استهل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته إلى الجزائر بإطلاق إشارات إيجابية بخصوص بناء علاقات جزائرية فرنسية قائمة على الندية والتعاون وقاعدة رابح-رابح في ظل ” انقلاب ” الرئيس الفرنسي على موقفه السابق بخصوص الإستعمار الفرنسي الذي وصفه بـ ” الجريمة ضد الإنسانية “.
استبق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قدومه إلى الجزائر في أول زيارة رسمية بإجراء مقابلة مشتركة مع الزميلتين ” الوطن ” الناطقة بالفرنسية و”الخبر”، في عدد أمس، حيث عبر ماكرون على شعوره حول زيارته إلى الجزائر في ثوب رئيس للجمهورية بالقول ” أنا هنا في الجزائر بصفتي صديقا، وشريكا بناء يرغب في تعزيز الروابط بين بلدينا خلال السنوات القادمة، من أجل إثمار علاقاتنا الكثيفة “، وأضاف “العلاقات الجديدة التي أود بناءها مع الجزائر والتي أقترحها على الطرف الجزائري هي علاقة شراكة ند للند، نبنيها على أساس الصراحة والمعاملة بالمثل والطموح” فيما تلقي مسألة الاستعمار 130 عاما للجزائر (1830-1962) بثقلها على هذه العلاقات “. ولفت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أنه “على الجزائر أن تنفتح أكثر “. مضيفا في نفس السياق ” هناك العديد من العراقيل التي تعيق الاستثمار في ما يتعلق بمراقبة المساهمات وقواعد سعر الصرف في الجزائر” فيما تبقى فرنسا أكبر جهة مشغلة في الجزائر لكنها بدأت تخسر حصصها في السوق أمام الصين ودول أخرى “. وقال الرئيس إيمانويل ماكرون “على فرنسا أن تبني مع الجزائر محورا قويا، محورا أساسه الحوض المتوسط ويمتد إلى إفريقيا. بالطبع هناك صعوبات، ولكن يجدر بنا أن نتجاوزها مع كل الفاعلين في مجتمعينا، ومن أجل هذا علينا أن نعمل معا في مجالات التربية وتطوير الاقتصاد والمبادلات الثقافية “.
“الحوار بين الجزائر والمغرب أمر رئيسي حول قضية الصحراء الغربية”
وفي نفس الحوار اتخذ الرئيس الفرنسي موقفا جديدا لم ينتبه له الكثيرون عندما سئل حول سبب وقوف الجانب الفرنسي إلى ناحية الموقف المغربي بخصوص قضية الصحراء الغربية ” فرنسا تدعم مبادرة الرباط للحل وهي الحكم الذاتي “، رد الرئيس الفرنسي ماكرون، قائلا ” نحن نقف على مسافة متساوية من الطرفين وموقفنا معروف ولم يتغير، ولن يتغير “، وشدد ماكرون على أن ” الحوار بين الجزائر والمغرب حول قضية الصحراء الغربية أمر رئيسي “، مضيفا ” على بلديكم معا، وبدعم من المجتمع الدولي، أن يعملا على حل هذه الأزمة، التي يعد حلها تحديا كبيرا من أجل اندماج المغرب العربي، فهي سبب انسداد اقتصادي كبير في المنطقة “. وتابع المتحدث ” أتمنى أن يتمكن المغرب والجزائر من تخطي خلافاتهما من أجل بناء صرح مغاربي قوي، موحد ومزدهر “.
ماكرون يتعهد بتسليم جماجم المقاوميين للجزائر
أبدى الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، إستعداده لتسليم الجزائر جماجم المقاومين الجزائريين الذين قتلوا في خمسينيات القرن التاسع عشر (1850)، والتي يتم الاحتفاظ بها في متحف “الإنسان” في باريس.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في حوار للموقع الإخباري ” كل شيئ عن الجزائر ” على هامش زيارته إلى الجزائر ” أتمنى أن نعيد إحياء علاقات الذاكرة بين البلدين “، مضيفا بأنه ” مستعد لإتخاذ قراره بخصوص إعادة الجماجم إلى الجزائر “.
الصحفيان الفرنسيان المغتالان في مالي في أجندة الزيارة
في موازاة ذلك، عبرت رابطة “أصدقاء غيسلان دوبون وكلود فيرلون” الصحافيين من إذاعة فرنسا الدولية “أر أف أي” اللذين قتلا في مالي في 2013 عن أملها في أن تؤدي زيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر إلى دفع التحقيق قدما، فيما يشتبه قضاة التحقيق بأن القتلة المشتبه بهم لا يزالون في جنوب الجزائر حسب وكالة الأنباء الفرنسية.
فرنسا تعول على الجزائر في استقرار مالي
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية جزء مما سيتناوله الرئيس ماكرون في زيارته إلى الجزائر حيث كتبت تقول ” خلال محادثاته مع القادة الجزائريين وبينهم رئيس الوزراء أحمد أويحيى، سيتطرق الرئيس الفرنسي الى الازمات في منطقة الساحل وليبيا والتي تثير قلق باريس والجزائر “، وأضافت ” وسيحاول ماكرون تسريع نشر القوة المتعددة الجنسيات في منطقة الساحل (تشاد والنيجر ومالي وبوركينا فاسو وموريتانيا) خلال اجتماع يعقد في 13 ديسمبر في باريس “، مشددة على أن ” الجزائر التي لها نفوذ في المنطقة تولت رعاية محادثات لفترة طويلة أفضت عام 2015 إلى اتفاق سلام في مالي يواجه صعوبات في تطبيقه، ما تسبب بنفاد صبر باريس “، معتمدة على تصريح سابق للرئيس ماكرون عندما قال ” أنا أنتظر تعاونا تاما من قبل جميع من يشاركنا الهدف ذاته وهو السلم المستدام في مالي. وبالفعل أتوقع الكثير من الجزائر في هذا المجال “.
إسلام كعبش