الأحد , ديسمبر 22 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الوطني / أول من وحد كل الأطياف وابتعد عن المسائل التي تشتت الصف:
“مؤتمر للإجماع الوطني وملهم لوضع الجزائر اليوم”

أول من وحد كل الأطياف وابتعد عن المسائل التي تشتت الصف:
“مؤتمر للإجماع الوطني وملهم لوضع الجزائر اليوم”

تحتفل الجزائر اليوم بذكرى انعقاد مؤتمر الصومام في 20 أوت 1956، وهو المؤتمر الذي أحدث أول إجماع وتوافق بين كل أطياف المجتمع الجزائري، وابتعد عن مناقشة المسائل التي من شأنها إحداث صدامات داخل هذا الإجماع لأن الهدف كان محددا وهو طرد المستعمر، والوعاء الذي احتضن الجميع هي الجزائر لا غيرها بدون ولاءات لأية جهة أخرى، وهو ما تحتاجه اليوم حسب العديد من المحللين السياسيين والمؤرخين لبناء “الوفاق” أو “الإجماع” الذي تدعو إليه الأطياف السياسية في الساحة الوطنية اليوم، لكن شريطة اعتماد نفس مبادئ المؤتمر، وهو مشاركة الجميع دون إقصاء لأي طرف مهما كان، والابتعاد عن طرح المسائل التي تفشل المشروع.
وفي هذا الصدد يقول المؤرخ رابح لونيسي، ل”الجزائر”، إن مؤتمر الصومام يعد أول إجماع أو توافق بين كل الجزائريين بكل أطيافهم منذ دخول الاستعمار، و قال أن أول محاولة لإحداث هذا التوافق جربت في 1948 من قبل حركة أحباب البيان والحريات، لكنها فشلت بعد الأحداث التي شهدتها تلك المرحلة، لكنه بمجيء عبان رمضان أراد أن يجمع كل الأمة، وجعل من طرد الاستعمار مسالة الأمة بأكملها بكل ألوانها، وهنا بدأ يتصل بجمعية العلماء المسلمين، وبفرحات عباس، والمصاليين وجميع الأطياف التي كانت آنذاك، من أجل انضمامهم للثورة، ويقول أستاذ التاريخ بجامعة وهران أن عبان رمضان هو أول من حقق أول إجماع وحضًر لعقد مؤتمر الصومام، وبفضل هذا الإجماع تمكنت الثورة من طرد المستعمر، ويرى المؤرخ انه بالنسبة للجزائر اليوم فهي مأزق وهي بحاجة لإعادة بناء الإجماع الذي أتى به مؤتمر الصومام واعتماد نفس مبادئه وهو إشراك الجميع دون إقصاء أي طرف مهما كان سواء من السلطة أو المعارضة أو أية جهة كانت.
أما المؤرخ لحسن زغيدي، فيرى أن مؤتمر الصومام وجد هذه الأطياف موحدة قبل انعقاده نتيجة العمل السابق، فبعد هجمات 20 أوت 1955 تبين الخيط الأبيض من الأسود لبدر الثورة، و أصبح أمام الشعب خياران إما التضحية من أجل الاستقلال أو الخضوع للمستعمر، ولذا بدأت هيكلة الشعب لأنه لا يمكن لمؤتمر الصومام حسب المؤرخ أن ينعقد وأن يضع خارطة طريق دون هيكلة للشعب، فقد سبق المؤتمر تحضيرات لهذه الهيكلة وتبنى مبادئ أول نوفمبر الذي نص على الانضمام بشكل فردي لجبهة التحرير الوطني وهذا ما حدث حيث انضمت جمعية العلماء المسلمين ثم فرحات عباس وانتصار الحريات والأحرار والبقية الآخرين تباعا وصولا إلى الطبلة وغيرهم ، وأمام هذه الهيكلة يقول زغيدي التي دامت ل5 أشهر استكملت شروط نجاح المؤتمر.
وبخصوص وضع الجزائر اليوم في ظل الأزمات والانقسامات، يرى المؤرخ انه لا يمكن النهوض بالبلاد، وبنائها إلا بعد بناء جيل وطني يأخذ تكوينه ويتغذى بالثقافة التاريخية المبنية على الذاكرة الوطنية.

