شرع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس في زيارة إلى تونس، تدوم يومين. وتكتسي هذه الجولة طابعا سياسيا واقتصاديا وإقليميا خاصة في الشق المتعلق بليبيا .
وتنظر باريس لتونس كباب من أبواب حل الأزمة في هذا البلد الجار، لوقف إغراق أوروبا بمراكب المهاجرين غير شرعيين القادمين من أفريقيا، فضلاً عن التهديدات الأمنية التي تسببها الجماعات المسلحة الارهابية التي تتغذى على الفوضى المستمرة في ليبيا.
و لأن ما يجري في ليبيا يهم فرنسا كثيرا ،لأنها طرف سابق في التعقيدات والاضطرابات التي تعيشها اليوم،فهي تريد أن تكون أيضا طرفا في الحل، المرتبط أيضا بوجود دول الجوار خاصة تونس ومصر والجزائر، وهؤلاء الثلاثة يسعون بدورهم لحل المسألة الليبية.
وتعتمد فرنسا على مجموعات اقتصادية مرتبطة بها سياسيا في تونس، يمكنها أن تؤثر في المشهد السياسي في البلاد .
وتصنف تونس كالجزائر والمغرب بأنها لا تزال دائما حديقة خلفية للمصالح الفرنسية ومن بينها المصالح في ليبيا، لذلك فمن الطبيعي أن تهتم باريس للوضع في كل بلدان المغرب العربي خاصة الجوار الليبي.
ويخشى أصحاب القرار في فرنسا من استمرار الانفلات في ليبيا وتزايد عدد المهاجرين الغير شرعيين عبر قوارب الهجرة، وتوغل الإرهابيين بينهم لتهديد الأمن القومي الفرنسي.
ويصطحب ماكرون معه زوجته إلى جانب وفد كبير يضم نحو مائتي رجل أعمال وشخصيات سياسية منهم وزير الخارجية ووزير الاقتصاد والماليّة ووزير التربية ووزيرة التعليم العالي والبحث والتجديد، وكتاب دولة وعدد من المستشارين، و4 نواب من مجموعة الصداقة التونسية الفرنسية من بينهم نائبتان من أصول تونسية ،ومديري الوكالة الفرنسية للتنمية باعتبار أن الزيارة تتزامن مع انعقاد المنتدى الاقتصادي التونسي-الفرنسي.
وتعد الزيارة الأولى من نوعها إلى تونس منذ توليه كرسي الرئاسة في فرنسا والثالثة إلى العالم العربي بعد المغرب والجزائر.
و تحمل الزيارة الكثير من المبادرات والاتفاقيات في شتى المجالات خاصة في مجال الحرب ضدّ الإرهاب وكذلك العديد من الاستثمارات وذلك من أجل مزيد تعزيز التعاون الثاني بين البلدين..
وهو ما يعني أن الزيارة ستتخذ أساسا طابعا سياسيا واقتصاديا، فيما تعول الحكومة التونسية على فرنسا في مساعدتها بتجاوز الأزمة الاقتصادية ،
ويرى متابعون للشأن التونسي أن زيارة ماكرون قد تسهم في معالجة ملف الديون الفرنسية المتراكمة لدى تونس.
و تطالب تونس منذ سنوات بتحويل ديونها إلى استثمارات فضلا عن تشجيع الاستثمارات الفرنسية في تونس ودعم قطاع السياحة الذي يعتمد عليه الاقتصاد التونسي للنهوض بالبلاد.
وذكرت صحيفة الصباح التونسية، أن الحكومة التونسية تريد الاستفادة من الزيارة للتوصل إلى حل للدين، وأعلنت أن قسمًا من الدين بقيمة 30 مليون يورو سيتم تحويله إلى مشاريع استثمارية، لكن باريس لم تؤكد هذا المبلغ .
وقال الإليزيه، إن باريس تسعى أيضًا إلى سبل لمساعدة الحكومة التونسية على تقليص البطالة، التي لا تزال تتجاوز نسبة الـ 15% وتفوق الـ 30% لدى المتخرجين من الشباب، رغم تحسن النمو في 2017 بـ 2%.
وتمت دعوة المؤسسات الفرنسية إلى العودة إلى الاستثمار بشكل مكثف في تونس. وتقرر أن يتم توقيع اتفاق لتحسين التعاون في مكافحة الإرهاب، في الوقت الذي لا تزال فيه حالة الطوارئ سارية بعد عامين على إعلانها إثر اعتداءات دامية لإرهابيين من بينها الهجوم على متحف باردو .
وتفضل باريس التفاوض مع دول المغرب العربي منفصلة عن بعضها بعيدا عن تكتل المغرب العربي،وتمييز بين التعامل كل منها بالنظر لكثير من الحسابات، لكنها من جهة أخرى تنظر الى مستعمراتها القديمة أنها ارض خصبة للاستثمارات الفرنسية التي تريد أن تستأثر بالجانب الأكبر من فوائدها.
رفيقة معريش
وسط أنباء عن تأجيل لزيارته للجزائر:
الوسومmain_post