجل العثور على عمل جديد، وقد يكون ذلك في مجال الزراعة، أو إعادة تشجير الغابات، أو في إنتاج الطاقة البيولوجية. وقد تؤدي عدم القدرة على توفير وظائف جديدة للعاملين في هذه الصناعات إلى بطالة جماعية كبيرة، واضطرابات اجتماعية، وخاصة في المجتمعات الريفية التقليدية. وسيؤدي التخلص من الحيوانات، مثل الأغنام، إلى نتائج سلبية تنعكس على مسألة التنوع البيولوجي، لأن رعي هذه الحيوانات ساعد في تمهيد الأرض وإعادة تشكيلها على هذا النحو منذ قرون، وبالتالي يمكن أن تدفع أموال للمزارعين من أجل البقاء على تربية الأغنام لأغراض بيئية فقط.
وسيؤدي هذا السيناريو أيضا إلى عدم تناول الديك الرومي في أعياد الميلاد، فالتخلص من اللحوم يعني أننا قد نفقد بعض التقاليد التي نحبها. كما أن بعض المجتمعات حول العالم تقدم هدايا في صورة ماشية وأغنام في مناسبات الزواج وبعض الحفلات الأخرى. ويقول بن فالان من جامعة كمبريدج البريطانية إن ذلك من بين الأسباب التي تساهم في “تعثر الجهود التي تهدف إلى الحد من استهلاك اللحوم”.
كما سيؤدي غياب اللحوم إلى تراجع فرص الإصابة بمرض القلب التاجي، والسكري، والسكتة الدماغية، وبعض أمراض السرطان، وبالتالي سيوفر للعالم ما بين اثنين إلى ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وما يُنفق على علاج هذه الأمراض. لكننا بلا شك سنحتاج إلى بدائل غذائية أخرى لتحل محل اللحوم، وخاصة لهؤلاء الذين يعانون من سوء التغذية حول العالم، والذين يقدر عددهم بملياري نسمة. فالمنتجات الحيوانية تحتوي على الكثير من العناصر الغذائية لكل سعر حراري أكثر مما تحتويه السلع الغذائية الرئيسية الأخرى، مثل الحبوب والأرز.