علاقة العسكر بالسياسية
يتحدث الكثيرون عن علاقة العسكر والجيش بالسياسة وكيف كان يسيطر رجال السياسة في توجيه الثورة وعلاقة ذلك بمؤتمر الصومام وكيف انقلبت المعادلة في اجتماع القاهرة في أوت 1957 الذي رجح كف ميزان العسكريين على السياسيين في تسيير الثورة وبعدها على تسيير البلاد بعد الاستقلال إلى اليوم، غير أن المؤرخين يعتبرون أن هناك مغالطة كبيرة وقعت في هذا الشأن، حيث يقول المؤرخ لونيسي، أن مؤتمر الصومام لم يطرح علاقة العسكري بالسياسي بل طرح مسالة السياسة، وما وقع أنه استعمل مصطلح بالفرنسية وأثناء ترجمته في اجتماع القاهرة ترجم خطئا وكأن المؤتمر أعطى الأفضلية للسياسي على العسكري، وفي الواقع أن هدف الثورة هو سياسي ويتمثل في طرد المستعمر، وأداة ذلك هو العمل العسكري فمؤتمر الصومام لم يفصل السياسي عن العسكري لأنهما عاملان متكاملان، فقادة المناطق العسكرية كانوا عسكريين وسياسيين في نفس الوقت لأن عملهم يتطلب السياسة أيضا، ويقول المؤرخ أن ما حدث في القاهرة أن هناك بعض الأطراف كبن بلة وحتى مصر في حد ذاتها، أغضبهم مؤتمر الصومام لأن أرضيته كانت واضحة وكانت ترفض أن تكون الجزائر إلا جزائرية، و ليست تابعة لا لموسكو، ولا لواشنطن و لا لمصر و لا لباريس، ومصر كانت تريد أن تسيطر على الثورة التحريرية، وبالتالي خلقوا هذا الجدل بين العسكري و السياسي.
واعتبر أن تحكم العسكر في السلطة بدأ في 1959 أين تم عقد اجتماع ما يعرف ب”العقداء العشر”، بعد أن عجزت حكومة فرحات عباس عن حل المشاكل الكثيرة التي كانت تواجهها، فتدخل هؤلاء العقداء العشر لحل مشاكل الثورة، ومن ثمة أصبحت في كل مرة يستعينون بالعسكر الذي تحول في الأخير إلى الفاعل الأول والمتحكم في السلطة في الجزائر إلى يومنا هذا-على حد قوله.

مسالة الهوية “مفروغ منها”
وفي رده عن سؤال حول عدم تطرق مؤتمر الصومام لمسالة الهوية-العربية، الامازيغية و الإسلام-في بيانه، وإن كان هذا تجاهلا منه لهذه المسالة، آو فقط تم تأجيلها، قال المؤرخ زغيدي، أن الثورة لم تؤجل ولم تتجاهل ولم تطرح هذه القضايا لأنها بالنسبة لها أمر مفروغ منه بالنسبة للمجتمع الجزائري المكون من الامازيغي والعربي ودينهم الإسلام، ولأن قادة الثورة ما فكروا يوما ولا ناقشوا هذا الأمر لأنهم يعتبرون من يناقشه خائنا ويعدم، ولا يمكن مناقشة المسألة مادام هناك إخوة إضافة إلى وجود مستعمر، لأن الحرية كانت هي الهدف والوعاء الذي كان يجمعهم هي الجزائر وفقط .
أما المؤرخ لونسي فيرى أن المجتمع إذا أراد أن يقضي على حركة وطنية يطرح مسالة الهوية، لذا لم يكن لتطرح في مؤتمر الصومام، لكنه طرحها بطريقة أخرى حينما قال أن الجزائر لن تكون تابعة لأية جهة كانت، لا لمصر و لا موسكو و لا باريس ولا غيرها تابعة فقط لنفسها للجزائر، أي أن الهوية هي الهوية الجزائرية، وهي ما تحتاجه الجزائر اليوم-يقول المتحدث- للخروج بتوافق و إجماع وطني يخلصها من الوضع التي تعيشه.
رزيقة.خ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super